تدخل الأزمة السورية محطة جديدة عبر محطة أستانة عاصمة كازاخستان بحضور روسيا وتركيا وإيران كأطراف دولية وإقليمية فاعلة على الأرض السورية في ظل إنزواء الولايات المتحدة بانتظار تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب؛ واكتفاء الدول الأوروبية بالمراقبة واقتصار الدور العربي على الفرجة ومتعة المشاهدة وانتظار المعارضة السياسية السورية في الائتلاف دعوة لحضور القمة الثلاثية بصفة مراقب على أحسن تقدير.
فقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها لا تنتظر مشاركة الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة في الاجتماع السوري السوري في كازاخستان الشهر المقبل.
لا يحتاج المرء لتبصر كبير لإدراك أن قرار الحرب والسلم في سوريا بات بأيدي قوى دولية وإقليمية وأن أطراف النزاع من النظام والمعارضة السورية يأتون لاستكمال المشهد دون مشاركة فاعلة.
فبحسب نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إن "وفد الحكومة وممثلي المعارضة سيشاركون في الاجتماع في أستانة"، مشيرا إلى أن وفد المعارضة هو على الأرجح سيمثل القوى الموجودة "على الأرض" في سوريا.
أما "الهيئة العليا" فإنها معارضة خارجية وأوضح غاتيلوف أن وفد المعارضة يجب أن يشمل كذلك وحدات المعارضة المسلحة باستثناء "جبهة النصرة" و"داعش" إضافة إلى المعارضة "المعتدلة" والأكراد.
الاجتماع المرتقب في أستانة لا يتعدى كونه تأكيدا على التفاهمات الروسية التركية والإيرانية منذ آب/ أغسطس الماضي وتقاسم النفوذ والأدوار من خلال فرض وقف إطلاق النار تمهيدا لعملية تفاوض على بقاء الوضع القائم في سوريا وبقاء الأسد.
فقد أكد نائب وزير الخارجية الروسي أن اجتماع الأستانة سيركز على المسائل المتعلقة بفرض نظام وقف إطلاق النار في كل أراضي سوريا، مشيرا إلى أن بيان روسيا وتركيا وإيران ينص على استعداد الدول الثلاث للمساعدة على إعداد اتفاق بهذا الشأن وتقديم ضمانات للاتفاق المستقبلي بين الحكومة السورية والمعارضة.
الحلول المقترحة في سوريا من قبل الثلاثي السعيد في غاية الوضوح ولا تتطلب تبصرا واستشرافا تستند إلى نموذج حلب وتطبيقه على كافة المدن بإخراج كافة فصائل المعارضة المسلحة من المدن السورية فعملية الإجلاء من حلب بحسب بوتين ما كان يمكن أن تتم دون مساعدة روسيا وإيران وتركيا والأسد وهو السيناريو الذي سيجري تطبيقه في مدينة إدلب وما أدلى به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا وإيران وتركيا والرئيس السوري بشار الأسد اتفقوا على إجراء محادثات سلام لحل الصراع في سوريا في استانة عاصمة كازاخستان لا يخرج عن تلك الوصفة البسيطة.
من الناحية العملية لم يعد الحديث عن المعارضة السورية المسلحة المعتدلة ذي قيمة ذلك أن أجندتها وأهدافها المتعلقة برحيل الأسد وبناء دولة ديمقراطية مدنية لم يعد على أجندة أي من القوى الدولية والإقليمية فتركيا كأحد أهم الدول التي ساندت الثورة السورية تخلت عن كافة ثوابتها السابقة المتعلقة برحيل الأسد وإسقاط النظام.
وأصبحت مهمتها تقوم على حفظ مصالحها القومية بمنع كيان كردي والتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية وعملية "درع الفرات" لا تتجاوز أهدافها تلك الخطوط وبهذا فإن قوى المعارضة السورية المسلحة المكونة لدرع الفرات تقتصر مهامها على أهداف بعيدة عن أجندة الثورة السورية حيث تستنزف في معارك مع تنظيم "الدولة الإسلامية" وقوات "سوريا الديمقراطية" الكردية.
لن يحدث أي تغيير جذري خلال الأيام القادمة في إدلب وتدمر وغيرها ومع انعقاد اجتماع أستانة الشهر المقبل تكون الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب قد تولت مسؤولياتها بالكامل حيث مقاربة ترامب لا تختلف عن مقاربة بوتين فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدرك أن محطة أستانة تمهد الطريق لإدارة ترامب فبحسب بوتين إن بلاده مستعدة "لتطوير" الصيغة الثلاثية التي توصلت إلى الاتفاق على مدينة حلب السورية، وإن "الباب ما زال مفتوحًا" أمام دول أخرى للانضمام إلى الجهود الروسية التركية الإيرانية للتوصل إلى اتفاق حول وقف إطلاق نار شامل في سوريا.
في هذا السياق لم تخف الأمم المتحدة مخاوفها من اندلاع معركة أخرى في مدينة إدلب بعد سقوط حلب خاصة أن النظام السوري يتوخّى نفس المنهجية الإجرامية، لكن المنهجية الإجرامية التي استخدمت في حلب بحسب وصف الأمم المتحدة لن توصف بذلك في إدلب بعد انضمام أمريكا ترامب للثلاثي السعيد وحسب مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالأزمة السورية ستيفان دي ميستورا فإنه "في حال عدم التوصل إلى اتفاق سياسي أو وقف لإطلاق النار، فإن إدلب ستكون حلب الثانية" وهكذا فالجميع يبشر الشعب السوري بالويل والثبور وعظائم الأمور.
خلاصة القول أن السياسات الدولية والإقليمية في التعامل مع الثورة السورية التي تلخصت مطالبها كباقي ثورات العالم العربي بالحرية والديمقراطية والعدالة والتخلص من الدكتاتورية والفساد والتبعية
أفضت إلى نتائج كارثية فوضوية أدت إلى تفكيك الدول العربية وتمزيق المجتمع وبروز إمبرياليات جديدة وطائفيات عتيدة ودكتاتوريات سفيهة وهكذا كما قلنا منذ بداية الثورات سوف تنحصر المنافسة في المنطقة بين القوى الراديكالية والدكتاتورية والفاشية والإمبريالية في ظل غياب أي أفق للعدالة والديمقراطية.
1
شارك
التعليقات (1)
مُواكب
الأحد، 25-12-201607:34 م
في هذا الزمن، روسيا وإيران، هم شَرُّ البلية، ولكن يجب أن لا ننسى داعش الشريرة التي طعنت الثورة السورية من الخلف في نفس الوقت الذي كان نظام الأسد يتهاوى خلاله، فأنقظته من السقوط. وكذلك لا ننسى دور الثنائي الخليجي السعودية ودولة الإمارات في مُساعدة الثورة على البقاء دون السماح لها بالانتصار على أمل اقصاء الأسد بعد أن يتوفر طاغية سني آخر كالسيسي في مصر. في مثل هذه الأحوال لا يُمكن تحقيق أي نصر بينما يستمر تهاوي الأمة، بعد فلسطين أتت نكبة سورية والعراق واليمن والعداد ماشي، لم يتوقف. أحيانا أفكر أننا أمة فاشلة، إذ الطيب منا ساذج، والخبيث منا يتآمر ويمكر على الساذج. وهكذا فعل الثنائي الخليجي ومُرشده الأعلى " محمد بن زايد " الذي أقسم على تقاسم لقمة الحاف مع السيسي وجنرالاته اللصوص. وبهذه الكلمات عبر عن نشوته عند نجاح انقلاب العسكر في مصر.