منذ عصر الجمعة الماضية بالتوقيت المحلي لشرق الولايات المتحدة وانا اضع يدي على قلبي من الانباء التي وردت من تركيا عن الانقلاب العسكري في تركيا، ولم يتوقف هاتفي عن الرسائل التي تتوالى بالاخبار حالكة السواد من تركيا عن استيلاء الانقلاب على مقر الاذاعة والتلفزيون ووزارة الدفاع والبرلمان التركي والقاء القبض على رئيس الاركان التركي.
وذهبتُ الى الاخبار الامريكية لعلي اجد من يشير الى استنكار الحكومة الامريكية للانقلاب العسكري او وقوف حكومة الولايات المتحدة مع الحكومة المنتخبة، وقد تأخرت الدول الغربية عن قصد عن اعلان مواقفها من الانقلاب فتيقنتُ ان الامر لم يحسم بعد للانقلاب العسكري.
ثم ماهي الا دقائق حتى بدات الاخبار تتوالى عن كلمة مباشرة من الرئيس التركى عبر خدمة FaceTime ثم قول الرئيس التركي إنه تم ضرب المكان المتواجد فيه بالطيران ولكنه بفضل الله نجا من محاولة القتل وطلبه من الناس النزول الى الشوارع لتحمي مكتسباتها وتصون حرياتها وتدافع عن كرامتها، فانهالت جموع الشعب الى الشوارع، ثم توالى رفض الأحزاب والقوى والنخب التركية الإسلامية والعلمانية والقومية للانقلاب التي لم يستطع العسكر إمتطاءها لتمرير الإنقلاب، كما حدث فى مصر من النخب العلمانية في مصر التي ماهي الا صورة مقلوبة من العسكريين من امثال البرادعي وصباحي وحمزاوي والطيب وتواضروس وغيرهم، ثم هزتني صورة جميلة لمواطن تركي يتصدى للدبابة وينام اسفلها لمنعها من التحرك ليدافع عن مستقبله ويحمي اقتصاد بلده بعدما اكتوى من فساد النخب العسكرية التي حكمت البلاد، هذه الصورة ذكرتني بصورة المواطن المصري المسخ الذي يلبس الحذاء في راسه والذي عبر عن قطاع كبير من الشعب المصري.
لكن هناك سؤال مهم هنا لماذا فشل الانقلاب العسكري التركي؟ او ماهى اسباب فشل الانقلاب التركي؟
اعتقد ان اول هذه الاسباب هو وعي الشعب التركي وادراكه مخاطر العودة الى النظام العسكرى مرة اخرى فالانقلاب العسكري قد اعاد تركيا سنوات الى الخلف والشعب التركي عايش ذلك بنفسه من تراكم الفساد في كل ركن من اركان الدولة التركية.
اما ثاني الاسباب فهو نجاح اردوغان فى الوصول الى نطرية المكاسب المحققة او ما يطلق عليها بالانجليزية وهي win win situation اقناع الكثير في المجتمع ان الديمقراطية ستخقق مكاسب لكل الاطراف وانهم خاسرون لامحالة فى حالة حدوث اى انقلاب وقد انعكس ذلك فى وقوف الشرطة مع النظام الشرعى و مساهمتها فى دحر الانقلاب العسكري.
اما السبب الثالث والذى ربما يكون الاول هو وجود القوة سواء اكانت من الشرطة او من بعض فئات الجيش التى لم تتفق مع قادة الانقلاب فهذه القوة كانت حاسمة وتعضيد الشعب التركى لها ومؤزارتها فى الشوارع عجل بسقوط العسكريين وفشلهم فى وجود قوة معهم على الارض دفع الجميع الى التنصل منهم والهروب من مركبهم الغارق تماما.
اما السبب الرابع فهو قناعة الاتراك انهم لابد ان يخلصوا شوكهم بايديهم وان الغرب لن يكون له دور على الاطلاق فى حفظ حقوقهم وصون كرامتهم، مها وارت الدول الغربية مواقفها الحقيقية بتصريحات تدعى مناصرة الحكومات المنتخبة رغم انه مما لاشك فيه ان الانقلاب تم برعاية غربية كاملة بل قد صنع فى الخارج وضلوع دول عربية فى التخطيط والتمويل وستكشف الايام ذلك وانا مقتنع تمام الاقتناع ان هذه المحاولة سيكون لها ما بعدها من محاولات اخرى، وقد ادرك اردوغان ان التفجيرات التى تمت فى تركيا فى العام الاخير ان ورائها قوى دولية وداخلية هي التي تخطط لازاحة اردوعان ومن هنا فان القناعة من محاولات لتركيع تركيا خاصة اقتصاديا سيكون هو المسار في الفترة المقبلة.
اما السبب الخامس فهو مرتبط بفهمهم للانقلاب المصرى، فقد ادرك الاتراك ان مصيرهم سيكون هو مصير المصريين الذى تم الانقلاب على تجربتهم واليقين بان الغرب كان ورائه وان اهل الحكم فى مصر حينما قالوا ان سلميتنا اقوى من الرصاص، جعلتهم طعاما سهل الهضم للاكلين، وهو ما اشار اليه اردوغان والاتراك بان مصير مصر لم يغب عنهم ورفعو علامة رابعة اعلاما للجميع انهم يعلمون ان مصيرهم كان سيكون نفس المصير.
اما بالنسبة الى مصر فان الوضع سيعود الى الواجهة من جديد بعد الدرس التركى المؤثر فهل للمصريين ان يختاروا قيادة جديدة تزلزل الارض من تحت اقدام الانقلابيين وهل يمكن الرهان على عودة الشعب المصرى الى وعيه، فيمكن القول ان جيل الشباب الحالى اصبح على قناعة ان التغيير ممكن الحدوث وان الدبابات والرشاشات لم تستطع ان تحمى الانقلاب وقادتة كل ما هنالك ان تولد قيادة جديدة تماما تعلم وتتعلم كيف تنجح ان مأساه بعض المصريين هى امساك العصا من المنتصف فهذه السياسة حتما تؤدى الى عواقب وخيمة نراها بام اعيننا فهل من معتبر.