سياسة دولية

ما هي العواقب التي تهدد تركيا بسبب أسلحة إس-400؟

صفقة إس-400 تعد بمثابة محاولة للضغط على الغرب من قبل أردوغان - ا ف ب

نشرت صحيفة "سفابودنايا براسا" الروسية تقريرا، تحدثت فيه عن شراء أنقرة لأنظمة صواريخ روسية طراز إس-400، الأمر الذي سيكون له تبعات خطيرة على تركيا خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها بحلف شمال الأطلسي.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي بيتر بافل، حذر السلطات التركية من عواقب شراء أنظمة إس-400 الروسية. وفي هذا الصدد، أكد بافل أنه في حال وقعت تركيا هذه الصفقة لن تكون قادرة على التفاعل بشكل ناجع مع أنظمة الدفاع الجوي التي يملكها الحلف. 
 
ونقلت الصحيفة عن الجنرال بيتر بافل أن تركيا دولة ذات سيادة ويحق لها شراء المعدات العسكرية استنادا لهذا المبدأ، ولكن سيكون عليها تحمل عواقب هذا القرار السيادي. كما أعرب الجنرال عن أمله في أن تناقش القيادة التركية من جديد هذه المسألة مع شركائها في الحلف.
 
وأضافت الصحيفة أن خبر الصفقة التركية الروسية، قد أثار مخاوف شركائها الغربيين. في الأثناء، سارع المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طمأنتهم، حيث أكد أن "التعاون الفعال مع روسيا"، لا يمثل بديلا عن العلاقات التركية مع الغرب وحلف شمال الأطلسي.
 
وأوردت الصحيفة، وفقا للسفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلسي إيفو دالدر،  لا تتلاءم الأنظمة الروسية مع النظم التي يستخدمها الحلف. وأشار دالدر بشكل صريح إلى أن التقارب بين أنقرة وموسكو ليس في مصلحة الولايات المتحدة ولا حتى تركيا نفسها. بعد صدور هذه التصريحات بوقت قصير، كتبت وسائل الإعلام الأمريكية أن السيناتور الديمقراطي بن كاردين اقترح أن يفرض البيت الأبيض عقوبات على تركيا، كما طرح مسألة مدى فائدة عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن رجب طيب أردوغان شدد على أنه لن تكون هناك مشاكل فيما يتعلق بهذه الصفقة. علاوة على ذلك، لا يستبعد أردوغان أنه في المرحلة الثانية من الصفقة يمكن للأطراف مناقشة إمكانية الإنتاج المشترك للأنظمة الصاروخية. في المقابل، قد يحاول حلف شمال الأطلسي إقناع تركيا بأن تتراجع عن هذه الصفقة، وذلك حسب ما أكده نائب مركز المعلومات التحليلية التابع للمعهد الروسي للدراسات الإستراتيجية سيرغي إيفانوف.
 
وأكدت الصحيفة أن ميثاق المنظمة (حلف شمال الأطلسي) يقر بأن لكل دولة الحق في الدفاع عن أراضيها بالطريقة التي تراها مناسبة، طالما أن ذلك لا يشكل خطرا على الأعضاء الآخرين. ولكن، في الوقت الراهن، يبدو أن الحلف يحاول فرض توجهاته على تركيا. وفي ظل موقف حلف شمال الأطلسي الواضح فيما يتعلق بهذه المسألة، تطرح العديد من التساؤلات حول ردة فعل تركيا إزاء هذا الوضع. وفي الأثناء، من الصعب التنبؤ بتحركات وردود أفعال تركيا القادمة، خاصة وأن أردوغان يحظى برؤيته الخاصة فيما يتعلق بمستقبل تركيا.
 
وبيّنت الصحيفة أنه في المستقبل القريب، سيحاول حلف شمال الأطلسي وواشنطن إبقاء تركيا ضمن التحالف العسكري السياسي، خاصة وأن هذه الدولة تعد حليفا رئيسيا وضروريا جدا للولايات المتحدة في المنطقة.  علاوة على ذلك، تعتبر تركيا عضوا مهما ويدر أرباحا قيمة على الحلف، على الأقل من وجهة نظر عسكرية إستراتيجية. وبالتالي، سيكون لاستبعاد تركيا من الحلف نتائج عكسية على الطرفين.
 
وذكرت الصحيفة أن استبعادها من حلف شمال الأطلسي لا يعتبر التهديد الوحيد الذي تواجهه تركيا، حيث تُقدم كل من أوروبا والولايات المتحدة دعما هاما لأمن تركيا. ولكن قد تفقد أنقرة هذا الدعم على خلفية استخدامها أنظمة إس-400، علما وأن عضوية تركيا في الحلف تعد ذات فوائد جمة بالنسبة لها.
 
وأفادت الصحيفة وفقا للباحث في المعهد الدولي للاقتصاد والعلاقات الدولية، فيكتور نادين راجوسكي أن صفقة إس-400 تعد بمثابة محاولة للضغط على الغرب من قبل أردوغان، بالإضافة إلى أنها تجسد رغبة أنقرة في إبراز الاستقلال السياسي.
 
وتجدر الإشارة إلى أن منظومة إس-300 وإس-400 لا تتوافق مع معايير الحلف وهو ما يهدد بعدم القدرة على التفاعل والتعاون بشكل جيد. من جهتهم، يملك الأمريكيون أنظمة باتريوت التي تختلف عن أنظمة إس-400 الروسية من حيث الفعالية والقدرات القتالية. وقد طالب الأتراك بمدهم بصواريخ "سام"، إلا أن الأمريكيين رفضوا ذلك، ما أدى إلى نتائج عكسية.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن شراء الأنظمة إس-400 ليس فقط مسألة عسكرية وإنما سياسية أيضا. وفي هذا الإطار، يحاول أردوغان الشخصية الكاريزماتية في البلاد البحث عن سبل لتعزيز والحفاظ على مظاهر هذه الكاريزما. ويبقى السؤال المطروح في الوقت الحالي، هل سيتم استكمال هذه الصفقة أم لا؟
 
وفقا للخبراء، لن يتجلى هذا المعطى إلا مستقبلا. في الأثناء، يبدو أن أردوغان يخوض لعبة سياسية في إطار محاولة الضغط على حلفائه السياسيين الغربيين للتخلي عن بعض المطالب المتعلقة بتركيا. ولطالما ندد أردوغان بتدخل الغرب باستمرار في السياسة الداخلية لتركيا.
 
وفي الختام، أوردت الصحيفة أن صفقة إس-400 تعد خطوة سياسية بامتياز، إلا أنه قد يكون لها تبعات سلبية على تركيا. وعلى الرغم من ذلك، تصر كل من روسيا وتركيا على مواصلة هذه الصفقة.