تعتبر أم أيهم أن مصيبتها ابتلاء من الله، فالحياة “بوتقة اختبار للعباد”، فابنها الأصغر محمد أرغم على القتال إلى جانب قوات النظام بعد اعتقاله على حاجز عسكري في محافظة حمص قبل نحو عام من الآن، أثناء سفره لمتابعة دراسته الجامعية. أما شقيقاه الأكبر أيهم والأوسط مصطفى؛ فقد اختارا موقيعهLا إلى جانب الجيش الحر وتنظيم الدولة على التوالي.
وتتمنى الخمسينية أم أيهم التي طلبت عدم تحديد مكان إقامتها؛ أن تكون قصتها التي روتها لـ”عربي21" عبارة عن قصة فقط، غير أن التهديدات المتبادلة بالقتل بين أبنائها تجعل من قصتها حقيقة مؤلمة، كما تقول.
تبدأ أم أيهم بسرد ما يجرى معها، بالحديث عن صغيرها على وجه الخصوص، فهي لم تر وجهه منذ سنة تقريبا.
وتقول “كان كل همه أن يتابع تعليمه الجامعي في كلية الهندسة المدنية بحمص، ولذلك كان يجازف بالذهاب إلى تلك المدينة التي تحولت إلى مرتع للنظام وشبيحته الطائفية، متجاهلا نصحنا، أنا وأبيه، إلى أن اعتقل على أحد الحواجز العسكرية قبل نحو عام من الآن، واقتيد موجوداً إلى الخدمة العسكرية، بحجة التخلف عنها”.
وتضيف: “ومن ذلك الحين ونحن ننتظر تلك الكلمات القليلة التي يرسلها لنا على (برنامج التواصل الاجتماعي) “واتساب”، بين الفينة والأخرى ليخبرنا بأنه لا زال على قيد الحياة”.
وتتابع: “يتحاشى محمود السؤال عن حال أخويه، فهو يعرف أن التهديدات بالقتل التي يرسلها مصطفى الذي يقاتل إلى جانب تنظيم الدولة في ريف حلب؛ إلى شقيقه أيهم الذي يقاتل إلى جانب الجيش الحر؛ لا زالت مستمرة”.
تمسح أم أيهم دموعها وهي تقول: “ليت الحال بقي كما هو عليه، فاليوم مصطفى يهدد والده بالذبح أيضا؛ لأنه يعتبره راضياً عما يقوم به شقيقه أيهم المرتّد، الذي يقاتل إلى جانب الجيش الحر في ريف حلب الشمالي”.
وتشير إلى أن أيهم أيضا ليس بأفضل حال من حال شقيقه مصطفى، وتنقل عنه حديثه المكرر بأن الأخير “هو يقاتل إلى جانب الخوارج، وهؤلاء قتالهم واجب”. وتردف: “ليس من السهل أن يتحول الأشقاء الذين تربوا في بيت واحد إلى أعداء يهددون بعضهم البعض بالقتل”.
وكان أيهم ومصطفى من أوائل من حمل السلاح في مدينة حلب، في وجه النظام السوري مع دخول المعارضة إلى المدينة في تموز/ يوليو 2012، لكن مع ظهور بوادر الانقسام والاقتتال بين تنظيم الدولة والجيش الحر في العام 2014، اختار كل منهما الوقوف إلى طرف ضد طرف.
تجهل أم أيهم المصير الذي تنتظره، و برغم ذلك تحاول توطين نفسها على كل الاحتمالات المفتوحة، لكنها في الوقت ذاته تتمنى أن يجمع الله شمل أسرتها في القريب العاجل.