قضايا وآراء

الحريري قريبا من دون ربطة عنق!

1300x600

أصبح واضحا إن لم نقل مؤكدا، أن رئيس مجلس وزراء لبنان سعد الحريري عاش تجربة "احتجاز" في السعودية، ولو كانت الملفات داخلية أو كما وصفها البعض عائلية، إلا أن الأزمة اللبنانية السعودية لا يبدو أبدا أنها في طريقها إلى الحل.

 

بل على العكس، فإن الغضب السعودي على الحريري الذي بدأ مع التسوية الأولى منذ تسهيل وصول الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون إلى سدة الرئاسة، بتسوية الضرورة آنذاك، لا تبدو اليوم للمملكة أنها تسوية ضرورة، وإلا فما معنى ما قاله الحريري على مدى الأيام القليلة الماضية، ولو كان الرجل قد أرسل رسائل في كل الاتجاهات وإلى حزب الله وإيران.

 

وذكَّر الحريري مرارا وتكرارا بضرورة تعويم سياسة النأي بالنفس عن أحداث المنطقة وضرورة التراجع عن قرار التدخل في شؤون أي بلد عربي، إلا أن كلامَ الحريري قبيل إطلاق آخر صاروخ يمني على خميس مشيط في السعودية ولو اسقطته الدفاعات الجوية ووصفه للرئيس اللبناني الموالي لطهران كما ترى المملكة العربية السعودية بالحليف الاستراتيجي قطعا رصدته السعودية.

 

وجاء الرد من وزير الخارجية السعودية عادل الجبير على هامش مؤتمر حوارات متوسطية المنعقد في روما عن استخدام حزب الله للمصارف اللبنانية في تبييض الأموال لصالحه، وعندما نقول المصارف اللبنانية لا يعني ذلك فريق لبناني بعينه، وإنما لبنان الرسمي "كل لبنان"، وأن لا سلم في لبنان إلا بنزع سلاح الحزب.

 

جدد التوتر باتجاه لبنان الذي لم يرد على كلام وزير الخارجية السعودي وهو أمر لافت، ما يدل على أن سياسة الهدوء أو الهدوء الفعلي و"التريث" أو ربما نأي بالنفس لم يشمل خطاب استقالة الحريري من الرياض فقط، وإنما تبدو مثل إستراتيجية معتمدة من لبنان الرسمي باتجاه الموقف السعودي منه.

 

هذه التصريحات للجبير لا يمكن أن تُفهم إلا أنها ردٌ على كل ما صرح وغرد به سعد الحريري في الأيام القليلة الماضية، وإشارة واضحة إلى أن المملكة ترد بالرفض التام لما يبدو وكأنه حركة التفافية يقوم بها سعد الحريري الجديد.

 

ويجمع مراقبون على حدوث تغيير جذري في الشاب ابن الحريرية السياسية، في محاولة منه لتجنب كما أعتقد الأخطار المحدقة بلبنان، وهو في رأيي صادق في ذلك.

 

إلا أن شروط اللعبة تبدو أصعب مما يعتقد الرجل الذي لا يعلم أحد حتى الآن هل خرج من الرياض إلى باريس من دون مساعدة الود التاريخي بين مسيحيي لبنان وفرنسا؟!

 

ولا يعلم أحد أيضا إن كان غادر الرياض وفي الأفق أي احتمال أو تصور للعودة زائرا لها فالبعض يجزم بأن شباكا نصبت له بين بيروت والرياض والأصوات المرتفعة اليوم والتصريحات من جانب حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع لرد الإتهامات عن حزبه بمحاولة دق أسفين في العلاقات الحريرية السعودية خير دليل عن أن وراء الأكمة ما وراءها إضافة لمعلومات تحدثت عن اسماء كثيرة من فريق "الرابع عشر من آذار" يعمل الحريري في غرفة عمليات خاصة به على محاولة إبعادها عن تياره فيما وصفه البعض بالغربلة أو جردة الحساب.

 
إن الصورة الكاملة ربما لم تظهر للعلن بعد، لكن الأقرب للتصور بعد كل ما سبق يخلص بالآتي إن الإهتزاز المعنوي لفريق الحريري جراء ما حدث في المملكة وخطاب الاستقالة، وما رافق ذلك من مواقف إيجابية اتخذها خصوم الحريري السياسيين ومحاولة اقتناص الفرصة من بعض شركائه السياسيين لا شك أحدث صدمة كبيرة للرجل لا بد وأن ينتج عنها شيء ما.

 

خاصة وأن استماتة البعض في إثبات الولاء للحريري تزيد الشكوك بموقف هذا البعض، وعليه، إذا كان سعد الحريري عومل في الرياض بالطريقة التي يعتقد كثيرون أنها فظة وغير لائقة، وهو أقل وصف ممكن 

وبعد احتضان الرئيس اللبناني له والتضامن الوطني الشامل معه في ما سميت محنته تدفعنا إلى الإعتقاد أن الحريري وكلما تكرر الرفض السعودي لخياراته كلما اتسعت الهوة بين بيروت  والرياض وقصرت المسافة بين طهران وبيروت.

 
ولا أبالغ إذا قلت إني أرى رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ليس فقط يخلع الجلباب ويرتدي بزة رسمية بل وأيضا من دون ربطة عنق!