صحافة دولية

لماذا يعجز بعض الأشخاص عن الاعتذار؟

يربط البعض الاعتذار بالإذلال - CC0

نشرت مجلة "بسيكولوخيا إي منتي" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن السبب الذي يجعل بعض الأشخاص غير قادرين على الاعتذار للآخرين، حتى إذا كانوا على خطأ.

وقالت المجلة في تقريرها الذي أعده الكاتب أرتورو توريس وترجمته "عربي21"، إن القبول بحقيقة أنه لا يوجد شخص مثالي، أمر يستوجب الاعتراف بأنه ليس هناك أسباب تمنع عن الاعتذار للطرف المقابل. وعموما، يعد الاعتذار من أبسط الطرق لحل الخلافات.

وأوضحت أن التسبب في إيذاء الآخرين أو في توترهم، سواء بسبب اتخاذ قرارات خاطئة أو بسبب سوء التصرف؛ أمر يتطلب الاعتذار من أجل التمكن من حل هذه المشاكل. في المقابل، يعجز الكثيرون عن قول "أنا آسف".

 

اقرأ أيضا: كيف تتعامل مع الغيرة بين أطفالك في ست خطوات؟

وأكدت على أن اللغة وسيلة مميزة، وتساعد على حل النزاعات التي يمكن أن تسبب قطيعة وعداء يتواصل لسنوات بين العديد من الأشخاص. في المقابل، يتطلب حل المشكلة تبادل عبارات بسيطة وقصيرة، لا غير. وفي واقع الأمر، تساهم الكلمات في تقليص هامش عدم اليقين والشكوك حول ما يفكر فيه الطرف المقابل؛ وهو أمر مهم جدا في التعامل مع هذا النوع من المشاكل.

وفي هذا السياق، يعدّ قول "أنا آسف" خطوة ضرورية في حل هذا النوع من المشاكل، نظرا لأن التفوه بهذه العبارة أمر يجعل الشخص المخطئ على وعي بخطئه تجاه غيره. كما يفسح هذا الاعتراف الطريق أمام التفكير في هذا السلوك الخاطئ بطريقة أو بأخرى.

وأوردت المجلة أن على الشخص المخطئ أن يكون عقلانيا عند الوعي بضرورة تقديم اعتذار جراء ارتكابه خطأ ما. في المقابل، يدرك العديد من الأشخاص الخطأ الذي اقترفوه، لكنهم لا يتمكنون من الاعتذار. في نفس الوقت، يجهل هذا النوع من الأشخاص السبب الذي يمنعهم من القيام بذلك. وفي واقع الأمر، ترتبط هذه الحالة أساسا بأسباب مختلفة ومترابطة بين بعضها البعض، وتتمثل أساسا في "سوء تقدير صورة الذات".

وذكرت أن الحاجة إلى الحفاظ على احترام الذات، من بين الأسباب التي تجعل الكثيرين عاجزين عن قول "أنا آسف". من جانب آخر، يتم هيكلة هوية الأفراد بناء على سلسلة من الأفكار والمعتقدات حول ذواتهم. وتسمى مجموعة الأوصاف التي يكونها هؤلاء الأشخاص حول ذواتهم، بمفهوم الذات أو صورة الذات.

ونقلت المجلة أن كل ما يشير إلى الضعف أو عدم الموثوقية عند اتخاذ القرارات، له تأثير على تقدير الذات؛ الذي يعد الجانب القيم للصورة الذاتية. وبالتالي، توجد العديد من الحالات التي تؤثر على تقدير الشخص لذاته، ويعد الاعتذار من بين هذه العوامل.

وأضافت أن بعض الأشخاص لديهم صورة ذاتية حساسة، لدرجة أن مجرد الاعتراف بخطئهم يمكن أن يسبب إحباطهم، مهما كانت تفاهة الخطأ المعترف به. وإلى حد ما، إذا أدرك هذا النوع من الأشخاص أنه ارتكب خطأ ما وتصرفنا بشكل غير لائق، يمكن أن تظل صورته الذاتية محمية، طالما لم يعترف بالخطأ أمام الآخرين.


في المقابل، يمكن لمن "لديهم صورة ذاتية حساسة" أن يعمل على إخفاء الخطأ، أو إلقاء اللوم على طرف آخر، أو ببساطة، تجاهل الشعور بالذنب الذي تولد لديه.

وأوضحت المجلة أن التنافر المعرفي هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى عجز الكثيرين عن الاعتذار لغيرهم. ومن الواضح أن هناك أشخاص يرفضون الاعتذار لأنهم لا يفكرون في رفاه وراحة الطرف المقابل، أو لأنهم يعتبرون أن قول "أنا آسف" أمر لن يعود عليهم بالفائدة.

 

اقرأ أيضا: خبير يحذر: هكذا تؤثر المواد الإباحية على دماغ الشباب

وأضافت المجلة أنه يقف وراء هذا الرفض أسباب أخرى؛ من بينها أن البعض يربط الاعتذار بالإذلال، ويعتبره أمرا يمسّ بتقدير الذات، أو أن لديهم نوعا من جنون العظمة. والجدير بالذكر أنه، في الحالة الأخيرة، يدخل الاعتراف بالخطأ في صراع مع الصورة الذاتية، كما يتطلب إعادة التفكير من نقطة الصفر في عديد الجوانب حول الحياة الخاصة والعلاقات مع الآخرين؛ وهي ظاهرة تعرف باسم التنافر المعرفي.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن معرفة كيفية الاعتذار بطريقة صادقة، خطوة تتطلب نسبة عالية من الذكاء العاطفي. من جانب آخر، ليس هناك أي داع للاعتذار في حال عدم وجود سبب وجيه للقيام بذلك. لكن، إذا قدرت أن الاعتذار هو الخيار الأفضل، فيجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الخطوة ليست سوى مسألة بسيطة، ترتبط بمعرفة كيفية إدارة مشاعرك الخاصة وكيفية تبليغ هذه الرسالة إلى الآخرين.