سياسة عربية

مخاوف من صفقات فساد كبرى بمصر بعد توحيد مشتريات الوزارات

محللون قالوا إن هناك سابق تجربة تؤكد أن مثل هذا القرار قد يصب في صالح جهات أو أفراد معينين- أرشيفية
تستعد الوزارات والهيئات في حكومة الانقلاب بمصر لتقديم جميع احتياجاتها للحكومة، خلال الأيام القليلة المقبلة، طبقا للقرار الجديد بالشراء الموحد للمشتريات الحكومية عن طريق ما يسمى بهيئة الخدمات الحكومية.
 
وبرر وزير المالية، عمرو الجارحي، تلك الخطوة بقوله إن "الشراء الموحد يوفر الكثير من الأموال للدولة، مشيرًا إلى أن جملة الشراء ستكون 6 مليارات جنيه، وأنه  تم التنبيه علي كافة الهيئات الحكومية بتسليم قائمة احتياجاته تمهيدًا لإجراء المناقصات الخاصة للشراء خلال الأيام القليلة المقبلة".
 
شكوك وشبهات
 
وكانت الوزارات والهيئات الحكومية تقوم بشراء متطلباتها كل على حدة، وفق احتياجاتها، ومن خلال مناقصات خاصة بها، اتسمت في الكثير منها بالفساد، والمحسوبية والوساطة.
 
إلا أن خطوة حكومة السيسي قابلتها شكوك كبيرة؛ إذ من شأن القرار الجديد تجميع الفساد الأصغر من يد الوزارات والهيئات إلى الفساد الأكبر في يد جهة واحدة في الحكومة منوط بها جميع عمليات الشراء، وفق محللين ومراقبين.

 اقرأ أيضا : ديون سرية على مصر حان موعد سدادها.. ما تفاصيلها؟


وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أن "الأمر ليس بالجديد فقد سبق وأن صدرت قرارات في عهد وزير المالية الأسبق مدحت حسنين ( في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك)، ولم يطبق، و هو في ظاهره جيد، لكن التنفيذ يشوبه الكثير من التساؤلات، وصعوبة في الربط بين تلك الجهات".
 
وقال لـ"عربي21": إن "هناك سابق تجربة تؤكد أن مثل هذا القرار قد يصب في صالح جهات، أو أفراد معينين، كما حدث عندما تم إسناد المستلزمات الطبية للمستشفيات الحكومية، والجامعية، والتابعة للجيش والتي تقدر بمليارات الدولارات سنويا، إلى جهة سيادية، في 2015، والقفز على جميع شركات المستلزمات الطبية المعنية بالأمر".
 
وأعرب الولي عن تخوفه من "تكرار سيناريو التجهيزات الطبية، والتي تسببت في خسائر كبيرة للشركات الصغيرة، وشابها الكثير من علامات الاستفهام، خاصة أنها كانت الصفقة الأكبر في تاريخ توريد المستلزمات الطبية من معدات، وأدوات، ومواد خام وغيره للمستشفيات".
 
اللصوص الكبار بدلا من الصغار
 
وعلق رئيس حزب الفضيلة ومؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، بالقول إن "حكومة السيسي تدرك جيدا مقدار التلاعب والفساد في مشتريات وزاراتها وهيئاتها؛ ولذلك أرادت قطع الطريق على اللصوص الصغار لصالح اللصوص الكبار من الجنرالات ورجال الأعمال المحسوبين على السيسي".
 
وأضاف لـ"عربي21": "دأبت حكومة السيسي في الآونة الأخيرة على الاستحواذ على كل المشاريع، والصفقات لصالح رأس النظام، وامتثالا لأوامره، وامتلاك جميع خزائن البلاد تحت مسميات ظاهرها الحق وباطنها الباطل".
 
ودلل على حديثه بالقول: "باليوم فقط، قررت وزارة الإنتاج الحربي بدء التصنيع المحلي لعدادات الكهرباء، والمياه، التي كانت تصنعها شركات مدنية أخرى، وستكون هي الجهة الوحيدة المحتكرة لمثل تلك العدادات، والممول الوحيد للحكومة في التعاقد معها عليها لتزويد ملايين الوحدات السكنية، والمنشآت، والمحال التجارية، والمؤسسات بها".
 
 الحكومة في خدمة الجيش
 
من جهته؛ ذكّر عضو الجبهة الوطنية المصرية، أحمد البقري، بحديث السيسي قائلا: "في زلة لسان للسيسي قال وبصراحة في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2016 إن القوات المسلحة هي الدولة، وفي الحقيقة في النظم الديمقراطية، الجيش يحمي الدولة بمعنى حماية حدودها وكيانها. أما فى النظم الفاشية فإن الجيش يُسَخّر لخدمة وأمن النظام وليس المجتمع".
 
وأضاف لـ"عربي21": "الجنرالات تخلوا عن عقيدة القتال في نظام السيسي، وأصبح العدو الصهيوني حليف، وشباب الثورة هم الأعداء، وتفرغوا للتجارة والسيطرة على الاقتصاد".
 
واعتبر البقري أن الحكومة هي بوابة الجيش للاستحواذ على مشروعات الدولة، ومقدرات البلاد، قائلا: "من المفترض أن الجيش وظيفته الرئيسة هي تأمين الحدود وضبط الأمن، ثم الدخول في الصناعات ذات الطبيعة العسكرية، لكن الجنرالات دخلوا في جميع الصناعات ولكن ليست العسكرية، وحولو عقيدة الضباط والعساكر إلى تجار فواكة وخضروات وأسمنت، وبائعي كعك، وموردي أطعمة".