نشرت صحيفة "ميديابار" الفرنسية، تقريرا حول الأثر الروسي الذي وجد في الرسائل الإلكترونية المسربة المتعلقة بأمين مال حملة الرئيس الفرنسي الجديد،
إيمانويل ماكرون، وعن علاقة موظف إحدى المؤسسات المختصة في الأمن الرقمي؛ بجهاز الاستخبارات الروسي، وبهذه
التسريبات.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن اسم جورجي بيتروفيتش روشكا، ظهر في تسع مناسبات بالخط السيريلي في الرسائل المسربة والمعروفة باسم "تسريبات ماكرون". وقد اخترق هذا الشخص، الذي يحمل اسمه طابعا
روسيا، في 27 آذار/ مارس 2017 الملفات التي وثقها سيدريك أو، أمين مال الحملة الانتخابية لماكرون بتاريخ 5 أيار/ مايو 2016.
وأشارت إلى أن هذه التسريبات كشفت عن مخطط عمل تفصيلي لحركة إيمانويل ماكرون، مثل رواتب الفريق الذي يعمل معه، فضلا عن النفقات المخصصة للاتصالات والمصاريف العامة، بالإضافة إلى التدفقات النقدية، مثل التبرعات. وإثر ذلك؛ ثبت بعد فحصها غياب أي مخالفات قانونية في تلك الإجراءات.
وبحسب العديد من الخبراء؛ فإن ما يثير الجدل في تلك التسريبات، هو وجود ملفات عدلت باستخدام حروف ورموز روسية يسهل على أي مبتدئ في مجال الحواسيب اكتشافها، وهي صورة أقرب إلى صورة اللص الذي يترك خلفه وثيقة تثبت هويته.
وأفادت الصحيفة أن ما يثير الفضول هو وجود شخص حقيقي يحمل اسم جورجي بيتروفيتش روشكا؛ يحوم حوله كثير من الغموض. وعند البحث في الإنترنت؛ تبين أن هذا الشخص قد شارك في مؤتمر حول معالجة المعلومات تحت عنوان "تقنيات الحوسبة المتوازية" الذي عقد في روستوف-نا-دون في نيسان/ أبريل 2014، وصنّف روشكا ضمن قائمة خبراء شركة إيفريكا.
والجدير بالذكر؛ أن هذه الشركة التي تأسست عام 1990 في سانت بطرسبرغ؛ تعد من أكبر شركات الأمن المعلوماتي في روسيا. ويعمل فيها 700 موظف، ولديها فرع في موسكو، وآخر في كورسك. وقد تحصلت سنة 2003 على تراخيص من جهاز الاستخبارات الروسي "للقيام بنشاطات تتعلق بحماية أسرار الدولة"، مثل "الكشف عن أدوات التصنت الالكترونية في الأدوات الهندسية".
وذكرت الصحيفة أن أبرز الزبائن الذين تتعامل معهم هذه المؤسسة؛ هم وزارة الدفاع الروسية، ووزارة الشؤون الخارجية، ووزارة حالات الطوارئ، ووزارة العدل، بالإضافة إلى اللجنة الوطنية للديوان، وخدمة الأمن الاتحادية، والبنك المركزي الروسي، وديوان المحاسبة.
وأوضحت الصحيفة أنه عند اتصالها بمؤسسة إيفريكا بتاريخ 11 أيار/ مايو 2017، أجابت هذه المؤسسة الروسية عن تساؤلاتها إجابة تفصيلية على لسان نائبة المدير إيرينا فلاديميرسكايا، ورد فيها أنه بتاريخ "1 كانون الثاني/ يناير 2003، و10 أيار/ مايو 2017؛ لم يعمل جورجي بيتروفيتش روشكا بشكل قار في مؤسستنا، ولم يحصل على عقد عمل مؤقت معنا"، بالإضافة إلى أن "روشكا غير موجود أيضا في قائمة طلبة مركز التكوين" وهو ما أثار العديد من التساؤلات المحيرة.
وأوردت الصحيفة أن المؤسسة الرقمية قد نفت مشاركتها في مؤتمر المعلوماتية في روستوف-نا-دون سنة 2014، غير أنه عند البحث في الإنترنت؛ تبين أن روشكا لم يكن الوحيد من مثّل المؤسسة في المؤتمر، فقد شارك أيضا سيرغي زايتسيف، الذي قالت عنه صحيفة روسيا إنسايدر إنه في سنة 2015 كان من بين المساهمين في تأسيس مركز المشاريع الخاصة في وزارة الدفاع، الذي ينتدب عادة
قراصنة الإنترنت وخبراء التشفير.
وبينت الصحيفة أن ما يثير الفضول حول هذا الموضوع؛ هو إجابات إيرينا فلاديميرسكايا التي بدت كأنها تحاول إبعاد الشبهة عن مؤسستها، بتقديمها معلومات إضافية لم تطلبها الصحيفة الفرنسية، وخاصة عندما قالت إن روشكا قد شارك في مؤتمر تقنيات الحوسبة المتوازية في نسخته لسنة 2016 في أرخانجيلسك، وفي سنة 2017 في كازان، "وبهذا حاولت نائبة مدير مؤسسة إيفريكا إثبات أن روشكا، هذه الشخصية الغامضة، معتادة على التمويه".
وفي هذا الصدد؛ بعد أن قامت صحيفة ميديابار بالتثبت في الوثائق الرسمية للمؤتمرين الذين ذكرتهما فلاديميرسكايا؛ لم تجد اسم الخبير المذكور آنفا في قائمة الحضور. وبناء عليه؛ تساءلت الصحيفة "كيف لمؤتمر تنظمه وزارة التربية والعلوم الروسية، والذي لا يحضره إلا من سمح لهم بذلك، أن تهمل تسجيل روشكا في قائمة الحضور؟".
ولفتت "ميديابار" أنه في نيسان/ أبريل؛ نشرت مؤسسة يابانية تدعى "تراند ميكرو" تقريرا كاملا حول نشاطات "باون ستورم"، وهي مجموعة هاكرز تعمل لصالح الاستخبارات الروسية للاستعلامات العسكرية. كما تعرضت هذه المؤسسة للاتهام سابقا بأنها تقف وراء عملية القرصنة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. وقد تبين من خلال تقارير المؤسسة اليابانية أنها استهدفت الرسائل الإلكترونية لحملة ماكرون الانتخابية.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن حزب مارين لوبان راهن على هذه التسريبات من أجل كسب الانتخابات الرئاسية، ولكن تبددت آماله. كما أشارت إلى أن وجود أثر روسي في هذه الملفات المسربة؛ لا يعني أن روسيا متورطة.