أثار إعلان جماعة "أنصارالله" (
الحوثي) وحلفائهم في حزب المؤتمر (جناح علي
صالح)، تشكيل مجلس جديد سمّي "الدفاع الوطني"، تساؤلات عدة حول دوافع هذا الكيان الجديد، وهل يمهد لإعلان قانون الطوارئ.
وجاء هذا الإعلان عقب خطاب لزعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، في الأيام القليلة الماضية، دعا فيه إلى إقرار حالة الطوارئ في المدن التي يسيطرون عليها ومطاردة من أسماهم "الطابور الخامس"، أي من يعتقد ولاءه للحكومة الشرعية.
آلة قمع قهرية
وفي هذا السياق، يرى رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، أنه "لا جديد في هذه التشكيلة"، وعدّه "محاولة أخيرة لتجاوز الخلافات، التي أصبحت واقعا يوميا بين المؤتمر (جناح صالح)
والحوثيين".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن الانقلاب بات بحاجة إلى آلة قمع قهرية؛ للتعامل وكبح حالة الغضب الشعبي التي يتصدرها مؤتمريون صاروا ضحية لكافة سياساته. مؤكدا أن عملية القمع التي يراد لها من وراء هذا تشكيل المجلس، سيشترك فيها الحوثيون وقيادات المؤتمر المرتبطة بالتحالف مع الحوثيين؛ تنفيذا لإرادة عبدالملك الحوثي.
وأوضح غلاب، وهو وكيل وزارة الإعلام في الحكومة الشرعية، أن هذا الكيان الجديد يمهد لإعلان حالة الطوارئ وبداية ملاحقة التمرد المؤتمري على الانقلاب، إلى جانب محاصرة اللجنة الثورية (شكلها الحوثيون مطلع العام 2015 لإدارة البلاد) وإلحاقها بمجلس الدفاع هذا، والذي سيرتبط بزعيم الحوثيين.
وأضاف أن هذا المجلس هو محاولة من قبل الحوثيين لابتلاع المؤتمر (جناح صالح) باتجاهين، الأول يلتحق به، أي الحزب، ويقمع الاتجاه الآخر المظلوم، الذي أصبح غير قادر على تحمل نتائج السيطرة الشمولية للحركة وتدميرها للدولة والمجتمع.
تمهيد للتوافق على قانون الطوارئ
من جانبه، قال رئيس المركز الإعلامي لحزب المؤتمر (الجناح الموالي صالح)، أحمد الحبيشي، إن تشكيل المجلس ضروري لتفعيل القواعد القانونية العامة لإعلان حالة الطوارئ.
وأضاف في حديث لـ"
عربي21" أنه سيعمل على توفير أساس قانوني للتعامل مع من وصفهم بـ"الطابور الخامس" ومخابئ الأسلحة والمفخخات. وفق تعبيره .
وأكد الحبيشي أن تشكيلة المجلس تضم المؤتمر و"أنصار الله"، ومعنى ذلك "التمهيد لوجود توافق في البرلمان (يشكل نواب صالح أغلبية فيه) بشأن وضع قواعد قانونية عامة لحالة الطوارئ.
التوتر قائم بين صالح والحوثي
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، إن ما يسمى "
مجلس الدفاع الوطني"، الذي أعلن عنه مؤخرا، لا يعبّر عن إرادة مشتركة لطرفي الانقلاب، كما أنه لا يعكس حالة قلق من تطورات عسكرية، طالما أن تحرك الجيش الوطني والتحالف العربي لم يتوقف.
وأوضح في حديث لـ"
عربي21" أن هذا الكيان الجديد يعبر بصورة أكبر عن مستوى خطير جدا من التوتر في العلاقة بين تحالف الانقلاب (الحوثي وصالح)، تتجلى مظاهره في الأنباء التي تتحدث عن استقالة عبد العزيز بن حبتور رئيس حكومة الإنقاذ بصنعاء، فضلا عن الخطاب الإعلامي المليء بالغضب داخل منظومة المخلوع صالح وحزبه.
وجرى بالأمس تداول أنباء عن تقديم رئيس حكومة الإنقاذ (شكلها الطرفان نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي)، بن حبتور؛ بسبب تدخلات الحوثيين في صلاحياته، لكن وكالة "سبأ" بنسختها الحوثية نفت على لسان مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء، لم تسمه، صحة هذه الأنباء.
وأشار إلى أن هناك أدلة كثيرة على أن "الطابور الخامس" الذي أشار إليه من أسماه "زعيم المليشيا" (في إشارة إلى الحوثي) ليس سوى أنصار المخلوع صالح، الذين بدأوا يعبرون عن تذمرهم من استبداد جماعته بالقرار واحتكارهم الموارد المتاحة.
وقال السياسي
اليمني إنه من الواضح أن الحوثيين يريدون الإيهام بأن هناك ظرفا استثنائيا، ومن خلاله يمكنهم مواجهة حلفائهم في إطار بات معلنا من الصراع على السلطة في صنعاء.
ووفقا للمتحدث ذاته، فإن تحالف الانقلاب بدأ تكتيكيا ومؤقتا؛ لأن مشروعي السلطة اللذين يحملهما لا يلتقيان، وهو اليوم يتداعى لتلاشي مبررات إقامته، بعد اختلال التوازن لصالح الحوثيين على ما يبدو.
وكان الحوثيون أعلنوا، الثلاثاء، إعادة تشكيل ما يسمى "مجلس الدفاع الوطني"، الذي ضم أحد عشر عضوا، يتقدمهم رئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد (قيادي حوثي) رئيسا، وعضوية كل من رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، وهو قيادي بجناح صالح بجزب المؤتمر، ووزيري الدفاع والداخلية في الحكومة الموالية لهم بصنعاء، وآخرين.