ينتشر مفهوم "
المخدرات الرقمية" في السنوات الأخيرة، وسط الكثير من الشائعات والمعلومات المتباينة والمتناقضة، فيما يعتقد كثيرون بأنها مواد سمعية قادرة على التأثير في عقل الإنسان من خلال الأذن، تماما كما هو حال المواد التي يتعاطاها المدمنون من خلال الفم أو الأنف، وهو ما يفتحُ الكثير من الأسئلة حول صحة ما يتداوله الناس عن "
المخدرات الرقمية".
وانتشرت في الآونة الأخيرة فيديوهات تُظهر أشخاصا تعرضوا لهذه "المخدرات" تنتابهم حالات هلوسة وبعض الحركات الانفعالية اللاإرادية.
وبحسب المعلومات التي جمعتها "عربي21"، فان المخدرات الرقمية انتشر الحديث عنها في الإعلام العربي حديثا، وبشكل متأخر عن الإعلام الغربي بخمس سنوات على الأقل، وهي عبارة عن "مقاطع أو نغمات يسمعها الإنسان عبر سماعات الأذن"، إلا أنها عُرفت أيضا قديما عندما تم اكتشافها على يد عالم الفيزياء الألماني "هينريش دوف" عام 1839، وكانت تسمى آنذاك "النقر بالأذنين"، أما حديثا فبدأ استخدامها عام 1970 لبعض الحالات النفسية، مثل حالات الاكتئاب النفسي الخفيف التي لا يستجيب بها الشخص للعلاج السلوكي "الأدوية".
وبحسب ما تقول العديد من التقارير، فإن "آلية عملها تتم عبر بث ترددات معينة إلى الأذن اليمنى وبالوقت ذاته بث ترددات بدرجة أقل إلى الأذن اليسرى، مثلا لو تعرضت الأذن اليمنى لموجة 325 هيرتز، وفي الوقت نفسه تعرضت الأذن اليسرى لموجة 315 هيرتز، فإن الدماغ يعمل على معالجة الموجتين؛ لتشكيل صوت وموجة جديدة، بحيث تكون موجة 10 هيرتز مماثلة للموجة التي ينتجها الدماغ أثناء الاسترخاء والتأمل".
ولا يوجد من الناحية القانونية أي قوانين في الدول العربية تُجرم تداول أو الاستماع لهذه المقاطع الموسيقية، وتقوم العديد من المواقع الإلكترونية على الإنترنت ببيع مقاطع موسيقية تزعم أن لكل واحد منها تأثيرا نفسيا معينا.
وقال مدير المكتب الإعلامي في الأمن العام الأردني، المقدم عامر السرطاوي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إن "هذه المخدرات هي كذبة، ولم نصادف حالات إدمان عليها بالمعنى الحقيقي للإدمان خلال مواجهتنا وملاحقتنا للمخدرات ومدمنيها، كما أنه حتى الآن لا يوجد أي قانون يُجرّم سماعها".
بدوره، قال الطبيب النفسي علاء الفروخ لـ"عربي21" إن "المواضيع والمقالات التي نُشرت عن المخدرات الرقمية وتأثيراتها على الإنسان ليست مبنية على أي أساس علمي، وهي على الأغلب مجرد فكرة ترويجية، وإلى الآن لا يوجد مصادر علمية موثوقة تؤكد وجود هذا النوع من المخدرات".
وأضاف الفروخ: "في تقديري فإن البعض لديهم فقط إدمان سلوكي على بعض العادات، ومنها الاستماع المطول لأنواع معينة من الموسيقى يحاولون إقناع أنفسهم أنه مماثل للإدمان على العقاقير المخدرة".
وشرح الفروخ لـ"عربي21" بأنه "لا يمكن بأي شكل من الأشكال مقارنة الأثر الذي تتركه العقاقير المخدرة على كيمياء الدماغ بالاستماع لنغمات معينة، والموضوع برمته ما زال يحتاج لبحث علمي موزون من قبل جهات علمية موثوق بها وبمصداقيتها".
يشار إلى أنَّ العديد من المواقع الإلكترونية على الإنترنت تروج إلى أنها تبيع "مخدرات موسيقية"، ليكتشف الزبائن والمشترون أنها ليست سوى مقاطع موسيقية أجنبية ليس لها أي تأثير على دماغ الإنسان.