حذر خبراء مصرفيون في دراسة حديثة صدرت في سويسرا، من أضرار العملات الرقمية وفي مقدمها "
بيتكوين"، على الاقتصاد ومكافحة تبييض الأموال والعصابات المنظمة والإرهاب الدولي، رغم أنها تشكل الصرخة الأخيرة في عالم المال والأعمال.
ويتجانس التقرير السويسري مع النتائج الصادرة عن منظمة "فاتف" الدولية المستقلة التي تعمل على هندسة سياسات مالية وتعميمها، بهدف حماية النظام المالي من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
ويُجمع الخبراء السويسريون ونظراؤهم في منظمة "فاتف"، على أن العملات الرقمية خصوصا "بيتكوين"، ستكون موجة أنظمة الدفع المستقبلية لملايين المستهلكين. وفي الوقت ذاته، ستعطي هذه العملات مجالا مفتوحا أمام المنظمات الإجرامية والإرهابيين والمتهرّبين من الدفع الضريبي لتدوير أموال غير شرعية وإخفائها، يستحيل أن يطالها القانون الدولي.
يذكر أن "بيتكوين" التي ظهرت عام 2009، هي العملة الافتراضية الأولى التي لم يصدرها أي مصرف مركزي في العالم أو أي هيئة مالية حكومية، والتي أُطلق عليها اسم العملة الأولى الكريبتوغرافية.
ويزداد عدد المشغلين المتعاملين بهذه العملة حتى في سويسرا، أي يمكن فتح حساب مشابه للحساب المصرفي الكلاسيكي، لكن يعتمد على الـ"بيتكوين".
غير أن اللافت في الأمر أن هؤلاء لا ينتمون إلى لائحة المشغلين الذين يعملون تحت طيات قوانين مكافحة تبييض الأموال، ما يعني أن المشغلين في تجارة العملات الرقمية عموما، ليسوا معنيين بالتقييد بأي آلية رقابة دولية، تحضهم على التأكد من هوية الزبائن وخزن ما يتوافر من معلومات عنهم، بهدف إبلاغ السلطات المحلية عن أي صفقة تجارية مشكوك فيها.
وبما أن هوية المشغلين والزبائن في تجارة العملات الرقمية تبقى غير معروفة، لا يسع المراقبون الماليون الدوليون إلا البقاء "مكتوفي الأيدي" بما أن هدفهم يبقى مجهول الهوية.
ويمكن شراء البيتكوين عن طريق اليورو أو الدولار أو أي عملة صعبة أخرى أو حتى عملات رقمية أخرى. أما بيعها فيتم بالطريقة ذاتها.
وعن انتشار هذه العملة حول العالم، يفيد خبراء بأن عددها الكلي بلغ 21 مليونا في أبريل/نيسان من عام 2014، بقيمة سوقية تبلغ نحو 5.5 مليارات دولار تقريبا.
ووفقا لصحيفة "الحياة"، تشير مصادر في مدينة لوزرن إلى أن تمويل الإرهاب الدولي عبر العملات الرقمية تحول من حلم إلى حقيقة، بسبب التكنولوجيا المتقدمة. وبما أن عملة "بيتكوين" تثير شهية ممولي الإرهاب الدولي، يمكن القول إن سويسرا تحاول تفادي هذه العملة الكريبتوغرافية على أراضيها، نظرا للأخطار المُحدقة بأمن البلاد.
علما بأن الشبكة العنكبوتية شهدت في السنوات الأخيرة، ولادة مواقع إلكترونية تتصل بمنظمات إرهابية مثل "داعش"، وتعطي تعليمات لزوارها حول كيفية استعمال عملة "بيتكوين"، للالتفاف حول أنظمة المراقبة بهدف تمويل شبكات الإرهاب الدولية.
ولا يشمل التداول بعملة "بيتكوين" تمويل الإرهاب الدولي فقط، بل يطال قطاعات أخرى في مقدمتها بيع الأدوية والأسلحة وجوازات السفر المزورة وسلع وخدمات أخرى وشراؤها، ناهيك عن التجارة بالمخدرات وتبييض الأموال ونشاطات القرصنة المعلوماتية، واللافت أن هذه الأنشطة تتم بسرية تامة عبر اللجوء إلى تنفيذ صفقات مالية كبيرة عبر عملة "بيتكوين".
وعلى صعيد القارة القديمة، يحاول أشخاص في عالم الاحتيال، اعتماد أنظمة دفع مماثلة لما تبنته شركة "سكيل رود" الأمريكية، التي عملت السلطات الأمريكية على إغلاقها نهائيا.
ويذكر أن السلطات الأمريكية وضعت يدها داخل هذه الشركة الأمريكية، على نحو 174 ألف "بيتكوين" بقيمة سوقية تبلغ 34 مليون دولار.
وعن طريق عرض وتسويق كل ما يخطر في الرأس البشري من سلع وخدمات غير شرعية، تمكنت هذه الشركة من توليد عائدات سنوية وصلت إلى 1.2 مليار دولار أو ما مجموعه 9.5 ملايين "بيتكوين".
وفي مقابل بيع هذه السلع كانت الشركة تتقاضى عمولة، تتراوح بين 8 و15 في المائة من قيمة المبيعات. ولا شك في أن أذكياء التجارة غير الشرعية يسعون إلى تفعيل مفهوم شركة "سكيل رود" أوروبيا.