ملفات وتقارير

كيف يرسم الصراع على النفط شكل معارك دير الزور السورية؟

تغاضت الولايات المتحدة عن توجه قوات النظام نحو دير الزور رغم تحذيره سابقا من ذلك- أ ف ب
في خضم المعارك التي تشهدها مدينة دير الزور ضد تنظيم الدولة، شرق سوريا، طفت على السطح خلافات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة أمريكيا، وبين قوات النظام المدعومة روسيا، بعد تمدد الأخيرة إلى الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات (منطقة الجزيرة).

وأحدثت المحاولة جدلا واسعا، تبعتها تهديدات متبادلة بين الطرفين، كان آخرها وصف سبان حمو، قائد وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقسد، تمدد قوات النظام بأنه بمثابة "إعلان حرب"، مشددا على عدم السماح لقوات النظام بتجاوز الضفة الجنوبية الغربية لنهر الفرات (الشامية)، وذلك على خلفية اتهامه للروس وللنظام باستهداف قوات تابعة لقسد.

ويرى بعض المراقبين أن إصرار قوات النظام على التمدد في منطقة الجزيرة؛ يهدف للوصول إلى حقول الثروة النفطية الأهم في دير الزور، والتي لا زالت تحت سيطرة تنظيم الدولة.

وتتميز منطقة "الجزيرة" الواقعة على الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات؛ بأنها المنطقة الأكثر إنتاجاً للنفط والغاز في سوريا، بعد حقول الحسكة التي تسيطر عليها الوحدات الكردية.

سباق

ويعتقد الباحث محمد العلي، وهو من أبناء دير الزور، أن "روسيا والولايات المتحدة في حالة سباق لتقاسم كعكة دير الزور الغنية، عبر اتباع تكتيك "السهم" للظفر بأكبر مساحات ممكنة من مساحات المدينة، مع ترك القتال في المساحات الضيقة"، مستدركا: "لهذا نلاحظ أن القتال بالقرب من مركز مدينة دير الزور في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم ليس أولوية"، وفق تقديره.

ويوضح العلي، في حديث مع "عربي21"، أن "قوات النظام أنشأت جسرا فوق نهر الفرات في منطقة الجفرة، بهدف الوصول إلى معمل غاز "كونيكو" وإلى حقل نفط الطيبة في الضفة الشرقية".

ويرى أن روسيا التي تولي أهمية كبيرة للغاز؛ تضغط على قوات النظام للوصول إلى معمل "كونيكو"، مؤكدا أن "روسيا لها مصالح كبيرة في السيطرة على هذا المعمل، فهي من جهة المتحكم الأول العالمي بالغاز، وكذلك هي تخطط لسداد ديونها المتراكمة على النظام من النفط والغاز".

ويضيف: "بخلاف روسيا، لا تهتم الولايات المتحدة كثيرا لموضوع النفط بشكل مباشر، بقدر ما تهتم بالأدوات المحلية التي تسهل مفاوضتها فيما بعد"، على حد قوله.

وعن احتمال سيطرة قوات النظام على حقل نفط العمر (الحقل الأكبر في دير الزور)، استبعد العلي ذلك، مرجحا أن تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، و"لكن الأمر ليس سهلا، فالمنطقة هناك مفتوحة والمجابهة وجها لوجه مع مفخخات التنظيم ليست أمرا يسيرا"، كما قال.

صراع جيو- استراتيجي

وفي المقابل، لا يرى الباحث السياسي نواف الركاد؛ في ما يجري من تحركات عسكرية شرق نهر الفرات؛ على أنه "صراع أمريكي- روسي على النفط والثروات الباطنية"، وإنما هو صراع "جيو استراتيجي، لخلق وقائع سياسية جديدة بناء على تبدل الواقع الميداني، أملا في الحصول على حصة أكبر في الحل النهائي".

ويوضح لـ"عربي21": "لا يشكل النفط السوري عقدة صراع بين روسيا والولايات المتحدة، فالدولتان منتجتان للنفط، ثم إن النفط السوري سيباع في المستقبل لصالح الصندوق الحكومي السوري، وليس لصالح الحكومات الأجنبية"، على حد تقديره.

وبسؤاله عن دور الأدوات المحلية في الصراع على النفط (النظام، قسد)، قال الركاد: "كان حديثي يخص الأدوات؛ لأنه من المستبعد أن يكون هناك صدام مباشر بين قطبي العالم".

جس نبض جريء

وفي تناوله لهذا الموضوع، نشر موقع "اقتصاد مال وأعمال السوريين" تقريرا؛ قال فيه إن "النظام السوري يراهن على نفط دير الزور لدعم موازنته المتهاوية".

وتساءل الموقع: "لكن هل سيقبل الأكراد بهذا الواقع وهم يتطلعون إلى الظفر بالنصيب الأوفر من نفط دير الزور المتركز شرق الفرات؟".

وبحسب الموقع، فإن محاولات التقدم ما هي إلا "جس نبض جريء من قبل روسيا للولايات المتحدة التي لا تريد التورط في صراعات لا تراها أولوية".

ويرجح التقريره تقدم قوات النظام وسيطرتها على حقول النفط ومعمل الغاز، بسبب عجز قوات سوريا الديمقراطية عن إرسال مزيد من قواتها لدير الزور، "وهي غارقة في أوحال مدينة الرقة"، وفق قوله.