تشهد محافظة
حضرموت في أقصى شرق اليمن، حراكا سياسيا متعدد الاتجاهات منذ أسابيع، بالتزامن مع وصول الرئيس عبدربه منصور
هادي الى مدينة المكلا (عاصمة المحافظة) للمرة الاولى منذ توليه مقاليد الحكم، في زيارة بدأها يوم الاحد ولم تنتهي بعد، الأمر الذي فتح باب التساؤل واسعا حول أبعادها وتوقيت الزيارة.
الحراك السياسي يتمثل بالترتيبات الجارية لما سُمّي "المؤتمر الحضرمي الجامع"،الذي قد يحدد مستقبل المحافظة الغنية بالنفط في ظل الاستقرار النسبي السائد فيها، مع بعض بقاء بعض التجاوزات الغير قانونية ولعل أبرزها حملات الاعتقال التي طالت عددا من رجال الدين.
وتعد حضرموت ثالث أهم المدن في البلاد، والخاضعة لقوات الشرعية، بعد فرار تنظيم القاعدة من "المكلا" على وقع الحملة العسكرية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية في نيسان/ إبريل من العام الجاري، بعد عام كامل من سيطرة التنظيم عليها.
زيارة مهمة
من جهته، أفاد مصدر متابع لخلفيات زيارة هادي لحضرموت بأنها زيارة تكتسب أهمية كبيرة، لتطبيع الحياة في المحافظة والوقوف على الحالة الأمنية ومتطلبات الجهاز التنفيذي والعسكري الى جانب دعم خطة فريقه الحكومي لتفعيل تصدير النفط واستئناف الشركات النفطية لنشاطها هناك.
وأضاف المصدر مفضلا عدم ذكر اسمه لـ"
عربي21" أن توقيت زيارة هادي للمكلا، في ظل ما تشهده من حراك مجتمعي متعدد الاتجاهات والأبعاد، تأتي لقياس المزاج السياسي للحضارم تجاه شكل الدولة القادمة (النظام الاتحادي) الذي يغذيه الحراك السياسي القائم بين المكونات الحزبية والمجتمعية في سياق الترتيبات لما يسمى بـ"المؤتمر الحضرمي الجامع".
ولذلك يسعى هادي، وفقا للمصدر، ملامح المستقبل للمحافظة الغنية بالنفط، ولم يستبعد تدخله في سياقات المؤتمر الحضرمي باعتباره "إطارا سياسيا" قد يضم فيه معظم الفاعلين السياسيين، وترويضه بما يتوافق مع مخرجات الحوار والمرجعيات القائمة والنافذة للشرعية الدستورية.
ويشير المصدر الى أن الرئيس هادي يستند في موقفه على حجم الهوة والانقسام بين المكونات السياسية في المحافظة، وسط دعوات مكونات عدة بتصحيح مسار المؤتمر بعيدا عن الإقصاء والتهميش.
حراك ليس وليد اللحظة
في هذا السياق، يرى السياسي والقيادي البارز في حزب الاصلاح، متعب بازياد أن الحديث عن وجود حراك سياسي أو حالة التفاعل في المشهد الحضرمي، لا يمكن فصله عن الاحداث التي تنتظم في اليمن والمنطقة بشكل عام.
وقال بازياد في حديث خاص لـ"
عربي21" إن حضرموت تعيش اليوم في قلب التغيرات الكبرى في اليمن والمنطقة، لكن هذه المرة يمكن ان تكون عامل ضبط للإيقاع ورمانة الميزان في ميزان الصراع الداخلي وتداعياته على الخليج العربي.
وأوضح أن الحراك السياسي الحالي في حضرموت، والمتمثل بما سمي بـ"مؤتمر حضرموت الجامع" هو نتاج تفاعلات وتوافقات جرت في السابق.
ولعل أبرزها وفقا للسياسي الحضرمي بازياد، وثيقة "الرؤية والمسار" التي توافق عليها كل ألوان الطيف السياسي في تموز/يوليو2011، "لرسم نضال الحضارم المستقبلي وتلافي ما لحق بهم على مدى مرحلة امتدت لأكثر من نصف قرن من الظلم والتهميش في إطار الدولة الجنوبية ثم دولة الوحدة بعد عام 1990.
وعبر عن اعتقاده أن الحراك الحالي باتجاه عقد المؤتمر الحضرمي الجامع هو استمرار لتلك الجهود، التي يجب أن تعطى بعدها الشعبي وتحويلها الى برنامج عمل يؤسس لموقف حضرمي موحد.
وأشار القيادي في حزب الاصلاح إلى أن المؤتمر الحضرمي الجامع الذي يجري الترتيب له، ليس وليد اللحظة، بل الدعوة له كانت مواكبة لميلاد وثيقة الرؤية والمسار، ولكن الأحداث المتلاحقة في اليمن وحضرموت قد أ?خرت انعقاده. مضيفا أن الفرصة مواتية اليوم للتفكير الجدي في عقد هكذا مؤتمر لتتويج اجماع حضرمي حول القضايا الرئيسية التي تضمنتها تلك الرؤية السياسية.
ولفت الى أن إقليم حضرموت، يعد أحد الخيارات التي تبنتها الرؤية والمسار في حينها، والآن في ظل مخرجات الحوار الوطني الشامل وبيان مؤتمر الرياض يحظى هذا الخيار –الدولة الاتحادية – بمباركة وتأييد إقليمي ودولي .
إخفاقات تتلاشى
من جانبه، أعترف الاعلامي الحضرمي، أحمد بن زيدان، بوجود إخفاقات في بدايات التحضير لهذا المؤتمر الذي تبناه حلف حضرموت (تحالف قبلي)، لكن الاداء العام للترتيبات لمؤتمر حضرموت الجامع تحسن عقب تشكيل لجان تواصل ومتابعة لكل بلدات المحافظة.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن اللجان المشكلة تلك، باشرت عملها في لقاء النخب والمختصين بمختلف التخصصات والتوجهات السياسية والاجتماعية، على مستوى الداخل أو أو الخارج (المهجر). مشيرا الى أن الهدف من هذا الاجراء "تجميع الرؤى وتلاقح الافكار بما يخدم المجتمع الحضرمي في النهضة والاستقرار الامني".
وحول الانتقادات الموجهة للطريقة التي جرى بها التحضير للمؤتمر، أوضح بن زيدان أن رضاء الناس غاية لا تدرك، وحتى اللحظة لم نصل بعد لحجم المشاركين في هذا المؤتمر وأسس المشاركة والتمثيل الذي سيحدد مع موعد انعقاده لاحقا.
كما لفت الى أن التهميش والإقصاء، كانا موجوين، في بدايات التحضير، لكن هاتين الحالتين تتلاشى يوما بعد يوم، بعدما فتح القائمون على المؤتمر الباب أمام الرؤى واستقبالها بشتى الوسائل،
أما التمثيل المقلق للبعض، يقول زيدان وهو عضو المركز الاعلامي للمؤتمر، سيتم تصحيحه لاحقا، وغالب الظن أنه سيكون مرضيا لغالبية أبناء حضرموت. منوها الى أن الفرصة لاتزال متاحة لتصحيح أي خطأ أو تهميش، وعند إعلان قوائم ممثلي المكونات السياسية والمجتمعية ستتضح الصورة.
وأكد المتحدث ذاته، أن مؤتمر حضرموت الجامع لن يتجاوز أو يخرج عن الثوابت الوطنية والمرجعيات القائمة عليها الشرعية الدستورية.
??
وقد يشكل انعقاد المؤتمر الحضرمي الجامع، نقطة فارقة في تاريخ المحافظة والمدن المحيطة بها المنضوية ضمن إٌقليم حضرموت، لكن التحديات لاتزال ماثلة أمامه، في ظل دعوات تصحيح مساره، الذي يتزامن مع رفض بعض القوى في محافظة المهرة وسقطرى تأطيرها ضمن هذه الاقليم.