يجب اعتبار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف تمويل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مكملاً لقرار اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية إليها. فالقرار الخاص بالقدس واضحة أبعاده ومراميه ونتائجه.
أما قرار وقف تمويل الأونروا فلا يبدو في الظاهر، وللوهلة الأولى، بخطورة القرار الأول. علماً أنه في مستواه من حيث أبعاده ومراميه ونتائجه إن لم يكن أشد وأنكى.
لأنه يعني، كما فسّره نتنياهو فوراً، إنهاء لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وهو الحق الثابت إلى جانب الحق في القدس والحق بكل فلسطين من النهر إلى البحر، ومن رأس الناقورة إلى أم الرشاش.
إن قرار تشكيل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين ارتبط بعملية اقتلاع ثلثي الشعب الفلسطيني عام 1948 من بيوته وأرضه وقراه ومدنه. ومن ثم ضرورة تأمين قوت يومه في مخيمات اللجوء لبينما تتم عودة اللاجئين إلى ديارهم.
الرطل الأمريكي يجب أن يقابله رطلان حتى ترجح الكفة وتنزل به الهزيمة. فمكان المواجهة والحسم ليس في العمل الديبلوماسي والخارجي مهما بولغ في أهميته، وإنما ضد الاحتلال في القدس والضفة الغربية بهدف دحره بلا قيدٍ أو شرط
وبهذا تحولت "الأونروا" إلى شاهد على جريمة تهجير ثلثي الشعب الفلسطيني من وطنهم، وما ينبغي له أن يتوقف عن القيام بهذه الشهادة ختى يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى أماكن سكناهم التي هجّروا منها.
طبعاً راحت حكومات الكيان الصهيوني تسعى، ولا سيما، بعد إطلاق ما يُسمى عملية التسوية، وطرح "الحلول"، للقضية الفلسطينية، لكي تنهي وكالة غوث اللاجئين "الأونروا".
ومن ثم تحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى ملف حالات اللجوء التي حدثت وتحدث، لأسباب غير السبب الفلسطيني.
وبهذا التحويل لا تبقى جزءاً من القضية الفلسطينية، فيسقط معها حق العودة. وهو البعد الذي يشكل جوهراً في القضية الفلسطينية متكاملاً مع الجوهر الأساسي الآخر ألا وهو إحلال الكيان الصهيوني مكان الشعب الفلسطيني بعد اقتلاعه، فعنوان الاقتلاع يتمثل في قضية اللاجئين وعودتهم، وعنوان الإحلال يتمثل في إقامة الكيان الصهيوني وشرعنته، وهو غير شرعي ويجب أن يبقى كذلك. ولهذا حوفظ على "الأونروا" واستمرت حتى اليوم، بالرغم مما تعرضت له من مؤامرات، مؤسسة من مؤسسات الأمم المتحدة.
رفض قرار ترامب بخصوص الأونروا وإحباطه يساعد على إفشال ما يمكن أن يُرتَّب من تصفية للقضية الفلسطينية، وفي مقدمته تهويد القدس وإلغاء حق العودة وتكريس توطين اللاجئين الفلسطينيين.
إن قرار ترامب الخاص بوقف تمويل وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين إذ يجيء بعد شهر من قراره الخاص بالقدس يؤكد على ضرورة تصعيد الانتفاضة الشعبية في القدس والضفة الغربية من جهة، وتكثيف نضال الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده من جهة ثانية
فهي ليست قضية لاجئين فحسب وإنما هي قضية سياسية ومبدئية من الدرجة الأولى. قضية لها علاقة مباشرة بجوهر القضية الفلسطينية. ومن ثم فإن كل من يفرط بها، أو يتنازل عنها، أو يبحث عن بديل لها، يرتكب خيانة بحق القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وينتهك القانون الدولي، وميثاق هيئة الأمم المتحدة. والأهم سوف يقترف جريمة تمهد لمشاريع توطين اللاجئين في أماكن تواجدهم.
من هنا فإن رفض قرار ترامب بخصوص الأونروا وإحباطه يساعد على إفشال ما يمكن أن يُرتَّب من تصفية للقضية الفلسطينية، وفي مقدمته تهويد القدس وإلغاء حق العودة وتكريس توطين اللاجئين الفلسطينيين.
وأخيراً وليس آخراً إن قرار ترامب الخاص بوقف تمويل وكالة الغوث للاجئين الفلسطينيين إذ يجيء بعد شهر من قراره الخاص بالقدس يؤكد على ضرورة تصعيد الانتفاضة الشعبية في القدس والضفة الغربية من جهة، وتكثيف نضال الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده من جهة ثانية، كما تصعيد التحرك الذي شهدته الدول العربية والإسلامية والرأي العام العالمي طوال ثلاثة وثلاثين يوماً مناصرة لقضية القدس من جهة ثالثة.
فترامب ونتنياهو يواصلان التحدي والإمعان في العدوان على شعب فلسطين وحقوقه كما يواصلان استفزاز غالبية شعوب العالم ودوله.
فهذا الرطل الأمريكي يجب أن يقابله رطلان حتى ترجح الكفة وتنزل به الهزيمة. فمكان المواجهة والحسم ليس في العمل الديبلوماسي والخارجي مهما بولغ في أهميته، وإنما ضد الاحتلال في القدس والضفة الغربية بهدف دحره بلا قيدٍ أو شرط.
فمصير الاحتلال هو الذي يقرر مصير كل قرار تصفوي إن كان سينفذ، أو يُلقى في سلة المهملات، كما أن كل عمل ديبلوماسي ونشاط خارجي يجب أن يخضع لاستراتيجية الانتفاضة الشاملة لدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات.