ناقشت صحيفة "التايمز" البريطانية، الأربعاء، في تقرير مطول، عنونته بـ"عذراوات منتصف العمر"، قضية عزوف
اليابانيين عن الجنس، واصفة ذلك بـ"السر الكبير لليابان".
وبدأ محرر الشؤون الآسيوية في "التايمز"، ريتشارد باري، تقريره بقصة الشاب الياباني تاشيكي يوكوتي، الذي تحطم قلبه من قصة حب فاشلة عندما كان في الحادي والعشرين من عمره (عام 1995)، من رفيقته التي تدرس السينما، وفضل بعد ذلك التفرغ لدراسته بتخصص الفلسفة اليونانية، وعدم البحث عن صديقة أخرى.
وبعدها حصلت المفاجأة: لم يحصل شيء، رغم أن يوكوتي أحب النساء والتقى العديد منهن كطالب وأستاذ، فحتى عمر 42 عاما لم يلمس أو يقبل أو يقترب من فتاة أخرى، كواحد من ملايين اليابانيين.
إحصائيات مثيرة
وفي تقرير أعده معهد حكومي، ظهر دليل جديد لظاهرة أصبحت متنامية في اليابان، وهي "الحياة الخالية من الحب التي يتصدرها مزيد ومزيد من الشباب اليابانيين"، بحسب "التايمز".
وفي إحصاء لـ"المعهد الوطني لأبحاث الجالية والأمن الاجتماعي"، أجراه على 5300 ياباني أعزب، ما بين 18 و34 عاما، عن حياتهم الجنسية، فإن 86 بالمئة من الرجال، و89 بالمئة من النساء يأملون في أن يتزوجوا.
ومن الجانب الآخر، فإن 70 بالمئة من الرجال، و60 بالمئة من النساء لم يكونوا في علاقة.
وكان الأكثر صدمة هو جواب السؤال عن الحياة الجنسية، حيث أظهرت النتائج أن 42 بالمئة من الرجال العزاب، و44 بالمئة من النساء العزباوات، لم يمارسوا الجنس في حياتهم، ما يعني أن ملايين الشباب لا يملكون ارتباطات رومانسية، ولا تجربة جنسية، وهذه الأرقام ازدادت في غضون عقد من الزمان.
وقال يكوت إن هذا "منتشر جدا"، مضيفا أنه "يستطيع تمييزهم من طريقة عدم اهتمامهم بملابسهم، ونظرهم للأرض بدل نظرهم في العيون"، مؤكدا أن "هناك الكثير مثلي".
"جيل يفتقد العلاقات"
ووصفت "التايمز" الحالة بالقول: "جيل كامل يفتقد القدرة على العلاقات الحميمة"، ناقلة عن يوكوتي قوله إنه "لم يكن يعلم ما الذي يتطلبه لينتقل لمرحلة أخرى"، موضحا أنه "لم يكن هناك من يعلمه أو ينصحه، وما زلت لا أعلم".
وقالت الصحيفة إن اليابان تسير في طريق تجد فيه الدول النامية نفسها، يمكن وصفها بـ"تسونامي الفضي"، حيث مات مليون وثلاثمائة ألف ياباني، مقابل ولادة مليون فقط، في حين أن "الخصوبة" منخفضة بنسبة 1.43 عن سرعة "الاستبدال" التي تصل إلى 2.1، ما يعني أن اليابانيين قد ينقرضون خلال قرن.
ومن الأسباب التي عززت الأزمة، صعوبة أن تكون والدا يابانيا، فالأمهات العاملات ما زلن يعاملن كحالة "انحراف"، كما أن بيئة العمل تخير الوالد بين عمله وعائلته، ما يدفع الكثيرين لاختيار العمل.
إلا أن هناك أمرا أكثر غموضا يجري، وهو عدم تذوق العلاقات بين الشباب، حيث يقول ماساهيرو يامادا، بروفيسور علم الاجتماع في جامعة تشو في طوكيو، إن "البحث مستمر"، مؤكدا أن "الشباب الياباني يفتقد الاهتمام والرغبة في العلاقات والجنس".
الحالة المالية
وتفرض الحالة المالية في اليابان نمطا صعبا من الحياة على الشباب، تمنعهم من تكوين علاقات، حيث يقول يوكوتي إنه "أثناء مسيرة عملي في الجامعة كنت أغسل الصحون وأزيل القمامة وأحمل وأضع، ورغم أن هناك فتيات حولي، وكنت أريد علاقة ما، كنت أشعر بأنني لا أستطيع أن أطلب منهن شيئا بسبب حالتي المالية"، معتبرا أن هذا لم يكن شاذا، حيث إنه كان هناك الكثير مثله.
وبحسب يامادا، فهناك أسباب أخرى لارتفاع جيل
العذارى، منها سهولة وتوفر المواد الإباحية على الإنترنت، بالإضافة لغياب "الخطابات" التقليديات في المجتمع، اللواتي كن يربطن الرجال بالنساء، ما يجعل من الصعب الارتباط.
واعتبر شينغو ساكاتسومي، العامل الاجتماعي ومؤسس "أكاديمية فيرجن"، أن المشكلة "ليست فيزيائية"، لكنها مرتبطة بالبعد الاجتماعي.
وقام يوكوتي، انطلاقا من تجربته، بجهد كبير لتوفير فرص للقاء مع نساء، بنجاح ضئيل متردد، حيث عرفه أحد أصدقائه على امرأة يحبها، وهما يلتقيان دوريا، لكنه "لا يملك الجرأة ليقول إنهما يتواعدان" رغم حبه لها.