كتاب عربي 21

هل يمكن الإيقاع بين روسيا وإيران في سوريا؟

علي باكير
1300x600
1300x600
منذ أن تدخّلت موسكو عسكرياً في سوريا في سبتمبر من العام 2015، لم يتوقّف الحديث عن وجود خلافات بين روسيا وإيران في الملف السوري، لكن لم يثبت في أي مرحلة من المراحل أنّ مثل هذا الافتراض حقيقي أو واقعي. 

صحيح أنّ هناك بعض الاختبارات اللاحقة التي أثبتت أنّ الطرفين لا يمتلكان بالضرورة رؤية متطابقة حيال بعض التفاصيل، لكن من قال إنّ غياب مثل هذا الأمر يعني أنّ الجانبين أصبحا على طرفي نقيض؟! بل على العكس، إذ لطالما تحدّثنا عن الكثير من الشواهد التي كانت تشير إلى أنّ طبيعة الدور الروسي والإيراني في سوريا هي طبيعة تكاملية وليست صداميّة.

تشير التقارير إلى أنّ ترامب وكذلك العديد من الأشخاص الذين اختارهم ليكونوا معه في الإدارة الأمريكية الجديدة، يمتلكون علاقات جيدة للغاية مع بوتين. لقد إمتدح بوتين ترامب عدّة مرات خلال الحملة الانتخابية للأخير، وكذلك دافع ترامب عن بوتين وعن روسيا في العديد من المناسبات. قبل عدّة أيام، اختار ترامب الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل "ريكس تيلرسون" لحقيبة وزارة الخارجية، فأصدر الكرملين بيانا أشاد فيه بتيلرسون واصفاً إياه بالشخص المحترف جدا، مضيفا أنّ "بوتين يعرفه شخصياً".

في المقابل، فإنّ كل المؤشرات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أنّ موقف إدارة ترامب من إيران سيكون متشدداّ للغاية، حيث من المنتظر أن تقوم بكبح التمدد الإقليمي للنظام الإيراني، وهو الأمر الذي يثير تساؤلات حول الكيفية التي سيتم فيها الجمع بين هذه التناقضات سيما في ما يتعلّق بنظام الأسد، وذلك في ضوء العلاقة التكاملية -حتى الآن- بين روسيا وإيران في سوريا.

إحدى أوجه الأجوبة المحتملة على هذه التساؤلات هو محاولة إحداث شرخ أو تناقض بين روسيا وإيران في سوريا. مثل هذا الأمر  قد يصبح ممكناً إذا ما ثبت أنّ الإفتراضات المبدئية أعلاه صحيحة، وما يعزز من إمكانيّة حصول مثل هذا الأمر أنّه سيكون بالإمكان التخلي عن الدور الإيراني الذي شرع نفسه في سوريا تحت يافطة مكافحة الإرهاب، لصالح الاعتماد على تركيا للقيام بمثل هذه المهمة.

في مثل هذه الحالة ستضم المعادلة كل من إدارة ترامب وروسيا وتركيا، وهو مثلث قد يجد الانسجام المطلوب للاتفاق سيما وأنّ هناك من يعتقد في تركيا أنّ العلاقات مع إدراة ترامب ستكون أفضل بكثير من العلاقة مع إدراة أوباما. إذ سبق لترامب الذي يمتلك مصالح اقتصادية في إسطنبول أن امتدح الرئيس التركي، وبدوره دافع أردوغان بطريقة غير مباشرة عن ترامب عندما طالب من ينتقده بأن يحترم نتائج الانتخابات التي أتت به إذا كانوا يؤمنون بالديمقراطية حقّاً. كذلك كانت هناك مواقف إيجابية لمايكل فلين، مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، تجاه تركيا.

لكن، هل من الممكن حقّاً أن يتم خلق هوّة بين الجانب الروسي والإيراني في سوريا؟ وهل من الممكن للروسي أن يجبر إيران على تغيير أجندتها، أو ربما إخضاع أجندتها للأجندة الروسية وتاليا للمثلث الأمريكي-الروسي-التركي؟ 

حتى الآن، بدا عدم التطابق في المواقف بين روسيا وإيران واضحاً في حالتين فقط في سوريا، الأولى كانت عندما استخدمت روسيا قاعدة عسكرية في إيران قرب هدمان في آب/ أغسطس الماضي لضرب أهداف في سوريا وأعلنت بعدها ذلك على الملأ  الأمر الذي تسبب بمشاكل داخلية في إيران. 

أمّا الحالة الثانية فهي الإتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا بخصوص حلب، ولأنّ إيران لم تكن جزءاً منه فقد حاولت عبر ميليشياتها وعبر النظام السوري تخريبه بكل الوسائل الممكنة، فهي في نهاية المطاف تعتبر أنّها تتحمّل الدور الرئيسي على الأرض عبر ميليشياتها الطائفية المسلّحة، ويجب أن يكون لها كلمة في أي اتفاق يتم التوصل إليه. 
 
هناك من يعتقد بأنّ خلق هوّة بين روسيا وإيران سيكون ممكناً في عهد ترامب، وأنّ الحالات السابقة قد توفّر فرصاً محتملة وتعزّز مثل هذه الفرضية، لكن بشرط أن يتم التسليم بقيادة روسيا للملف الروسي بشكل رسمي. ففي مرحلة من المراحل ما قبل الاتفاق النووي بين إدارة أوباما والنظام الإيراني وافقت روسيا على فرض عقوبات متصاعدة على إيران، وسيكون لموسكو مصلحة بالتأكيد في المرحلة القادمة أن لا تزيد إيران من إنتاج النفط والغاز لأنّ ذلك قد يؤثّر على الأرجح سلبا عليها، كما أنّه قد يقتطع حصّة من أسواقها الخارجية فضلا عن أنّه قد يقوَض من استخدام الطاقة كسلاح في السياسة الخارجيّة الروسية.

إذا ما صحّ مثل هذا التقييم، فهذا يعني أنّ الجانب التركي بدأ يستبق مثل هذا السيناريو ويعدّ الأرضيّة اللازمة له من خلال انفتاح أكبر على موسكو في الملف السوري، لكن في جميع الأحوال سيكون علينا الانتظار لنرى حقيقة السياسية الخارجية التي ستتّبعها إدارة ترامب تجاه كل هؤلاء اللاعبين قبل أن نستطيع إعادة تقييم مثل هذا السيناريو بشكل أفضل.  
1
التعليقات (1)
مُواكب
السبت، 17-12-2016 07:23 م
بعض الآراء تذهب أبعد من البديهة : إيران وروسيا حليفتين، اليوم وبالأمس الذي يمتد منذ سقوط شاه ايران . هم شُركاء في سورية، وسيتقاسمون الأردن ودُول الخليج تباعاً . عظمة الغنائم التي حصلوا عليها وسيحصلون عليها تنفي أي احتمال لِخلاف مهم يقع بينهما . على الطرف الآخر: العالم العربي ذو الدول الفاشلة، بعضها فاشل لفقره، والبعض الآخر فاشل لترفه. فاشلين، مُجتمعين كجسد واحد في جامعة أبو الغيظ، يُرهقهم فعل أي شيء إلاّ المكر ضد المسلمين السنة. رأى هذا أوباما فابتعد عنهم ، ورآه ترمب ، ولهذا يُريد أن تكون روسيا حليفة فوق الطاولة، وإيران حليفة تحت الطاولة. على الأخوة المُكونين للرأي العام العربي أن يتركوا المناهج العقيمة التي يدرسون فيها وأن يكتبوا فقط الحقائق المجردة.