نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن لقاء أجرته مع أول قاصر لاجئ في إسبانيا، والذي تحدث عن التعذيب الذي عاشه على مدار أربعة أشهر قضاها في سجون
الأطفال التابعة لتنظيم الدولة.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه عند سؤال الشاب السوري عبد السلام حاج طاهر؛ عن الأصوات التي يتذكرها، قال إنه لا يستحضر في ذهنه سوى صراخ الأطفال الآخرين الذين يتعرضون للتعذيب بسبب عدم حفظ القرآن، وفق قوله.
وعند سؤاله عن صورة لا زالت راسخة في ذهنه، يتحدث عن يد صديقه عمر التي قطعها مقاتلو
تنظيم الدولة إلى نصفين، أو عن حادثة قطع رأس أستاذ اللغة الإنجليزية عند جسر منبج. وعند النبش في ذكريات عبد السلام، فسيحدثك عن لحظات مروعة عاشها داخل السجن، لا يمكن وصفها ولا يمكن استيعابها في غالب الأحيان.
ونقلت الصحيفة عن اللاجئ السوري قوله إن "عناصر تنظيم الدولة كانوا يقومون بإيقاظهم في ساعة مبكرة من الصباح ويجبرونهم على الاستحمام بالماء البارد. وقد تكررت هذه الحالة يوميا، خلال الفترة التي قضاها داخل سجن تنظيم الدولة برفقة 300 طفل آخرين".
وأضافت الصحيفة إن عبد السلام الحاج طاهر، الشاب السوري المولود في عين العرب، وهي قرية الطفل أيلان الذي غرق في بحر إيجة، هو من أوائل اللاجئين القصّر الذي وصلوا إلى إسبانيا.
وقد تحدث عبد السلام عن تجربته للصحيفة، وقال إنه سيجعلها متاحة للعموم بعد الحديث عنها أمام القضاة المسؤولين عن البت في قضايا اللجوء، وهذه الجلسة ستحدد مصيره، وهو على مشارف سن الثامنة عشرة.
وحول عملية احتجازه على يد التنظيم، قال عبد السلام: "لقد كنا 300 تلميذ من عين العرب، في طريقنا للعودة من حلب في حافلات، بعد أن أنجزنا اختبارات في المدرسة الإعدادية. كنت فرحا لأن الامتحان كان في المتناول. إلا أنه عند وصولنا إلى جسر منبج، قام عناصر من تنظيم الدولة بإيقافنا".
وينقل الشاب كلمات عناصر تنظيم الدولة في تلك اللحظة، مثل "يمكننا قتلك الآن، كما يمكننا رميك من هذا الجسر... نستطيع فعل كل ما نريد، فأنت كردي ولست مسلما".
ويضيف الشاب السوري: "كنا خائفين منهم لأننا كنا صغارا في ذلك الوقت، وكنت أبلغ من العمر 15 سنة حينها. كما كنا دائما نسمع أن تنظيم الدولة يقطع الرؤوس ويقوم بأبشع الجرائم".
وفي الحديث عن الفترة التي قضاها في السجن، قال عبد السلام إن "عناصر تنظيم الدولة حولوا أحد المدارس إلى سجن. وكانوا يقومون بإيقاظهم يوميا في الصباح الباكر للصلاة بعد تعريضهم لحمام بارد. وفيما بعد، يتم جمع الأطفال ويحدثونهم بأنه في حال التوجه للقتال معهم والقضاء على أحد الكفار، فسيصبح للمقاتل 72 امرأة في الجنة".
ويضيف الشاب: "عند منصف النهار، كانوا يقدمون لنا طبقا واحدا بين كل أربعة أطفال. كان الطعام رديئا وقليلا جدا، وكنا نتقاسمه بعدل فيما بيننا لكي لا يبقى أحدنا دون طعام. وفي فترة ما بعد الظهر كنا نقرأ القرآن لمدة ساعتين. كما كان بيننا صغار لا يجيدون القراءة، ولذلك فهم يتعرضون إلى الضرب المبرح خلال هذه الحصة".
وحول أساليب التعذيب، قال عبد السلام إن "عناصر تنظيم الدولة دائما يتنقلون بالسلاح والمتفجرات. وفي هذا السجن، الذي يتكون من طابقين، خُصص الطابق العلوي فيه للأطفال، كما تخصص غرفة لتعذيب الصغار. وكثيرا ما يعذب الأطفال باستعمال الصدمات الكهربائية، ويعلقون آخرون من أرجلهم وينهالون عليهم ضربا، وكأنهم يتدربون على رياضة الملاكمة".
ويضيف: "أتذكر جيدا صراخ أصدقائي وهم يتعذبون، لن أنسى هذه الأصوات أبدا. وكلما سمعتها أتصور أن دوري في التعذيب قد حان".
كما نقلت الصحيفة عن عبد السلام قوله: "كل ما يثير غضبي هو أن عناصر تنظيم الدولة يعتقدون أنهم أفضل المسلمين، وهم عكس ذلك تماما. ولهذا السبب قررت ذات يوم الهروب، وأعلمت أصدقائي كي ينضم إلى من يرغب في الهروب. فأنا لدي أحلام أرغب في تحقيقها، ولست على استعداد للعيش هناك".
ويواصل: "وضعت خطة الهروب ثم سعيت لكسب ثقة إرهابي كان مسؤولا عن الغرفة التي أنام فيها، ومن ثم حصلت على المفتاح. وفعلا تمكنت، برفقة 12 آخرين، من الهروب في تلك الليلة. وعندما اتصلت بأمي، أغمي عليها من الفرح، لأنها كانت تعتقد أني قد توفيت".
وذكر أنه في رحلته عبر تركيا، مرورا بجزيرة كوس اليونانية، فأثينا، ومقدونيا، وصربيا، والمجر، والنمسا، وألمانيا، وصولا إلى إسبانيا... قد مشي وركض كثيرا، وفي أحيان أخرى كان يركب الزوارق في الظلام، ويتنقل بالقطار أو بالحافلة... كان يتحرك دون النظر إلى الوراء، وكأن الشيطان يلاحقه، على حد وصفه.