اخطأ السيد أحمد أويحيى، في مقارنة نتائج المشاركة الشعبية، التي أفرزها الموعد الانتخابي الخاص بالتشريعيات، بما حدث في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبر بلوغ قرابة الأربعين بالمئة، من المشاركة هو نتيجة مقبولة.
لكن الحقيقة، التي يعلمها الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، قبل غيره، أن 61.75 من المائة من الذين رفضوا الاستجابة لنداء "سمّع صوتك"، كلهم من الشباب، وغالبيتهم من الطلبة الجامعيين والإطارات، ويعلم بأن عدد الأوراق الملغاة، والعزوف الذي عرفته العملية الانتخابية في الولايات الكبرى مثل العاصمة وقسنطينة، يعني، بأن ممثلي الشعب لن يمثلوا سوى أنفسهم، كما فعل الذين سبقوهم.
وإذا كانت نتيجة الاقتراع قد صفعت السلطة والأحزاب من حيث المشاركة على وجه الخصوص، فإن ما يحزّ في النفس هو ردود الفعل التي أطلقها هؤلاء، ولا أحد منهم، اعترف، بالهزيمة الثقيلة أمام العازفين عن الانتخاب، ولا نقول قدّم استقالته، وأراحنا من الصداع الذي سبّبه لنا على مدار أكثر من عقدين من لوك الكلام الفارغ.
سيكون من المًخجل أن يختال أي نائب جديد ويفتخر بنفسه، ويزعم بأنه نائب عن الشعب، وهو لم ينل غير أصوات أفراد أسرته أو عشيرته، وسنكون من الظالمين لأنفسنا لو استمعنا بمحمل الجدّ، للتبريرات التي قدّمها رؤساء الأحزاب المسماة قوية التي افتخر بعضها بفوزه في سباق لم يشارك فيه سواه، وراح بعضه يعطي لهزيمته ولنسبة المشاركة الشعبية تبريرات سياسية، بالرغم من أنه يعلم بأن قيام هذه الأحزاب ومشاركتها في الانتخابات وترشيحها للرجال والنساء، وحملتها الانتخابية ـ وحتى فوزها لم يكن له أي علاقة بالسياسة.
غياب الكلام المفيد بعد ظهور النتائج، هو الخسارة الثانية في تشريعيات 2017، وما يحدث في ملاعب الكرة عندنا، تكرّر مع كل التشكيلات السياسية، فالفائز في دوري ضعيف جدا، نفخ ريشه، وسار مختالا فخورا، والخاسر بحث عن المشجب الجاهز، من تحكيم ظالم، وتزوير، وسوء طالع، ولا أحد تحدث عن المستوى الرديء للأداء السياسي عندنا، الذي جعل أكثر من 61 بالمئة من الجزائريين والجزائريات، يقضون يوم خميس أبيض، مارسوا فيه كل شيء، إلا الانتخاب، وجعل مليوني شخص، من الذين توجّهوا إلى مكاتب الاقتراع يصبّون مكبوتاتهم في الأظرفة، ويجعلون من الاقتراع عملية للتسلية والمزاح وتمضية الوقت.
ويبقى المؤثر في الحكاية هو لا مبالاة السلطة، التي رفضت أن تكون لها معارضة، قوية تزن بها نفسها، و"تحلّل" بها انتصاراتها، وتجعل من الاقتراع، امتحانا حقيقيا، تُكرم فيه هي، ومن عارضها أو تهان، حتى لا تبقى الميداليات الذهبية توزّع، على متسابقين يجرون لوحدهم. ولأن الاقتراع كان على وزن لعبة الكرة عندنا، فإن ما حدث يوم الخميس، هو مباراة جرت من دون جمهور "ويكلو".. والمؤسف أنها كانت أيضا "ماتش مبيوع"!
الشروق الجزائرية