كشف عيد الأضحى المبارك عن حجم الانقسام والصراع الذي يعيشه
اليمن منذ أكثر من عام ونصف بين القوى المتنازعة على الحكم؛ حيث وجه أربعة زعماء كلمات للشعب اليمني بمناسبة حلول العيد، الذي حلّ في ظروف معيشية بالغة السوء يعيشها اليمنيون.
ووجه الرئيس المقيم بصورة مؤقتة في العاصمة السعودية الرياض، عبدربه منصور
هادي، كلمة لليمنيين، بالإضافة إلى ثلاث كلمات لرئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" الذي أعلنته جماعة "أنصار الله" (
الحوثي) والرئيس السابق علي عبد الله صالح كبديل للدولة في صنعاء، وكلمتين منفصلتين للأخير وزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي.
وقال الرئيس هادي، الأحد، إن حكومته "لن تقدم المزيد من التنازلات على حساب خيارات
الشعب وتضحياته"، في تلميح إلى مواصلة العمليات العسكرية وعدم القبول بأي مبادرات للحل تسمح للحوثيين بالدخول في حكومة وحدة قبل تسليم السلاح والانسحاب من المدن.
وذكر هادي، في كلمة وجهها للشعب اليمني بمناسبة حلول عيد الأضحى، ونقلتها وكالة سبأ الرسمية، أن "المعركة التي تخوضها القوات الحكومية منذ أكثر من عام ونصف العام ليست خيارها، وإنما فرضها تحالف الخيانة والغدر بين المخلوع (في إشارة لصالح) والحوثي، بانقلابهم على الدولة والإجماع الوطني".
وأشار هادي إلى أن "هؤلاء انقلبوا على الدولة، ورفضوا الإجماع الوطني الذي توافقت عليه كافة مكونات الشعب، والمتمثل بمخرجات الحوار الوطني، وأسقطوا العاصمة، وأهانوا القوات المسلحة والأمن، ودمروا نسيج المجتمع".
وأشار إلى أن "الحرب أوقفت عجلة التنمية، وضربت المؤسسات الاقتصادية وكافة أجهزة الدولة، وانهارت العملة المحلية، وارتفعت معدلات البطالة والتضخم، وأغلقت المصانع ومؤسسات القطاع الخاص، كل ذلك نتيجة سيطرة المليشيات الانقلابية على العاصمة والعبث بموارد الدولة".
ولم تكن كلمة هادي هي الوحيدة الموجهة إلى اليمنيين بمناسبة عيد الأضحى، حيث وجه "الحوثيون" والرئيس السابق كلمة أخرى، عبر ما يسمى "المجلس السياسي" المشكل بينهم بالمناصفة، ألقاها القيادي الحوثي صالح الصماد.
وشدد الصماد، في خطابه الذي نقلته وكالة سبأ الخاضعة للحوثيين، على "المضي في صدور قرار العفو العام والشامل عن كل المغرر بهم ممن هم خارج الوطن ( في إشارة لهادي وحكومته)، ودعوتهم للعودة إلى أرضه، ليتقاسم الجميع مسؤولية الدفاع عنه والنهوض به وتقدمه وتطلعاته المستقبلية".
وجدد الصماد التأكيد "على أن خيار السلام الشامل والعادل هو الخيار الوحيد الذي ينبغي أن يتصدر كل حوار أو مفاوضات لإيقاف الحرب، وعلى التمسك بالحوار مع الفرقاء من القوى السياسية والحزبية في الداخل والخارج، من منطلق القناعات التامة بحضارية قيم الحوار وغاياته في بناء التفاهم، وحل أي إشكاليات أو خلافات مهما كانت حدتها دون اشتراطات أو إملاءات مسبقة .
وعلى الرغم من إعلانهم أن ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" بات هو الممثل لهم ومن يدير البلاد سياسيا واقتصاديا وعسكريا، إلا أن "صالح" و"الحوثي" لم يكتفيا بذلك التحالف، ووجها كلمات منفصلة لـ"الشعب اليمني".
حيث جدد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حرصة على "السلام الشامل والعادل والقادر على الاستمرار"، وذلك من خلال التفاوض المباشر مع النظام السعودي، كونه المعتدي على اليمن أرضا وإنسانا"، حسب تعبيره.
وطالب صالح، في كلمته التي نقلها موقع" المؤتمر نت" التابع لحزبه، أن يكون الحوار مع السعودية "في أي مكان وزمان، ودون وصاية أو ابتزاز أو شروط جاهزة، وأن يكون تحت رعاية الأمم المتحدة".
وأرجع صالح دعوته للحوار المباشر مع السعودية إلى "تجارب المفاوضات السابقة في جنيف وبيل( في سويسرا العام الماضي) والكويت ( 21 إبريل ـ 6 أغسطس الماضي)، التي أثبتت عدم جدّية ما وصفها بـ" قوى العدوان" في التوصل إلى "وقف عدوانها وتحقيق حل سياسي عادل وشامل وفق مرجعيات وطنية واقعية".
وألمح صالح إلى رفض المبادرات القائمة على نزع سلاحهم، قائلا: "نؤكد على أن شعبنا اليمني قادر على مواصلة مقاومة العدوان بكل ما يمتلكه من قدرات، واستخدام حقه المشروع في الدفاع عن سيادته وكرامته واستقلاله، ورفضه كافة المخطّطات التي تستهدف تفكيك الدولة والجيش وتجريدهما من أسلحتهما الدفاعية".
كما ألقى زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، كلمة بمناسبة عيد الأضحى، هاجم فيها السعودية بشكل رئيسي.
وخلافا للكلمات السابقة الموجهة للشعب اليمني فقط، قالت قناة" المسيرة" التابعة للجماعة إن كلمة الحوثي "موجهة للشعب اليمني، وللمسلمين في كافة أرجاء المعمورة، وللحجاج في الأراضي المقدسة".
وقال الحوثي إن "النظام السعودي لا يمتلك الحق نهائيا في التحكم ببيت الله الحرام والصد عنه، والمنع للحجاج من البلدان الإسلامية من أداء فرض من فروض الله، ولا مبرر له في ذلك إطلاق (في إشارة لغياب حجاج إيران هذا العام عن أداء الحج)".
وأضاف: "وبات الدور الذي يمارسه النظام السعودي والمضايقات والقيود تجاه ذلك تنحو على النحو الإسرائيلي في ممارساته بحق المسجد الأقصى وعماره وزواره".
وكان يفترض أن يؤدي 64 ألف إيراني هذا العام مناسك الحج، ولكن في نهاية أيار/ مايو الماضي، أعلنت مؤسسة الحج والزيارة الإيرانية أن "الحجاج الإيرانيين سيحرمون من أداء هذه الفريضة الدينية للعام الجاري؛ بسبب مواصلة الحكومة السعودية وضع العراقيل، ما يحمّلها المسؤولية في هذا الجانب"، حسب بيان أصدرته آنذاك.
بدورها، حمّلت الرياض طهران مسؤولية منع مواطنيها (الإيرانيين) من أداء الحج هذا العام، وقالت وزارة الحج والعمرة السعودية إن وفد منظمة الحج والزيارة الإيرانية غادر البلاد دون التوقيع على محضر إنهاء ترتيبات حج الإيرانيين لهذا العام، مؤكدة "رفض المملكة القاطع لتسيس شعيرة الحج أو المتاجرة بالدين".