نشرت صحيفة "ريبوبليكا" الإيطالية تقريرا تناولت فيه بعض الجوانب غير المعروفة عن الحياة في ظل
تنظيم الدولة، بعيدا عن الأضواء، من خلال شهادات، المصور الخاص للتنظيم، زياد، الذي قرر الخروج وتصوير فيلم وثائقي يكشف فيه ما عايشه.
وذكرت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن زياد هدف من خلال هذا الشريط الوثائقي، الذي يحمل عنوان "استوديوهات الإرهاب"، إلى الكشف عن كواليس
الدعاية التي يسعى وراءها تنظيم الدولة وخفايا مشاهد الرعب التي هدف التنظيم إلى إظهارها.
وأشار زياد، الشاب السوري البالغ من العمر 28 سنة، في حواره مع الصحيفة، إلى أنه اختار العمل وسط عناصر تنظيم الدولة لأنه يعتبرها أكثر تصميماً منه على القضاء على نظام الأسد في
سوريا. وأوضح أن تنظيم الدولة ساعده في تحقيق حلمه المتمثّل في
تصوير فيلم وثائقي يعرضه أمام العالم.
وذكر زياد أنه انضم إلى قسم
الإعلام التابع لتنظيم الدولة لأنه شغوف بمهنة التصوير، وقد أعجب بالطريقة التي يعتمدها التنظيم في تصويره لمقاطع الفيديو التي عرضها في الماضي عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وأضاف زياد أن "تنظيم الدولة يستخدم تقنيات تصوير متطورة وباهظة الثمن، وهذا ما يجعل جودة التصوير عالية ومنظمة".
وساعد تنظيم الدولة زياد على تعلم الطرق التي تمكنه من التلاعب بالصورة، باستعمال تقنيات متطورة وعالية الجودة، من خلال ضمه إلى فريق قسم الإعلام.
وذكر زياد، في وصفه للمركز الإعلامي التابع لتنظيم الدولة والموجود في الرقة، أنه "مركز كبير مجهز بمعدات متطورة، ويحتوي على أشرطة فيديو مسجلة للأفلام التي أنتجت في السابق وللبث الإذاعي الذي عرضه التنظيم في الماضي". وأضاف أن هذا المركز "يتضمن متخصصين في المراجعة واختيار الصور وتحميلها، يعملون في تناسق تام بهدف تكوين أشرطة يكون تأثيرها بالعمق الذي يريده التنظيم لبلوغ أهدافه".
وفي سؤاله عن الأسباب التي دفعته إلى الانسحاب من هذه المهمة، أفاد زياد أنه "لم يعد قادراً على رؤية ما صوّره من مشاهد قتل، وأن الخوف يتملكه في كل لحظة". وأضاف أنه اعتاد على هذا المشهد، كما لو أنه يصور فيلماً خيالياً، لأن هذه المشاهد أصبحت مألوفة وتعاد كل لحظة في سوريا، وفي بعض الأحيان يكونون سعداء إذا شهدوا مقتل أحد جنود قوات النظام.
ولفت زياد إلى أن العمل في هذا المركز يتطلب سرية تامة، وأن "الصورة قادرة على تحديد مصير الشخص في أية لحظة". وقد استطاع زياد تصوير لحظة إعدام ضحية بكامل مراحلها، وقد استغل هذه الفرصة لتوظيفها في فيلمه الوثائقي الذي كشف فيه عن الدعاية التي يستخدمها تنظيم الدولة.
وذكرت الصحيفة أن الاختصارات العسكرية التي يعتمدها تنظيم الدولة تتطلب عقوداً من العمل لكي تصبح معروفة للعلن، ولكنه تمكن من خلال هذا المركز الإعلامي من اختصار هذه المدة، عن طريق اعتماد "الهاشتاغ" وآلية المشاركة.
وأردف زياد أن "تنظيم الدولة يشارك في معركة إعلامية تكمن أهميتها في استراتيجيتها التي أراد أن تكون عالمية، وتتجاوز في ذلك الدعاية التي يعمل عليها تنظيم القاعدة".
وقالت الصحيفة إن زياد شارك في الهجوم الذي شُن ضد الفرقة 17 لقوات النظام السوري في الرقة، وقال إن "تنظيم الدولة يعتمد في الكثير من الأحيان على آلات التصوير في معركته، وهذه الأسلحة لا تقل أهمية عن تلك التي يستعملها الجنود في ساحات المعركة".
وأضاف أن "هذه المهنة تتطلب الكثير من الشجاعة والاقتدار، تماما مثل المقاتل والجندي".
من جهة أخرى، نقلت الصحيفة قول الصحفي والخبير في مجال الاتصالات الجهادية، وسيم نصر، الذي أفاد أن "تنظيم الدولة يدرك جيداً تفاصيل الحرب في سوريا، لذلك نلاحظ أنه يرصد كل لحظة عن كثب، وهذا ما يجعله، من الناحية الإعلامية، أكثر جاذبية من الغرب".
ويعتقد نصر أن المعدات التقنية التي يملكها تنظيم الدولة تفوق في جودتها التكنولوجية تلك التي تستخدمها الولايات المتحدة، بما في ذلك الكاميرات والميكروفونات.
وفي حديثه عن فيلمه الوثائقي "استوديوهات الإرهاب"، قال زياد إنه يسلط الضوء، في جانب كبير منه، على كيفية انجذاب الشباب الشغوف إلى هذه المهنة، بدءا بالتصوير الفوتوغرافي وإعداد مقاطع الفيديو، وصولا إلى الانضمام للمركز الإعلامي في الرقة.
وأضاف زياد أن الانضمام إلى هذا المركز، الذي يشرف عليه عناصر التنظيم، لا يشمل أية التزامات دينية. وقال: "كنت ملتزما، ولكنني لم أكن متطرفا وذهبت إلى المسجد، ولكن ليس بشكل منتظم".
ويعتبر زياد أن هذه المعركة الإعلامية تهدف في جزء كبير منها إلى الانتقام من السينما الغربية، "حيث يتم تصويرنا نحن العرب دائما كالحمقى في أفلام هوليوود، ولكن كل عمل له ردة فعل، وهذه الأشرطة توضح ردة فعل تنظيم الدولة".
وأشار زياد إلى أن "تنظيم الدولة تفوق على الولايات المتحدة في مجال صناعة الأفلام. ففي أفلام هوليوود؛ دائماً ما نجد شخصا مجنونا يستمتع بقتل الشخصيات الأخرى والأبرياء، وهذا تماماً ما يفعله التنظيم على أرض الواقع".
وأجاب زياد على سؤاله حول نهاية هذه التراجيديا الإعلامية، قائلا: "أعتقد أن تنظيم الدولة سيرفع راية الاستسلام قريباً في هذا المجال، تماماً كتنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، ولكنه سيبقى نشطا ويمكن أن يعود ليتصدّر هذا المجال في أي وقت وأي مكان في المستقبل، كما ستظل دعايته قوية على شبكة الإنترنت".