نشرت صحيفة "ديلي ميل" تقريرا عن عائلتين سوريتين تم تسكينهما في إحدى جزر
اسكتلندا، وذلك ضمن مشروع استقبال اللاجئين السوريين المعرضين للأذى.
ويشير التقرير إلى أن العائلتين كانتا من أوائل العائلات السورية التي تم تسكينها في الجزيرة، قبل ثمانية أشهر، وتحدثت العائلتان عن عدم سعادتهما في
جزيرة بووت، وقالتا إن الجزيرة مليئة بكبار السن، وإن هذا المكان "يأتي إليه الناس ليموتوا".
وتقول الصحيفة إن العائلتين تحدثتا عن خجلهما من تلقي المساعدات، ومدحتا الشعب الاسكتلندي، وتحدثتا عن التقلبات المناخية التي لا يمكن التنبؤ بها، حيث قال الأبوان، اللذان يحاولان تعلم اللغة الإنجليزية، واللذان كانا قبل اللجوء يعملان في التجارة، إنهما يبقيان معظم الأيام في البيت، أو يتمشيان للبحر، ويشعران بالعزلة.
وتنقل الصحيفة عن عبده (42 عاما)، الذي يعيش مع زوجته رشا (35 عاما) وأطفالهما الأربعة، "الأسماء تم تغييرها حتى لا يتضرر أقاربهم في سوريا"، قوله: "في البداية كنت سعيدا جدا لأني قادم لأعيش في المملكة المتحدة، فهي أم الحرية، وعاملني الناس معاملة جيدة، واسكتلندا جميلة وأحب الطقس هنا، وبعض الناس يحبون هذا الطقس وأنا أحبه، أحب الشتاء".
ويستدرك عبده قائلا للصحيفة: "لكن على مدى الأشهر الستة أو السبعة الماضية فإنه ليس هناك مكان نذهب إليه، ليست هناك حركة، ليس هناك شيء، لقد تجاوزت الملل، وأصبحت أعاني من الاكتئاب، وأشعر أن أمامي خيارا واحدا، وهو أن أموت هنا، ولا شيء آخر".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تلك العائلات كانت قد أحضرت بحسب برنامج وزارة الداخلية لإعادة توطين الأشخاص المعرضين للأذى العام الماضي، الذي يهدف لاستيعاب 20 ألف شخص مع حلول عام 2020، ويمنح الأولوية للأكثر عرضة للأذى، الذين لا يمكن دعمهم في بلادهم، مشيرا إلى أن هؤلاء اللاجئين منحوا خمس سنوات إقامة تحت بند الحماية الإنسانية، وإذن بالعمل، وحق في المساعدات الاجتماعية، حيث يتحمل صندوق المساعدات الخارجية مصاريف 12 شهرا.
وتذكر الصحيفة أن من بين المجالس المشاركة في المشروع، مجلس "أرغيل وبووت"، بالإضافة إلى 15 مجلسا اسكتلنديا آخر، حيث وصل أول 100 لاجئ سوري الى المملكة المتحدة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، وتم تسكينهم في اسكتلندا.
وينقل التقرير عن عبد، الذي ذهب إلى غلاسكو أكثر من مرة ليجد عملا، قوله: "لم أكن أتوقع الحضور إلى هذه الجزيرة، وكنا نظن أننا سنذهب إلى لندن أو مانشستر، لكن عندما نذكر أي شيء عن الانتقال من الجزيرة، فإنه يقال لنا: (كان علينا دفع الكثير من المال لإحضاركم هنا)، فأشعر بأنه سكن قسري، وأشعر بالإهانة، فأنا لم أحضر إلى هنا حتى يتحكم بي أي شخص"، وأضاف أنه شعر "بالإهانة" من موظفي المجلس المحلي، وحاول الانتحار عن طريق شرب زجاجة ويسكي مرة واحدة، الأمر الذي استدعى دخوله للمستشفى على إثرها.
وتحدثت فاطمة (31 عاما)، شقيقة رشا، وزوجها حسن (21 عاما) من خلال مترجم للصحيفة عن حياتهما على جزيرة بووت، وقالت فاطمة إن الجزيرة "مليئة بكبار السن"، ووصفتها بأنها مكان "يأتي إليه الناس ليموتوا"، مشيرة إلى أن جزيرة بووت جميلة، لكن البطالة فيها وفي منطقة روثساي عالية، وتقع ضمن 15% من أكثر المناطق حرمانا في اسكتلندا.
وقالت العائلتان إنهما تأملان في الانتقال إلى غلاسكو أو مانشستر، وقال عبده للصحيفة: "أظن أنني إن ذهبت إلى مكان فيه عرب أكثر يمكنني التواصل معهم، وفي الوقت ذاته أتعلم اللغة الإنجليزية من هنا وهناك، وقد أحصل على وظيفة".
ويفيد التقرير بأن اختيار العائلتين تم عن طريق قاعدة بيانات تابعة للأمم المتحدة، بعد أن قامتا بالتسجيل على قوائم اللاجئين في لبنان، قبل أربع سنوات، لافتا إلى أن عبده وحسن تعرضا للسجن والتعذيب في سوريا، وتحدثا عن ارتياحهما للهروب من منطقة بابا عمرو في حمص، التي تم تدميرها تحت القصف.
وتورد الصحيفة رواية رشا حول الهروب من حمص، حيث قالت: "إنه من الصعب جدا أن يغادر الشخص بلده، لكننا كنا مضطرين لذلك، كنت قلقة على الأطفال، كنا في خطر، وهربنا مختبئين في شاحنة تحمل البضائع والخضار، وكان هناك الكثير من طائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية، لقد كان ميدان حرب، لا ماء ولا كهرباء ولا طعام".
وتختم "ديلي ميل" تقريرها بالإشارة إلى قول المتحدث باسم مجلس "أرغيل وبووت": "نشعر بخيبة الأمل؛ لأن هناك عائلتين تشعران بعدم السعادة في بووت، لكن هذا ليس رأي أكثرية العائلات الأخرى، التي استقرت بشكل جيد، وتستغل فرص الدعم والترحيب الموجودة".