أيام قليلة ويكون قد مر عام كامل على توقيف الزميل الصحفي تيسير النجار في أحد السجون الإماراتية. سنة بحالها لم تفصح خلالها السلطات المعنية في دولة الإمارات الشقيقة عن التهم الموجهة للزميل النجار، تاركة لوسائل الإعلام والمقربين منه حرية التكهن بدوافع التوقيف الغامض والطويل.
حتى الآن لم يقدَّم النجار للمحاكمة، ولم تفلح كل الوساطات والجهود الدبلوماسية في ضمان الإفراج عنه، ولو بكفالة. كما لم يتسن لعائلته مقابلته، باستثناء نادر سُمح بموجبه لزوجته بمحادثة هاتفية.
لا أحد يعترض على حق دولة الإمارات في تطبيق القانون على جميع المقيمين على أراضيها، وتقديمهم للمحاكمة إذا ما خالفوا القوانين السارية. لكن من حق النجار أن ينال محاكمة عادلة. وقبل ذلك من حقه أن يعرف التهم الموجهة إليه، وتكليف محام للدفاع عنه، وأن ينال حقوقه كموقوف على ذمة التحقيق؛ بالزيارات ولقاء أفراد أسرته ومحاميه، وطَلَب تكفيله، إذا لم تكن التهم الموجهة له تجعل منه مصدر تهديد لأمن الإمارات الشقيقة.
عندما انتشر خبر توقيف النجار، وما رافقه من تكهنات حول أسباب الاعتقال، كنت غير مصدق أبدا لما يقال من مزاعم، فقد كنت والنجار زميلي عمل لسنوات مضت. كان متخصصا في حقل الصحافة الثقافية والفنية، ولم أذكر يوما أنه تحدث في شأن سياسي؛ داخلي أو خارجي. وبحكم انخراطه في العمل الأدبي والفني، كان في الخندق المعادي للمتطرفين وفكرهم الظلامي. وهو فوق هذا وذاك شخص قليل الاختلاط مع الآخرين؛ بسيط جدا وطيب، ولا يريد من الحياة سوى أن يعيش بكرامة.
فترة توقيفه الطويلة كانت كافية لإجراء ما يلزم من التحقيقات معه، والتأكد ما إذا كان متورطا أم لا في قضايا تهدد أمن دولة الإمارات، تستوجب محاكمته أو إطلاق سراحه.
لذلك، يتعين على السلطات الأردنية أن تبادر إلى إجراء مناقشات صريحة وشفافة مع الأشقاء في الإمارات، لتحديد الوضع القانوني للزميل النجار، والإلمام بتفاصيل قضيته، وإبلاغ ذويه ونقابة الصحفيين بكل ما يتصل بملفه القانوني. ومن ثم حثّ السلطات الإماراتية على تقرير مصيره؛ إما بمحاكمته، أو الإفراج الفوري عنه، والاكتفاء بترحيله إلى بلاده، إذا كان وجوده في الإمارات يشكل خطرا على أمنها.
لم يكن لأحد منا أن يهتم بقضية النجار لو كان مجرد شخص مقيم في دولة شقيقة وارتكب جريمة تستحق العقاب. لكننا وحتى الساعة لا نعرف جريمة النجار التي تستحق التوقيف كل هذه المدة. ولأنه صحفي، لا يجوز حشر حريته في قضية إبداء رأي.
على السلطات الأردنية إظهار قدر أكبر من الاهتمام بقضية الزميل النجار؛ فبعد وعود سابقة بانفراجة قريبة، حان الوقت لمراجعة ملف القضية، وتكثيف الاتصالات للوفاء بهذه الوعود ولو أنها تأخرت كثيرا.
وفي الوقت ذاته، ما يزال الأمل يحدونا بمبادرة طيبة من الأشقاء في الإمارات، تغلق ملف القضية، وتنهي معاناة أسرته وزملائه في المهنة، خاصة أن المئات منهم قد ساهموا على مر السنين في نهضة الإعلام الإماراتي، وما يزالون يواصلون العمل بشرف.
من أجل هؤلاء ننتظر مبادرة إماراتية تطوي قضية النجار، قبل أن نطوي هذا العام.