بورتريه

"الخوذ البيضاء".. أبطال صنعتهم الحرب (بورتريه)

الخوذ البيضاء بورتريه
الخوذ البيضاء بورتريه
شجاعتهم واختيارهم للمهنة الأكثر خطورة في العالم ألهمت الكثيرين حول العالم.

رئيس النظام السوري بشار الأسد، استهزأ بهم حين سألته وكالة "أسوشييتد برس" في دمشق خلال مقابلة تلفزيونية عن "الخوذ البيض" أو "White Helmets"، وكيف أنهم ساهموا في إنقاذ حياة نحو 73 ألف مدني سوري بقوله: "من هم؟"، معيدا عبارة الرئيس الليبي معمر القذافي الشهيرة "من أنتم؟"، وكان رد فعل روسيا مشابها، فهي هاجمت الفيلم، واعتبرتهم يمثلون "أجندة، وليسوا قوات إنقاذ".

جهات دولية وصل عددها إلى 126 ترشح "الخوذ البيض" لجائزة "نوبل للسلام" لعام 2017، بعدما رشحوا العام الماضي للفوز بالجائزة، لكنها ذهبت لغيرهم.

"الدفاع المدني السوري" أو ما بات يعرف بـ"الخوذ البيض"، المؤسسة التي بدأت عملها في 2013، باتت اليوم تسيس دمشق وروسيا عملها، وتتهم طواقمها بأنهم ينفذون أجندات معينة، رغم أنهم فقدوا نحو 166 عضوا، وأصيب منهم 400 بجراح بعضها خطرة، أثناء قيامهم بمهمات إنقاذ المدنيين.

حياتهم على موعد في كل لحظة مع الموت، فمراكز عملهم تتعرض للقصف المستمر من قبل النظام وبراميله المتفجرة والطيران الروسي، وأيضا من قبل القناصة والجماعات المتطرفة.

ويعدّ عملهم قصة أمل مشرقة في أكثر الزوايا ظلمة في التراجيديا السورية، وفق وصف الناشطين.

وطواقم الخوذ البيض، أناس عاديون صبغت عليهم مهامهم الخطرة والمميتة صفة البطل الاستثنائي، فهم ليسوا أكثر من تجمع من أصحاب المهن من خياطين وخبازين وكهربائيين ودهانين ونجارين وطلاب ومعلمين وغيرهم من السوريين، يسعون لإنقاذ حياة من وقع تحت أنقاض القصف الذي يتركز على مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية.

وحين يختبئ الجميع خوفا من تساقط القنابل والصواريخ والبراميل الناسفة، يسرع هؤلاء المتطوعون للمساعدة وإنقاذ الأرواح، ودفن الضحايا بطريقة لائقة، حيث تنعدم أي خدمات عامة، محاولين تقديم العون والمساعدة لمن هم بحاجتها، بغض النظر عن الدين أو الانتماء السياسي، أو الجهة المسلحة التي تطلق الرصاص.

ووفقا لنشطاء سوريين يدعمون "الخوذ البيض"، فقد ارتأى هؤلاء أن يستيقظوا كل صباح ليعرضوا حياتهم للخطر، من أجل إنقاذ حياة الآخرين، فيما يحاول البعض إزهاق هذه الأرواح.

وتقوم "الخوذ البيض" بتوفير الخدمات العامة لأكثر من سبعة ملايين شخص، بما فيها إعادة توصيل الكيبلات الكهربائية، وتوفير معلومات حول السلامة للأطفال، وتأمين المباني بعد القصف من خطر الانهيار.

وسلط فوز فيلم "الخوذ البيض" بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير أضواء العالم على منظمة الدفاع المدني السوري، والعبء الذي يتحمله متطوعو المنظمة لإنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض بإمكانيات بسيطة.

وتبدو قيمة الفيلم الإنسانية متفوقة بكثير على إمكانياته الفنية، ووفقا للناقد السينمائي الفلسطيني سعيد أبو معلا، فإن تصوير فيلم وثائقي تحت القصف يعد من أخطر أنواع العمل الفني، بالتالي فإن محاكمته فنيا كفيلم أنتج في ظروف عادية يعد ظلما له.

ومع ذلك، فإن الواقعية والتصوير الميداني لما نسمع عنه فقط، يعد سمة أساسية للفيلم، والقضية التي يحملها تجعله وثيقة أساسية لإدانة القتلة والموت، وفق قوله.

الفوز بجائزة الأوسكار وترشيحها لجائزة نوبل للسلام، يضع "الخوذ البيض" أمام مسؤولية وأمانة أكبر، ويجعل مهمتة طواقمها ورسالتها أصعب في ظل استهدافها بشكل مباشر، من الطيران السوري والروسي والقناصة، وهي إيصال صوت الضحايا والحديث عن معاناتهم أمام العالم.

وتزامن فوزها بجائزة "الأوسكار" مع إعلان الدفاع المدني عن إخراج طفلة حية من تحت الأنقاض، بعد قصف جوي، فكانت الجائزة حدثا يستحق الحديث والإشادة.

وعمل رجال الإنقاذ متعب للأعصاب، وهو عمل صعب يمقته القائمون به، وفقا لبيان لـ"الخوذ البيض"، فما يسعون له ليس إنقاذ الأرواح، وإنما وقف إراقة الدماء في سوريا. وإنهاء معاناة السورين المتواصلة منذ نحو خمس سنوات، وفق قولهم.

وهي مهمة أقرب إلى المجازفة بحياتهم في كل لحظة بوجود الآلة العسكرية الروسية الضخمة، والبراميل المتفجرة، وجميع الأسلحة المحرمة دوليا، و"الضعف المخجل للعالم أمام واحدة من أبشع الجرائم التي ترتكب في التاريخ الحديث"، بحسب ما صرحوا به لوسائل إعلام.

"الخوذ البيض"، بقعة ضوء في نفق مظلم طويل، ينبغي أن تشع أكثر من أجل الإنسان السوري والعربي.
التعليقات (1)
the king
الجمعة، 10-03-2017 04:57 م
الرسمة بتشبه بشار الاسد بس معناها حلو