لا أدري ماذا سيفعل الإعلام الليلة، الرسمي منه أو الخاص، تعقيبا على الاعتداء الإرهابي يوم أمس 14/7/2017، على حاجز أمني بالبدرشين، راح ضحيته، خمسة شهداء من الشرطة؟!
هل سيقيم سرادقات العزاء الليلية، وتتشح الفضائيات بالسواد، وتستضيف أهالي الشهداء، وهم يبكون آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو أزواجهن؟! وافتعال شوشرة "كربلائية"، لا تسعد إلا "الدواعش"، وتبرق رسائل الإحباط، والتأثير على المعنويات، من خلال خطاب إعلامي غوغائي يزايد على دم الشهداء، ويتزلف به لدى الباب العالي، ويفتح أبوابا للزوغان من استحقاقات اللحظة.
من يتابع هذه الأجواء، يقع في يقينه، بأنها تريد، ألا يسأل أحد: ماذا يحدث بالضبط؟! هذا السؤال، بات من قبيل القطع لا الاحتمال، ممنوعا، لا يجوز لأى صحفي أو إعلامي، أن يطرحه أو أن يناقشه علانية أمام الرأي العام؟!
إنها التفاصيل المسكوت عنها عادة؛ لأن في التفاصيل تتخفى الحقائق، التي يراد أن تظل في "الضلمة" ولا تخرج إلى النور أبدا!
سنصدر كالعادة، فشلنا إلى الآخرين "المؤامرات الكونية" و"أهل الشر" سيختارون الضيوف بعناية، وستوزع عليهم "النوتة" ذاتها، وليعزف الجمع في فضاء واحد مصر محسودة.. وعين الحسود فيها عود يا حلاوة!
تكرار الحوادث الإرهابية، بهذا الشكل، وسقوط الشهداء بهذا العدد، كل أسبوع، لا يجوز بحال أن تتعامل معه السلطات الإعلامية في كل مرة، بهذه النزعة المملة والمتواطئة والمستفزة، من المزايدة والمتاجرة والتزلف وإحداث جلبة، تساعد على الزوغان والهروب من الإجابة على الأسئلة الشائكة.
لا يمكن أن يستمر هذا المشهد المهين لمصر وتاريخها ومكانتها بلا نهاية، ويبدو المشهد وكأنه تم إخلاء الملعب للدواعش، فيما فضلنا نحن بكل طاقمنا السياسي والأمني الجلوس على مقاعد المشاهدين في المدرجات.
قبل أن أنهي مقالي، شاهدت مقطع فيديو، نشرته على موقعها الزميلة "الوطن"، نقل بالتفاصيل الكاملة، الاعتداء الإرهابي يوم أمس على كمين الشرطة، وشعرت بالقشعريرة وبالعار، حين لاحظت تصرف الإرهابيين بأريحية شديدة الغرابة، يقلبون الشهداء ويلقون بهم من السيارة، ويسطون على أسلحتهم، وأمتعتهم، والناس واقفة بـ"تتفرج"! كانت "مهزلة" بكل المقاييس!
ما شاهدته أجاب على الأسئلة المسكوت عنها، ولماذا يريدون أن يكفوا على كل عملية إرهابية ماجورا؟!
لمصلحة من ـ إذن ـ حجب المواقع، والشوشرة بالصوت العالي والصراخ والبكائيات الليلية على الفضائيات،وإسكات كل صوت وطني حر يسأل ويناقش بعقل وبشفافية؟ لمصلحة من؟ الوطن وفلذات أكبادنا من الشهداء، أم الإرهابيون الدواعش؟!
المصريون المصرية