سياسة عربية

لجنة تحقيق توصي بمعاقبة ضباط قمعوا وقفة "الأعرج" برام الله

احتج المتظاهرون على استمرار محاكمة الأعرج بعد مقتله- أ ف ب
احتج المتظاهرون على استمرار محاكمة الأعرج بعد مقتله- أ ف ب
سلمت لجنة التحقيق في قمع الأجهزة الأمنية وقفتين رافضتين لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه أمام المحاكم الفلسطينية، في رام الله وبيت لحم، يوم 12 آذار/ مارس 2017، تقريرها إلى رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الاثنين.

وأوصت اللجنة التي ترأسها وكيل وزارة الداخلية محمد منصور، وشارك فيها رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك، ونقيب المحامين حسين شبانة، بمعاقبة ضباط كبار في الأجهزة الأمنية، بينهم مدير شرطة رام الله، الذي أصدر القرار بقمع الوقفة، وقائد وحدة الشرطة الخاصة التي شاركت في القمع.

كما أوصى التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، بمعاقبة عنصر من الأجهزة الأمنية كان يرتدي لباسا مدنيا، اعتدى بالضرب على المتظاهرين، وأيّد تحقيقا داخليا في الشرطة أوصى بمعاقبة عدد من الضباط والعناصر الذين شاركوا في فضّ الاعتصام، إضافة إلى دعوته لإصدار تعميمات وقوانين لمنع تكرار الحادثة".

قمع عنيف وغير قانوني

وبيّن التقرير أن قمع الوقفة كان مخالفا للمدونة الفلسطينية في التعامل مع الوقفات والاعتصامات، التي تمنع قمع أي وقفة حتى لو كانت خارجة عن القانون إذا لم تشكل خطرا على حياة المواطنين.

وأضاف التقرير: "رغم التأكيد على عدم قانونية التفريق ابتداء، فإن التفريق شابه الكثير من المخالفات الواضحة، حيث بدأ دون إعطاء إنذار تحذيري، واستخدم فيه مستوى عنف عال، من خلال الضرب بالهراوات، وإطلاق كثيف لقنابل الغاز بشكل أفقي خطير، رغم وجود رياض أطفال ومدارس في المنطقة، ما لم يترك أي مكان آمن للصحافيين والحقوقيين".

وتابع التقرير: "اعتدى عناصر من الأجهزة الأمنية على والد الشهيد باسل الأعرج، خلال محاولته تخليص شاب من الاعتقال، كما اعتدوا، بمشاركة مدير شرطة رام الله، ودون أي مبرر، على عدد من الصحافين بالضرب المبرح، وسحب المعدات والكاميرات، رغم التأكد من أنهم صحفيون، واستمرت عناصر أمنية في ضرب المتظاهرين رغم تقييد حركتهم، ثمّ شاركت عناصر أمنية بلباس مدني في القمع، ومحاولة سحب الكاميرات من الصحافين، والجوالات من بعض الناشطين، وأسفر القمع عن إصابة عدد كبير، نقل منهم 9 إلى المستشفى، واعتقال 6 ناشطين أطلق سراحهم فيما بعد".

أما في بيت لحم، فأوضح التقرير أن "الوقفة بدأت سلمية، ثمّ تحولت إلى تجمع غير شرعي، ألقيت فيه القنابل محلية الصنع، والزجاجات الحارقة نحو مقر الشرطة، وأصيب فيه ثمانية من أفراد الأجهزة الأمنية بجراح"، موصية النيابة العامة بالتحقيق في الأمر، وإحالة من يثبت تورطه إلى القضاء.

تعهّد بتنفيذ التوصيات

وجاءت الوقفتان احتجاجا على استمرار محاكمة باسل الأعرج وخمسة شبان آخرين أمام المحاكم الفلسطينية، بعد أسبوع تقريبا من استشهاد الأعرج في رام الله على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي حاولت اقتحام منزله لاعتقاله.

وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت الأعرج ورفاقه في نيسان/ أبريل الماضي؛ بتهمة تشكيل خلية لمقاومة الاحتلال، وأطلقت سراحهم في أيلول/ سبتمبر، بعد إضرابهم عن الطعام، ثم اعتقل الاحتلال أربعة منهم، فيما اختفى الأعرج عن الأنظار حتى مقتله في السادس من آذار/ مارس الجاري.

وقال رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار دويك، إن رئيس الوزراء رامي الحمدالله أكّد للجنة عند تسلم التقرير أنه سينفذ التوصيات المتعلقة برئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، فيما رأى الدويك أن التوصيات الأخرى بحاجة إلى متابعة من أجل تنفيذها.

وأشار إلى أن النتائج التي وصلت إليها اللجنة بنيت على شهادات من أكثر من 30 شخصا من المشاركين في التظاهرات وشهود العيان والصحفيين وأفراد الأمن، إضافة إلى الاطلاع على صور الكاميرات، وتسليح الأجهزة الأمنية وأوامر العمليات، ومحاضر التحقيق الخاص بالشرطة.

ورأى الدويك، في حديثه لـ"عربي21"، أن "كل المؤشرات تفيد بنية الجهات المسؤولة تنفيذ التوصيات، حيث إن التقرير أنجز بسرعة، وشارك فيه ممثلون للمجتمع المدني، ونشرت نتائجه للمرة الأولى في الإعلام، إضافة إلى تعهد رئيس الوزراء بالتنفيذ، ومباركة الرئيس محمود عباس للتحقيق"، وفق قوله.

سياسة أصيلة

من جهته، استبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، عبد الستار قاسم، تنفيذ السلطة الفلسطينية توصيات لجنة التحقيق؛ لأن "معاقبة المخطئين ستفتح الباب أمام معاقبة غيرهم، وهو ما لا تريد السلطة"، وفق تقديره.

وأضاف لـ"عربي21": "السلطة تبدع دائما في تشكيل لجان التحقيق، لكنها لا تنفذ شيئا منها، وتتركها على الرفوف، ولو حدث ونفذت السلطة توصيات هذه اللجنة بعد نشرها ومشاركة المجتمع المدني فيها، فإنها لا تلبث أن تعود لعادتها القديمة في القمع وانتهاك حقوق الإنسان؛ لأن ذلك سياسية أصيلة عندها"، كما قال.

وأوضح قاسم أن "ما نحتاجه على الحقيقة آلية رقابة ذاتية دائمة لمثل هذه الأمور، لا تخضع للظروف وحسابات الداعمين الأوروبيين، وهو ما لا يتوفّر شيء منه الآن".

في المقابل، لفت المحلل السياسي جهاد حرب إلى أن "نشر النتائج ومشاركة المجتمع المدني تجعل تنفيذ توصيات اللجنة أمرا مرجحا، خاصة بعد إعلان رئيس الوزراء الالتزام بها، وهو ما سيساعدها على استعادة الثقة".

وتابع في حديث لـ"عربي21": "التقرير لا يدين الحكومة باعتبارها سلطة سياسية، بل يدين إجراءات أمنية بعينها، ويدعو إلى محاسبة المخطئين، وهو أمر يعطي السلطة مساحة واسعة لتنفيذ التوصيات"، وفق قوله.

اقرأ التقرير كاملا من هنا (PDF)
التعليقات (0)