الود الذي راكمه دونالد ترامب حيال فلاديمير بوتين آخذ في الذوبان، ومؤشر العلاقات المتوترة مع موسكو أيام باراك أوباما قد يتحوّل مع ترامب علاقات عاصفة، ففي البيت الأبيض رئيس مفعم بـ"الأنا" غير منضبط وفجائي، يكسر القوانين، ويقفز فوق المنطق، والاستعراضية الواضحة في سلوك بوتين تجعله على شيء من "مواهب ترامب".
كل ما قاله ترامب عن "بوتين الرئيس الأقوى من أوباما"، وكل ثعلبة بوتين وريائه في ثنائه على ترامب خلال الحملة الانتخابية يصبح من الماضي، فالثلج يذوب في المساحة السياسية بين البيت الأبيض والكرملين، والمرج قد يحمل الكثير من الخلافات بين رئيسين لا يمكن التكهّن بما قد يقررانه من سياسات ويتخذانه من قرارات.
رهان بوتين على ترامب و" آكلك منين يا بطة" مضحك، لكن المضحك أكثر هو لحس ترامب تصريحاته الدافئة السابقة عن بوتين؛ ففي 27 كانون الثاني، وقف إلى جانب تيريزا ماي أول زوّاره، وأسقط كل ما قاله عن التقارب مع روسيا وتحسين العلاقات مع بوتين، وقال: "إن من السابق لأوانه الحديث عن إلغاء العقوبات الأمريكية على موسكو"!
كل كلامه عن التعاون والعلاقات الدافئة مع بوتين يصبح من الماضي عندما يقول "إن تحسين العلاقات مع روسيا والصين احتمال قد لا يحصل، ولا أعلم اذا كانت العلاقة ستصبح جيدة أم سيئة، أو أنه لن تكون هناك علاقات معهما على الإطلاق... سنرى ما سيحصل"... والأحد في الخامس من شباط الماضي قال لقناة "فوكس نيوز": "أنا أحترم الرئيس بوتين، ولكن لا أعلم إذا كان التفاهم بيننا ممكنا"! أول امتحان للعلاقة بين الرجلين هو الحديث الآن عن ترشيح جون هانتسمان، ليخلف السفير الأمريكي جون تيفت في موسكو، بدليل ما يقوله السيناتور الروسي اليكسي بوشكوف، من أنه لا يرحب بهذا؛ "لأن هانتسمان اعتاد توجيه انتقادات شديدة إلى روسيا، إنه صقر وليس حمامة".
صحيح أن الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف قال إن موضوع من سيرأس البعثة الأمريكية شأن أمريكي داخلي، ونحن لا ننوي التدخل في الشؤون الداخلية الأمريكية، لكن بوتين مثل بوشكوف يعرف أن ترامب محاط بمراكز قوى لا تريد تحسين العلاقات مع موسكو ما لم تتوقف سياسات بوتين التدخلية في أكثر من مكان!
التقارير الديبلوماسية توقعت أن ينتهي شهر العسل بين ترامب وبوتين؛ لأن ترامب يحتاج إلى تأييد الغالبية الجمهورية في الكونغرس؛ ولهذا فهو مضطر إلى مماشاتهم، وتشديد لهجته ضد موسكو، في حين يؤكد أندريه فيدوروف النائب السابق لوزير الخارجية الروسي، أن لا أحد في الكرملين يصدّق أن ترامب سيكون صديقا لروسيا، وان الطريق الوحيد لتحسين العلاقات هو الجلوس إلى طاولة المفاوضات.