بثت صفحة “سيناء 24” المعنية برصد وتوثيق الانتهاكات التي تحدث في منطقة سيناء بمصر، مشاهد أولية مصورة بالفيديو لمسجد “أبو رفاعي” جنوب مدينة الشيخ زويد بعد أن قصفه الجيش المصري بالمدفعية الثقيلة، مؤكدة أن قصف المساجد في سيناء ليس هدفا مجسما للرصاص في عرض عسكري، لكنه واقع يعيشه أبناء سيناء.
وأشارت “سيناء 24”?—?في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”- إلى أن قوات الجيش قصفت، الخميس، مسجد “أبو رفاعي” وعدد من المنازل بجنوب الشيخ زويد دون معرفة الأسباب التي دفعتهم لذلك.
ويظهر الفيديو آثار القصف بالمدفعية الثقيلة، والتي أدت لتخريب المسجد وتدمير أجزاء منه في الداخل والخارج، كما أن بعض الطلقات استهدفت مصاحف القرآن، والكتب الإسلامية التي كانت موجودة بداخل المسجد.
كما نشرت “سيناء 24” صورا تظهر دمارا واسعا طال مسجد “أبو رفاعي”، ومنازل المدنيين في حي “أبو رفاعي” جنوب الشيخ زويد بعد قصف الجيش للمنطقة بشكل متواصل يوم الخميس بالمدفعية الثقيلة.يذكر أن “عربي21” لا يمكنها التأكد من صحة المعلومات الواردة في مواقع التواصل الاجتماعي من مصدر مستقل.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي للجبهة السلفية، مصطفى البدري، إن هذه ليست المرة الأولى التي يتعامل فيها الجيش الانقلابي مع المساجد بهذه الطريقة، “فقد فعلوا نفس الأمر في مساجد رفح المصرية قبل ذلك، وأضف أيضا ما فعلوه بالتعاون مع الشرطة في مسجد رابعة العدوية ومسجد الفتح برمسيس”.
وأضاف في تصريح لـ”عربي 21": “مع تدربهم على ضرب المساجد واقتحامها في حفل التخرج أمام السيسي، يتأكد للجميع صحة رأي من قال إن انقلاب 3 يوليو كان على الإسلام ورموزه قبل أن يكون على الرئيس المنتخب شعبيا”.
واستطرد “البدري” قائلا: “لذلك، ينبغي على كل القوى والحركات الثورية أن تعيد النظر في التعامل مع المؤسسة العسكرية في مصر، واعتبارها من أشد المؤسسات عداوة لدين وعقيدة عموم الشعب المصري”.
وتأتي هذه الواقعة بعد ساعات من استعراض طلاب الكلية الجوية وطلاب من قوات الصاعقة والمظلات، الأربعاء الماضي، خلال حفل التخرج مهارتهم القتالية والدفاعية عن طريق التصويب باتجاه “مجسم على هيئة مسجد” يقبع على المنطقة الحدودية، وسط مبان وعقارات مجاورة له، وأطلقت عليها الرصاص ودمرتها بالكامل، في حضور عبدالفتاح السيسي.
من جانبه، أكد الكاتب والباحث، طارق منينة، أن الاعتداء على المساجد بحصارها أو بقصفها وتدميرها، أمر أصبح معتادا للأسف في ظل الانقلاب، فليس هذه أول مرة يفعل فيها الجيش هذا الأمر، لأن له سوابق كثيرة وجرائم هائلة، وليس الجيش فقط هو الذي فعل ويفعل ذلك، ولكن الشرطة أيضا تأخذ الأوامر من قادة الانقلاب بقصف البيوت والمساجد في سيناء كما فعلت في المدن الأخرى من قبل.
وأشار في تصريح لـ”عربي 21" إلى أنه تحت حكم العسكر لا توجد أي حرمة لأي مكان أو شخص، حتى لو كان هذا المكان مقدس وله حرمته الدينية، مؤكدا أن سلطة الانقلاب انتهكت كافة الحرمات، وأن هذا أمر ليس بالجلل بقتلهم الكثير من المصريين بدم بارد دون وازع من ضمير.
وقال “منينة”: “هؤلاء قتلوا معارضين سلميين للنظام الذي سرق الدولة في لحظة انقلاب خاطفة، وحرقوا بعض الشقق والبيوت التي يسكنها من يعارض الحكم الفاشي، كما جاءت في الأخبار وصورت العدسات وسجلت الفيديوهات والقنوات التلفزيونية، وتواترت هذه الأمور واشتهرت، وحاصروا المساجد أثناء غليان الثورة المصرية واعتقلوا من فيها، وسلطوا عليهم أصحاب السوابق ممن كانوا في السجون وأخرجتهم أو هربتهم لإحداث فوضى وفزع في البلاد ولإرهاب المعارضين والثوار”.
ونوه إلى حصار الأمن لمسجد الفتح بمنطقة رمسيس في القاهرة، وكان بداخله مئات المحاصرين (نساء وأطفال، ورجال وشيوخ)، بل وتم قصفه ورميه بالمدافع الرشاشة والمولوتوف والضرب المتواصل لساعات طويلة بالرصاص الحي، ثم تسليط البلطجية عليه، وتكسير زجاج المسجد من الخارج، وإلقاء المولوتوف داخله، فضلا عن حصار المسجد بالمدرعات.
وقال “منينة” إن “هذه العصابة المجرمة التي استولت على الدولة بقوة السلاح والسطو المسلح، وهاجمت المساجد وحاصرتها، وقصفتها، هي العصابة المتحالفة أصلا مع كبار العلمانيين القمعيين الذين يراهنون على إحداث تقدم بالدم والتغيير السريع بالقوة المسلحة، وقد عينت بعضهم على رأس وزارة الثقافة والمؤسسات الملحقة بها”.
وتابع: “هؤلاء لا يألون جهدا في إرهاب المسلمين وقمع الشعب المصري كله، وغض الطرف عن تهييج غوغاء من جهلة المسلمين سرا من قبل الدولة العميقة وعملاءها (يدعمهم بلطجية من أمن الدولة)، وتحريضهم وتأمينهم في بعض بؤر الاشتعال، وكذلك تحريض الغوغاء من المسيحيين، وعدم التدخل الفوري لمنع هؤلاء أو أولئك لإثبات أنهم بحاجة لحماية من الدولة”.
واختتم بقوله: “هذه العصابة المدعومة إقليميا وخارجيا هي التي تقصف المساجد، والتي كان آخرها قصف مسجد أبو رفاعي جنوب الشيخ زويد، وهي التي فجرت كنيسة الإسكندرية المشهورة ونسبت الفعل الإجرامي للجماعات الإسلامية. فإلى الله المشتكى وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله”.
ولم تشهد المساجد المصرية طوال تاريخها انتهاكات كالتي شهدتها خلال عصر الانقلاب العسكري بقيادة السيسي؛ حيث دأب رجال الأمن من الجيش والشرطة طيلة الأعوام الثلاثة الماضية على انتهاك حرمات المساجد دون أدنى رادع أو رقيب.
وانتهكت قوات الانقلاب حرمات المساجد بشتى السبل سواء أكان ذلك بالحرق أو الإغلاق أو الاقتحام والمداهمة أو محاصرة المصلين والتضييق على إقامة الشعائر، كما اتبعت سلطة الانقلاب سياسة التضييق على المصلين ومنع إقامة الشعائر؛ والخطبة الموحدة، وإبعاد الأئمة والخطباء، حيث لم تعد المساجد تفتح إلا وقت الصلاة فقط وتغلق بعدها مباشرة، ومنع الاعتكاف بها في رمضان إلا بتصريحات من أمن الدولة.