دول كبرى تقف وراء تنظيم "بي كا كا" للنيل من استقرار تركيا- أرشيفية
شهدت مدينة اسطنبول على مدار العام الجاري عدة هجمات إرهابية، تبنتها تنظيمات إرهابية قريبة الصلة بالتمرد التركي، وحزب العمال الكردستاني.
تأسس حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" (PKK) في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978 بطريقة سرية على يد مجموعة من الطلاب الماركسيين، بينهم عبد الله أوجلان الذي اختير رئيسا للحزب، وكان من أهداف الحزب الجوهرية التي أعلن عنها في البداية، إنشاء دولة كردستان الكبرى المستقلة.
وكانت مدينة اسطنبول التركية أمس على موعد جديد مع تفجيرين متزامنين أسفرا عن مقتل 38 شخصا بينهم 30 شرطيا، وأعلنت مجموعة تسمي نفسها صقور حرية كردستان، مسؤوليتها عن التفجيرين، أحدهما تم بواسطة سيارة مفخخة أمام استاد فودافون أرينا وحديقة ماشكا، والثاني عن طريق انتحاري وقع قرب ملعب نادي بشيكتاس لكرة القدم.
وعلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قائلا: "سنحارب هذه اللعنة التي يشكلها الإرهاب حتى النهاية، لن يفلت المسؤولون عن الاعتداءين من العقاب، سيدفعون الثمن غاليا".
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة مرمرة، جنكيز تومار، أن مطالب تنظيم "بي كاي كاي" المسلح تتمحور حول إقامة دولة كردية، نافيا أن يكون هذا المطلب هو محل إجماع من قبل غالبية المواطنين الأكراد في تركيا.
وقال تومار، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، إن دولا كبرى تقف وراء هذا التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية بهدف زعزعة الأمن التركي والنيل من استقرار البلاد.
وتابع: "الحكومة التركية أجرت مفاوضات لحل المسألة الكردية، وكانت مخلصة وجادة فيها، إلا أن التنظيم استغل تلك المفاوضات لكسب مزيد من الوقت ليعزز طموحه وأطماعه في تركيا، وباءت تلك المفاوضات بالفشل"، مشيرا إلى أن "الحكومة التركية استجابت لنحو 90% من حقوق الأكراد، ولكن من ينتمون لهذا التنظيم غير مخلصين".
وتوقع تومار أن يستمر الصراع الكردي مع الدولة التركية سنوات طويلة، خاصة مع تصاعد الصراع على الساحتين العراقية والسورية، والذي أثر كثيرا – بحسب تومار- في زعزعة الاستقرار في تركيا، موضحا أن: "استمرار الصراع الكردي لن يكون في تركيا فقط بل سيمتد إلى دول مجاورة أخرى".
وأشار الكاتب والمحلل السياسي التركي، معين نعيم، إلى أن "الصراع الكردي قديم، وكان هناك الكثير من الحقوق المهضومة للأكراد، ويتظاهر حزب العمال الكردستاني بأنه المدافع عن هذه الحقوق، وعندما جاءت حكومة العدالة والتنمية، حاولت حل الأزمة بالطرق السلمية، وقدمت الكثير من التضحيات في الاتجاه نحو التوصل إلى حل نهائي حتى عام 2013".
وأردف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "لكن للأسف منذ عام 2015 تغيرت كافة الموازين، بعد أن سيطرت القيادات العسكرية التي تؤمن بالحل العسكري وليس السياسي على صناعة القرار في حزب العمال الكردستاني، فعادت المواجهة العسكرية مرة أخرى بعد أن توقفت لنحو ثلاث سنوات".
وقال نعيم، إن حزب العمال الكردستادني لن يتوقف عن العنف إلا إذا وصل الحزب لفقدان السيطرة على قواعده الشعبية، وهو ما تسعى إليه الحكومة التركية على المستويين العسكري والخدمي، مضيفا: "يجب أن تكون ضربات الحكومة العسكرية متزامنة مع خدمات يشعر بها الكردي بأنه مواطن تركي كامل الحقوق، وهو ما سيؤدي إلى سحب البساط من تحت أقدام الحزب الكردستاني الذي يتظاهر بأنه المدافع عن حقوق الأكراد".
وأوضح أن الصراع الكردي يتجه إلى التراجع، لكن انتهاءه يعتمد بشكل كبير على مجريات الأمور في الأزمة السورية والوضع في العراق، لافتا إلى أن الصراع سيستمر إذا استمر الصراع على حدود تركيا مع سوريا والعراق المدعوم من دول كبرى مثل أمريكا.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي، خورشيد ديلى، أن القضية الكردية في تركيا دخلت مرحلة جديدة، ويبدو أن الأفضل للجانبين التفكير مليا في عدم جدوى الخيار العسكري بعد أن أثبتت التجارب السابقة للصراع بينهما فشل هذا الخيار، وأن الخيار السلمي هو وحده الذي يحقق الاستقرار لتركيا والهوية للكرد.
وتابع في مقال له تحت عنوان "دلالات التصعيد التركي الكردي": "ولعل مثل هذا الأمر ينبغي أن يجد طريقه في الدستور الجديد الذي تأمل الحكومة التركية من خلاله وضع نهاية للدستور الذي وضعه العسكر عقب انقلاب عام 1980".