ملفات وتقارير

إلى أي مدى يذهب النظام السوري في هجومه على إدلب؟

جيش النظام

يثير تقديم قوات النظام السوري في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي والاقتراب من مطار أبو الظهور العسكري تساؤلات تتعلق إلى المدى الذي يسعى النظام للوصول إليه من وراء الهجوم والتداعيات المترتبة عليه وأهمها النزوح المدني من تلك المناطق.

وخلال الأيام القليلة الماضية اقتربت قوات النظام مسافة كبيرة من مطار أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي بعد خسارة فصائل المعارضة لمواقعها القريبة منه.

وقالت وسائل إعلام تابعة للنظام اليوم إن قوات الأسد تقدمت في عمق ريف إدلب الجنوبي الشرقي وسيطرت على بلدة سنجار القريبة من المطار.

وأشارت إلى تثبيت نقاط على مسافة 10 كيلومترات من مطار أبو الظهور ونقاط أخرى في منطقة خناصر في الريف الجنوبي الذي يبعد عن المطار مسافة 30 كيلومترا.

وسبق أن سيطر النظام أمس على قرى الفريجة والجهمان والداودية وربع الهوى وأبو العليج والعليج وجب القصب وبشكون وحرجلة  وبلدات أخرى.

 وكانت قيادات ميدانية في الشمال السوري قالت إن خلافات عميقة بين الفصائل تمنع حتى الآن تشكيل غرفة عمليات موحدة للتصدي لقوات النظام في الشمال.

وقال قيادي في المعارضة رفض الإفصاح عن اسمه في وقت سابق لـ"عربي21" إن الخلافات لا زالت عالقة بين حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي من جانب، وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، الأمر الذي منع للآن من مشاركة الأولى في المعارك بكل ثقلها.

ويلقي العديد من النشطاء باللائمة على "تحرير الشام" كونها الفصيل المسيطر على إدلب في الوقت الذي اتهمتها فصائل بمصادرة أسلحتها ورفضها الإفراج عن بعض كوادرها الموقوفين لديها.

 

جيب يحيط بإدلب

من جانبه استبعد المحلل العسكري العقيد أحمد الحمادي توسيع النظام لهجومه الحالي ليصل إلى مدينة إدلب.

وأوضح الحمادي لـ"عربي21" أن النظام الآن يعتزم فرض جيب في منطقة أبو الظهور حيث المطار العسكري ويشن لأجل ذلك هجوما من 3 محاور الأول محور سنجار وهو خط دفاع قوي ومهم لإدلب والثاني محور جنوب حلب عند الحاضر والرشادية والرملة والثالث في منطقة الرهجان والجاكوزية.

ولفت إلى أن النظام يريد اقتطاع هذا الجزء حول حلب لغاية استخدام سكة القطار والانتقال بسهولة لخط حلب حماة دمشق وحصر المناطق المحرر في جيوب صغيرة متفرقة يسهل استهدافها لاحقا.

لكن في الوقت ذاته قال إن النظام ربما يتوقف في حال تم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين الروس والأتراك والإيرانيين في أستانة لدخول القوات التركية إلى إدلب من أجل حمايتها لحين الحل النهائي.

وعلى الرغم من ذلك قال الحمادي إن الروس والإيرانيين لن يتركوا المنطقة إلى الأبد لتصبح حدودا رسمية وقال إن وزير خارجية النظام وليد المعلم سبق أن صرح أن خفض التصعيد "خطوط مؤقتة والجيش بصدد السيطرة على كافة الجغرافيا السورية".

وحمل الحمادي بعض الفصائل في إدلب مسؤولية التشتت وتصاعد الخلافات التي سمحت للنظام بتقدم سريع وقال: "المعارضة أمامها فرصة كبيرة للتوحد وتشكيل جبهة منسقة توزع الأعمال بشكل جيد على غرار ما يجري في الغوطة الشرقية".

وشدد على أن البعض يقاتل منفردا في إدلب وبعض الفصائل لا تلقي بثقلها كاملا بسبب التباينات والخلافات.

 

كارثة إنسانية

من جانبه حذر الكاتب سعد وفائي من تداعيات هجوم النظام على ريف إدلب والكارثة التي ستلحق بالمدنيين هربا من بطش النظام.

وأشار وفائي لـ"عربي21" إلى أن التخوف الأكبر الآن على المدنيين الذين بدأوا بالفعل بعشرات الآلاف بالنزوح من تلك المناطق في ظل ظروف إنسانية غاية في الصعوبة ونقص شديد في المساعدات الإغاثية.

وقال إن منظمات الإغاثة والمجتمع المدني في الشمال السوري قدرت عدد النازحين من ريف إدلب جراء المعارك الأخيرة حتى الآن بنحو 150 ألف شخص والعدد مرشح للزيادة في ظل استمرار المعارك.

ولفت إلى أن العديد من العوائل فقدت ملكياتها وتشردت عن منازلها ضمن إجراءات مناطق خفض التصعيد.

لكن على صعيد التحذيرات من اقتراب النظام من محافظة إدلب قال وفائي إن ذلك مستبعد حاليا في ظل مساعي ترسيخ مناطق خفض التصعيد في الشمال.

وشدد على ضرورة وجود مناطق عزل وخطوط فصل بضمانات حقيقية من أطراف دولية تمنع النظام من الاقتراب من تلك المناطق.

ولفت إلى أن اقتراب النظام من إدلب يشكل خطرا على الأمن القومي التركي وعلى الأغلب لن تسمح به أنقرة لسببين الأول موجات النزوح الكبيرة التي ستحصل باتجاه الحدود والأمر الثاني رغبة تركيا بابتعاد النظام عن خطوطها الحدودية ولو  إلى حين.

ورأى أن تركيا ما زال بيدها أوراق قوة بمقدروها استخدامها لبسط السيطرة على إدلب والحيلولة دون اقتراب النظام منها لما يشكله الأمر من أهمية على حماية الحدود التركية من تهديدات النظام.