حظي قرار الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، بالإطاحة بثلاثة محافظين مقربين من دولة الإمارات، باهتمام واسع في الأوساط اليمنية.
وقضى القرار الجمهوري، الذي يحمل الرقم (34)، الصادر في منتصف ليلة الأربعاء/ الخميس، بعزل اللواء أحمد بن بريك من منصب محافظ محافظة حضرموت (شرقا)، وتعيين اللواء فرج سالمين البحسني بديلا عنه، مع الإبقاء على الأخير قائدا للمنطقة العسكرية الثانية ومقرها مدينة المكلا.
ويعدّ البحسني من مؤسسي قوات النخبة الحضرمية، المدعومة من أبوظبي، والمتهمة بالتورط في ممارسة التعذيب في السجون السرية التي تديرها القوات الإماراتية في مدينة المكلا. وفقا لتقارير نشرتها وكالة "اسوشيتد برس" ومنظمة "هيومن رايتس ووتش".
كما أطاح الرئيس اليمني بكل من: أحمد لملس من منصب محافظ شبوة (جنوب شرق)، وتعيين علي بن راشد الحارثي بدلا عنه، واللواء سالم السقطري من منصب محافظة أرخبيل سقطري (جزيرة تقع قبالة سواحل عدن)، وتعيين أحمد السقطري محافظا للجزيرة.
وسبق هذا القرار استدعاء هذه القيادات إلى العاصمة السعودية، قبل نحو أسبوعين، في ظل الحراك السياسي الذي بدأوه لعقد أولى جلسات المجلس الانتقالي الجنوبي، في مدينة المكلا، كبرى مدن حضرموت، وجرى تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
إقالة متأخرة
من جهته، قال مستشار محافظ عدن السابق، عبدالعزيز المنصوب، إن قرارات الإقالة تأخرت.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" أن القرارات كانت صائبة ومدروسة وموفقة إلى حد مقبول. مؤكدا أن محافظ حضرموت -المعين حديثا- يعدّ شخصية مهنية، يمارس عملا مؤسسيا، وليس متحيزا لأي طرف سياسي، ما جعل منه -وفقا للمنصوب- مؤهلا لقيادة المحافظة، إلى جانب قيادته للمنطقة العسكرية الثانية.
وأشار إلى أن محافظة كحضرموت يفترض ألّا تستخدم ورقة للمناورة السياسية مع أو ضد الشرعية.
ولم يستبعد مستشار اللواء الزبيدي أن يطيح الرئيس هادي بمحافظ مدينة لحج (جنوبا)، ناصر الخبجي، وهو برلماني، باعتباره حالة مشابهة تكاد تتطابق مع حالة المحافظين المقالين.
والخبحي، محافظ لحج، هو أحد أعضاء المجلس الجنوبي، والمكلف بالقيام بمهام رئيس المجلس، اللواء عيدروس الزبيدي، المقيم حاليا في العاصمة الإماراتية.
عدل شوكة الميزان
من جانبه، رأى الإعلامي والسياسي اليمني، أحمد بن زيدان، أن قرار الرئيس اليمني عدّل شوكة الميزان في المحافظات الثلاث، خصوصا حضرموت.
وقال في مقال له، نشره موقع "عدن الغد"، إن الجدل أثير حول أن إبعاد الثلاثة له ارتباط بعضويتهم في المجلس الجنوبي، كعقوبة لهم. لكنه استبعد ذلك.
ومن وجهة نظره، فإن القيادات الثلاث المقالة بصدد إعادة توزيع أداورها، وتكليفها بمواقع جديدة. مشيرا إلى أن المجلس الجنوبي سيظل ورقة ضغط وتوازن سياسي لمحيطه الجغرافي، وإشراك ممثليه بأي مفاوضات مفصلية قادمة، إن لم يجنح الانقلابيون للسلم والمرجعيات الثلاث والشكل الاتحادي للدولة.
ولفت إلى أن هناك مخاوف أبداها البعض في حضرموت بأن إبقاء اللواء البحسني قائدا للمنطقة العسكرية الثانية، إلى جانب منصبه الجديد، ما هو إلا تمهيد لسحب قيادة المنطقة منه، وهو الأمر الذي قد ينهي قوات النخبة الحضرمية التي أسسها الرجل.
ودعا الإعلامي اليمني الحضرمي إلى مساندة هذه القرارات، التي وصفها بـ"الإيجابية"، لاستعادة الشرعية التي تم الانقلاب عليها من قبل من وصفهم بـ"الشرذمة"، أي تحالف الحوثي وصالح.
وحول ما تردد عن حضور سعودي مساند لهذه القرارات، على اعتبار أن هذه الأسماء المقالة تصنف على أنها مقربة من السلطات الإماراتية. أجاب المتحدث ذاته بالقول: نعم، هذا أمر بديهي وطبيعي، خصوصا بعد تشكيل لجنة التنسيق المشتركة برئاسة اليمن وعضوية السعودية والإمارات، حتى لا تتكرر الأخطاء التي أعقبت إقالة اللواء الزبيدي من منصب محافظ عدن في نيسان/ أبريل الماضي.
مساحة الحراك محددة
وفي السياق ذاته، أرجع سياسي يمني قرار الإطاحة بأبرز الوجوه في المجلس الجنوبي ذي النزعة الانفصالية إلى أن الرئيس هادي والرياض، وحتى أبوظبي، رسموا سابقا مساحة الحراك الجنوبي الانفصالي، وهي إقليم عدن المكون من أربع مدن "عدن ولحج وأبين والضالع"، ولن يسمحوا له بالتمدد خارج هذا الحيز الجغرافي.
وأَضاف -مفضلا عدم نشر اسمه- لـ"
عربي21" أن المملكة لن تسمح للحراك الثوري التعبوي -الذي يرفع شعار الانفصال- بالتحرك في حضرموت أو الاقتراب منها ومن حدودها، لما تحتله من مكانة لدى السعوديين.
وأوضح السياسي اليمني أنه عندما بدأ قادة المجلس الجنوبي، الذي شكل لإدارة الجنوب داخليا وخارجيا، محاولة "عقد أول اجتماع له في عاصمة حضرموت، تدخلت السعودية، واستدعت محافظها المقال، اللواء بن بريك، الأمر الذي دفعه للإعلان عن تأجيل هذا الاجتماع إلى أجل غير معلوم.