قضايا وآراء

الإخوان وفن صناعة الأعداء

عصام تليمة
1300x600
1300x600
كثيرا ما يتساءل الإخوان، ويسألني البعض: لماذا كل هذه الحدة والغل ضد جماعة الإخوان من أشخاص كانوا فيها وتركوها، سواء بفصل أو خروج؟ والإجابة عن هذا التساؤل في إطار من الإنصاف، ووضع الأمور في نصابها دون تحيز، لمن أراد الوقوف على حقائق الأمور، يقتضي منا صراحة وتبصرة بما يدور داخل الجماعة مع من يفصلون منها، أو من يهمشون فيها لمعارضتهم قيادة ما.

إن جماعة الإخوان كيان بشري، كشأن كل الكيانات البشرية، أكثرهم -فيما نحسب- مخلصون محبون لدعوتهم، يتحلون بحسن الخلق، ومراعاة الناس، وحسن عشرتهم، والوفاء لهذه العشرة سواء كانوا في الجماعة أم خرجوا منها، وعلى هؤلاء تقوم دعوة الإخوان، لكن هناك فئة داخل الإخوان لا تتحلى بهذه السمات، والجماعة بالنسبة لها كيان ووجاهة، وليست التزاما بالشرع، بل هي التزام بما تمليه القيادة، والالتزام بالشرع عندما يوافق ما تهوى، أو من تحب، فإن كرهت يتحول الشرع لأداة للنيل ممن تكره، وهو ما جعل حسن البنا رحمه الله يقول قولته المشهورة: كم منا وليس فينا، وكم فينا وليس منا.

وقبل وفاته بمدة قصيرة جدا، جمع حسن البنا أولاده ممن يعقلون كلامه، وأوصاهم وصية مودع، فقال: يا أولادي، هناك فئتان سيصيبكم منهما أذى، فاحتسبوا ذلك عند الله، ولا تردوا، وتحملوا، سأله الأولاد: من؟ قال: بعض أعمامكم، وبعض الإخوان المسلمين!!

وعند دراسة كثير من حالات من خرجوا من الإخوان ثم احتدوا عليها، نلاحظ أن الأمر لو تم في إطاره الطبيعي، لكان دخولا بمعروف، وخروجا بحسنى، لكن للأسف يدخل عامل الشيطنة من البعض لمن يخرج من الجماعة، أو الاستفزاز للشخص، فعندما كان في الجماعة كان يُغض الطرف عن أي خطأ له، ولا تذكر إلا محاسنه، وربما وضعت له محاسن ليست له، وإذا ترك لا تذكر له إلا كل نقيصه، سواء كانت فيه أم لم تكن، وربما وصل الأمر للاستفزاز، فمن أبرز من خرجوا من الإخوان قديما الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، والغزالي عالم ومفكر كبير، قال عن نفسه: تأسرني وتطوق عنقي الكلمة الصالحة، ويثيرني غرائزي ويهيجني الكلمة السيئة، هو ابن جماعة الإخوان، فصل لظرف ما، وانطلق يدعو للإسلام، ولكن هيجه بعض أفراد الإخوان، بما يستفز رجلا بعقله وعلمه، وقلمه، حين هدده أحدهم بالقتل إن تكلم عن الجماعة، فكان ما كان، وكتب الغزالي في الأستاذ حسن الهضيبي كلاما شديدا، تراجع عنه فيما بعد، لكن كانت الجماعة في غنى عن هذا كله، لو لم يكن فيها طائش مثل الشخص الذي هدده.

ولست أبرر ما يقوم به بعض من يخرجون من الإخوان، من وقوفهم مع الظلمة، وتبريرهم ذلك، ودفاعهم عنهم، فهذه جريمة شرعية منكرة، لا يقبل بها مسلم يعرف دينه، لكني هنا فقط أضرب أمثلة لحسن التعامل أو سوئه، وكيف يكون رد فعل الشخص تجاه التصرف. لأن على أفراد الإخوان وقياداتها، أن تعلم أن هناك أفرادا من داخلها قيادات كانت أو أفرادا، هي من تبدأ بإشعال جذوة نار العداوة مع من يختلف معها، فبعضهم للأسف يفعل مع من يختلف معه ما لا يفعله مع الظلمة المستبدين، ويحول خلافه مع من ترك الجماعة، أو عارض بداخلها كأنه شيطان رجيم، يُستحل فيه كل المحرمات.

شكا لي أحدهم اتهام مسؤول التربية في الدولة التي يقيم فيها له بأنه عميل للمخابرات الفولانية، وأنه يتقاضى أموالا منها، رغم أن اتهام أحد بهذا الأمر يقتضي بينة لا تقبل الشك، لكنها تهمة معلبة جاهزة تقدم كالوجبات السريعة، لكنها هذه المرة وجبة تربوية دينية تقدم في صفوف الجماعة لمن أراد المسؤول أن يشوهه، أعرف حالة من هذا النوع، ظل مسؤول التربية في بلد من البلدان يطوف من دولة لدولة يتهم فيها من عارضوه في الجماعة بأنهم عملاء، وأن أحدهم عميل لمخابرات بلدين، عرضتا عليه العمل بمقابل ووافق، فضلا عن سذاجة الكلام وفجاجة كذبه، إذ إن المنطق لا يمكن أن يصدق أن مخابرات بلدين في وقت واحد تجريان مقابلة (انترفيو) لفرد ويتقاسما الراتب له معا، نكتة سوداء وقبيحة، لكنه تحرك بها. 

وأعرف سيدة فاضلة من الإخوان المسلمين، فصلوا ابنها من الجماعة مع أفراد آخرين، وقاموا بتشويههم، بل تم تشويههم في حضور زوجاتهم دون دراية من يتكلم ويشوه بأنه أمام محارم هؤلاء الغائبين، وبعد اللقاء قامت الزوجات بمواجهته، ولما سألهن من أنتن؟ قلن: نحن زوجات من قلت عليهم: إنهم (مش رجالة)!!

وشكا لي ثالث من أن ورقة وزعت في قُطر من الأقطار على بعض الإخوان، تنال من أشخاص، منهم سياسي إخواني كبير، كتب أمام اسمه واسم سياسي آخر ليس من الإخوان متحالف مع الإخوان هذه العبارة: (خائن)، وحاولت أن أنفي للشخص مثل هذا الأمر، لكن الجو الذي سمَّمه بعض هؤلاء بافتراءاتهم، جعلت أي تكذيب لا يقوى أمام التصرفات الرعناء من البعض.

ولو سردت شكاوى الكثيرين من هؤلاء، أو ما رأيته وسمعته من تجاوز البعض في الخلاف، والفجر في الخصومة، وإلقاء التهم جزافا بلا بينة، لكتبت مقالات في ذلك، وبعد كل هذا يتساءلون ببراءة: لماذا كل هذا الغل والحقد الذي يصدر ممن يخرجون من الإخوان؟! وإذا كان الشاعر قد قال: 
أحسن إلى الناس تستبعد قلوبهم      فطالما استعبد الإنسان إحسان
فالحكمة القديمة قالت: من يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع الشر يحصد الندامة. وهو ما قاله الشاعر:

إذا وترت امرءا فاحذر عداوته     من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا
1
التعليقات (1)
ماهر عبداوي
الأربعاء، 20-10-2021 07:28 ص
الله ينصر الحق على الباطل
aboahmed mansour
الخميس، 03-11-2016 04:15 م
المفروض اللي يجاوب علي هذا السؤال انسان غيرك لانك عمرك لن تتجرد وانت شيخ.... القلب ..لذا اجابتك لن تكون منصفة ..انت مثل قضاة اليوم خصم وحكم .. الله يهديك ..ويكفينا شرك ..والله والله والله عمرنا ما فضلنا أحد اينما كان علي شرع الله ..ولكنك نظارتك سوداء دائما ..ولن يقبل احد حكمك الا اذا كان .....مثلك