نشر موقع "دويتشه فيله" الألماني تقريرا سلط فيه الضوء على
الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق. فإلى حد الآن، لا يوجد أي وحدة سياسية
في العراق، فضلا عن أن أغلب الأحزاب المشاركة ضعيفة جدا ولن تتمكن من استقطاب
الناخبين.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن فشل
النظام السياسي في العراق في السابق قد نتج عنه بروز تنظيم الدولة. ويتوقع معظم
السياسيين العراقيين أنه في حال باءت محاولات توحيد صفوف البلاد بالفشل، ولم تتحقق
المساواة بين المواطنين كافة ومختلف الطوائف، فإنه من المرجح أن ينتشر التطرف مرة
أخرى. وقد يؤدي حدوث أي اضطرابات في هذه المرحلة الحرجة إلى عرقلة الانتخابات
المزمع عقدها في منتصف أيار/ مايو المقبل.
وأكد الموقع أن وضع القوى السياسية في العراق قبل أربعة أشهر فقط من
انطلاق الانتخابات البرلمانية، لا يبعث على التفاؤل. فالأحزاب كافة على الساحة
السياسية مشتتة، حتى داخل المعسكرات السياسية الثلاثة في البلاد، الشيعة والسنة
والأكراد، حيث إن مختلف الفصائل داخل المعسكر الواحد لا تبدي استعدادها للتعاون مع
نظرائها.
وذكر الموقع أن المعسكر الشيعي يعد من أكثر المعسكرات انقساما في
العراق، فهو يضم قرابة 70 حزبا وفصيلا، وداخل هذه الأحزاب والفصائل توجد العديد من
التكتلات السياسية. ويعتبر حزب "الدعوة الإسلامية"
الأكبر بين هذه الأحزاب، الذي ينطوي تحته أكبر التيارات الشيعية في العراق، التي
تتنافس فيما بينها في الوقت ذاته.
وأفاد الموقع بأن أكبر التيارات الشيعية
يقودها رئيس الوزراء العراقي الحالي، حيدر العبادي، الذي حظي بمكانة كبيرة خلال
الفترة الماضية، بعد دوره الملموس في هزيمة تنظيم الدولة بالتعاون مع حلفائه، وقد
عرف هذا التحالف فيما بعد باسم "تحالف النصر". وهنا يظهر الدور الذي
ستؤديه "هزيمة تنظيم الدولة" في الانتخابات القادمة، حيث شكل عدد من
القوى الشيعية، التي شاركت في الحرب ضد تنظيم الدولة، أحزابا سياسية عديدة بهدف
خوض الانتخابات البرلمانية.
وأبرز الموقع أن "تيار الحكمة" هو
ثاني أكبر التيارات الشيعية، لكنه لم يستطع حتى الآن أن يحجز مكانه كقوة سياسية
على الساحة العراقية. في الوقت نفسه، يحاول تيار الحكمة الحفاظ على المسافة التي
تفصله عن التيار الشيعي الآخر القوي بقيادة رئيس الوزراء العراقي السابق، نور
المالكي.
وأشار الموقع إلى أن مقتدى الصدر يقود ثالث
أكبر التيارات الشيعية في البلاد. لكن يختلف منهج هذا التيار عن باقي التيارات
الشيعية الأخرى، حيث يسعى لتأسيس تحالف "تكنوقراطي" في المجالات كافة.
علاوة على ذلك، يطمح هذا التيار للتخلص من الانقسامات العرقية والطائفية كافة التي
انتشرت في البلاد منذ الاحتلال الأمريكي سنة 2003.
وأضاف الموقع أن معسكر السنة في العراق
يعد ضعيفا نسبيا بسبب توزيع السكان. وقد أدت هزيمة تنظيم الدولة إلى حدوث
انقسامات عديدة داخل معسكر السنة، حتى إن بعض التقديرات تشير إلى وجود 50 فصيلا فرعيا في صلبه. ويعد "الائتلاف الوطني العراقي" التيار الأقوى داخل
السنة، بقيادة نائب رئيس الجمهورية، إياد علاوي. والجدير بالذكر أن هذا الائتلاف
وحده يتكون من 30 فصيلا مختلفا، شاركت بعضها في الحرب ضد تنظيم الدولة. وبعد
هزيمة التنظيم اتحدت هذه الفصائل في قائمة واحدة.
وأورد الموقع أن قاعدة الناخبين السنة تشتت
بشكل كبير في البلاد، نظرا لنزوح أغلب السنة إلى غرب العراق، إما هربا من تنظيم
الدولة أو بسبب الحملة التي تشنها الحكومة ضد "السنة" المتطرفين. ولهذا
السبب، يدعو غالبية السياسيين السنة إلى تأجيل الانتخابات حتى عودة النازحين إلى ديارهم.
وأوضح الموقع أن معسكر الأكراد هو الأكثر
ترابطا بين المعسكرات السياسية الثلاثة في العراق. ففي الواقع، يمتلك الأكراد 60
مقعدا ثابتا في البرلمان، فضلا عن انتشارهم داخل الوزارات العراقية. وبعد تبدد
حلمهم في نيل الاستقلال، فقد الأكراد الكثير من زخمهم السياسي. وينضاف إلى ذلك،
انسحاب القائد الكردي مسعود بارزاني من المشهد السياسي، فضلا عن وفاة الرئيس
السابق للعراق، جلال طالباني، الكردي الأصل.
وبين الموقع أن الاتحاد الوطني الكردستاني
والحزب الديمقراطي الكردستاني هما الكتلتان البارزتان في المعسكر الكردي. ومن
المستبعد أن يحدث أي تحالف بينهما، نظرا لغياب القواسم السياسية المشتركة بين
الحزبين. ما يعني أنه لم يعد هناك وجود لأي تحالف قوي بين القوى السياسية الكردية
كما كان في الماضي.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الشيوعيين
دخلوا اللعبة السياسية في العراق، وينوون خوض الانتخابات البرلمانية القادمة، وقد
انضمت إليهم عدة تيارات أخرى "لا دينية"، إلا أن فرصهم في استقطاب
الناخبين ما زالت ضئيلة.