أثار إصرار رأس النظام في مصر عبدالفتاح السيسي، على
استمرار رئيس وزراء حكومته شريف إسماعيل، رغم مرض الأخير وحالته الصحية التي قد لا
تمكنه من القيام بمهام المصلحة الوطنية وإدارة شؤون الدولة، أثار العديد من الأسئلة.
ورغم أن السيسي أوكل مهمة إدارة شؤون الحكومة لوزير الإسكان مصطفى
مدبولي، منذ 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وكانت التوقعات تسير باتجاه تغيير
إسماعيل، بمدبولي، مع التغيير الوزاري الذي تم الأحد، إلا أن السيسي أبقى عليه؛ ما
زاد من التكهنات حول إبقاء السيسي لرئيس حكومة مريض بإدارة شؤون البلاد في فترة مهمة وقبل انتخابات الرئاسة.
ووزارة إسماعيل وزير البترول السابق، هي الوزارة الثالثة والعشرون
بعد المائة في تاريخ مصر، وتشكلت بعد تقديم رئيس الوزراء إبراهيم محلب، استقالة
حكومته في 12 أيلول/سبتمبر 2015، ليؤدي إسماعيل وحكومته اليمين الدستورية بعدها
بأسبوع.
وشهدت حكومة إسماعيل 3 تغييرات كانت الأولى لـ10 وزراء، في 23
آذار/مارس 2016، ثم تغيير 9 وزراء في 16 شباط/فبراير 2017، لتشهد الوزارة التغيير
الثالث والأصغر الأحد، 14 كانون الثاني/يناير 2018 بتغيير 4 وزراء فقط.
وأبلغ السيسي، مجلس النواب، الأحد، بتولي اللواء أبو بكر الجندي،
رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، منصب وزير التنمية المحلية، وإيناس عبد
الدايم، حقيبة وزارة الثقافة، ورانيا المشاط، منصب وزير السياحة، وخالد محمد علي،
حقيبة قطاع الأعمال.
وتسبب ظهور شريف إسماعيل حليق الرأس في آب/أغسطس 2017، في حالة من
الجدل حول حقيقة مرضه، ليغادر البلاد في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، برحلة
علاج إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية بالجهاز الهضمي استمرت 3 أسابيع، ليشهد اليوم
الأحد، أول ظهور رسمي لإسماعيل.
"شريك في الجرائم"
وقال الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم فايد، إن السيسي بالتأكيد لم يستبدل إسماعيل، "لأنهما شريكان في ارتكاب معظم الجرائم التي وقعت في مصر في الآونة الأخيرة، سواء كانت جرائم سياسية تتمثل في قمع وقهر وتكميم أفواه وتمرير قوانين واتفاقيات غريبة مقيتة".
وأكد فايد لـ"عربي21"، أنهم شركاء أيضا في "جرائم اقتصادية بحق الشعب؛ تتمثل في الحصول على مليارات الدولارات من القروض، وإهدار ثروات البلاد ومقدراتها، وسوء توزيع الناتج القومي".
وأشار إلى غير ذلك من "الجرائم التي تتعلق بانهيار وتدهور الصحة والتعليم والمرافق والخدمات المختلفة وغلاء الأسعار.. إلخ"، موضحا أنه "بالطبع يخشى أحدهما التفريط في الآخر لئلا يفضح أمره".
حكومة انتخابات
وأكد الباحث السياسي محمد حامد، أن الإصرار على استمرار إسماعيل رغم مرضه "له علاقة بالدستور والانتخابات الرئاسية"، موضحا أن تغيير رئيس الوزراء يعني تشكيل حكومة جديدة وعرضها لكسب ثقة جديدة أمام مجلس النواب".
وأشار حامد، لـ"عربي21"، إلى أن وزارة إسماعيل ستتغير بلاشك عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية، التي ستعلن نتيجتها في 2 نسيان/أبريل المقبل، ولنعدّها حكومة انتخابات.
وحول اعتبار استمرار إسماعيل، رغم مرضه سابقة تاريخية وقول البعض إنه من الأولى وجود آخر سليم بدنيا؛ في ظل ما تمر به البلاد من أحداث أمنية وسياسية واقتصادية وفترة الانتخابات الرئاسية، قال حامد، إن القائم بأعمال رئيس الوزراء وزير الإسكان المهندس مصطفي مدبولي، يقوم بدوره جيدا، كما أنه لا يوجد سبب واضح لإقالة إسماعيل الذي تعافى صحيا.
وعدّ حامد أن ما يثار حول أن هذا الوضع يعني أن الدولة تدار من خارج مجلس الوزراء، بأنه "كلام فارغ"، مضيفا أن التعديلات الوزارية التي تمت الأحد، مرتبطة بملفات خدمية وتنشيط السياحة.
لهذا بقي إسماعيل
وفي تعليقه على بقاء شريف إسماعيل بالوزارة، قال عضو حزب الوسط، طارق
الملط، لا خلاف على أنه رجل خلوق قام بدوره بكفاءة (وفق دور الحكومة
التنفيذى فقط المرسوم له والمتاح)، مضيفا عبر فيسبوك، "ولكن هذا الشعور
الإنساني، لا يجب أن يحيد بِنَا عن المصلحة الوطنية العامة وإدارة شؤون
الدولة"، موضحا أن "المجاملات تكون في بيئة الأعمال الخاصة لا المجال
العام".
الملط، أرجع استمرار إسماعيل لعدة أسباب وقال "إما أن السلطة هي
من تدير بالفعل الأمور لا شخص رئيس الوزراء، أو أنها لن تتنازل عن رجلها حتى لو أنه مريض، أو أنها لم تحسم أمرها في رئيس حكومة جديد، أو كل ما سبق".
وعدّ الناشط سمير
النجار، أن استمرار إسماعيل فرصة للسيسي ليحمله أخطاء النظام،
وقال عبر فيسبوك: "شكل شريف إسماعيل حالته الصحية متأخرة؛ فالجنرال (السيسي)
أخذها فرصه يمضّيه على مصايب سودة قبل ما يفهيص (يموت)".
أما الكاتب الصحفي، صلاح
الإمام، فيرى أن "شريف إسماعيل مجبر على كل ما يصدر عنه"،
وأضاف عبر فيسبوك: "أتصور أن إسماعيل مثل أي مواطن يفاجأ بالقرارات التي تنشر
باسمه في الصحف"، قائلا: "هو مثل عرائس الماريونيت لا حول له ولا
قوة".
ولكن وعلى النقيض، أرجع رئيس حزب الجيل ناجي
الشهابي، تمسك السيسي برئيس وزرائه لسبب دستوري وقانوني، وقال عبر
تويتر: "تعديل وزاري معناه الإبقاء على شريف إسماعيل رئيسا للوزراء؛ لأن قبول
استقالته يتطلب دستوريا، تغييرا وزاريا كاملا يعرض على مجلس النواب ويحلف الوزراء
كلهم اليمين الدستورية، وهو غير متاح حاليا".
إخفاقات إسماعيل
وعاش المصريون مع حكومة إسماعيل أوضاعا سياسية وأمنية وحقوقية ومعيشة
صعبة، وفرض قوانين مكبلة للحريات وتوقيع اتفاقيات دولية، تنازلت بمقتضاها مصر على
بعض حقوقها في الغاز بالبحر المتوسط وفي جزيرتي (تيران وصنافير) للسعودية.
واقتصاديا في 30 آب/أغسطس2016، أقرت حكومة إسماعيل ضريبة القيمة المضافة وحدد
نسبتها بـ13بالمائة، ما نتج عنه ارتفاع أسعار غير مسبوق، إلى جانب فرض ضرائب جديدة
على المواطنين طالت العاملين بالخارج.
وفي 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قرر البنك المركزي المصري تحرير سعر
صرف الجنيه المصري، "تعويم العملة"، وهو ما تسبب في ارتفاع جنوني في
أسعار العملات الأجنبية وخاصة الدولار بمقابل الجنيه.
كما زاد معدل التضخم وتم رفع أسعار جميع السلع والخدمات الحكومية، مع
تقليل الدعم وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والمياه ووسائل النقل والركوب.
وبعد شهرين من تولي حكومة إسماعيل، وفي 20 أيلول/سبتمبر 2015، تحطمت
الطائرة الروسية، فوق سيناء وقتل بها 227 شخصا، وتتوقف على إثرها السياحة الروسية
والإنجليزية لمصر.
وفي 19 أيار/مايو 2016، سقطت طائرة مصر للطيران في البحر المتوسط بعد
إقلاعها من مطار شارل ديجول بباريس إلى مطار القاهرة.
وفي 21 أيلول/سبتمبر 2016
شهدت مصر في عهد إسماعيل، حادث "رشيد"، حيث لقي ما بين 300 إلى 600 شخص مصرعهم، إثر غرق مركب هجرة غير شرعية.