تمثل يافا وجهة استثمارية مطلوبة في أراضي الـ48- أرشيفية
عادت قضية تسرب العقارات في الأراضي الفلسطينية لجهات مجهولة، سواء في مناطق الـ48 أم في القدس المحتلة، للواجهة مرة أخرى، بعدما كشفت الجمعية الخيرية الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة والمهجر، عن عمليات بيع أماكن مقدسة وأوقاف مسيحية بمدينة يافا المحتلة لشركات وهمية.
وقالت الجمعية في بيان صدر الخميس، واطلعت عليه "عربي21": "تبين بحسب وثائق وحقائق لا شك فيها، أن البطريرك ثيوفيولوس الثالث وبمساندة "السنود المقدس"، قام ببيع جميع حقوق الملكية لوقفية سوق الدير المركزية بجانب دوار الساعة في مدينة يافا؛ بيعا نهائيا لا حكرا ولا تأجيرا".
وأوضحت الجمعية أن مساحة العقار المسرب تبلغ 6.5 دونم، وتحتوي على نحو ستة آلاف مبنى أثري وحوانيت وبيوت عريقة، مؤكدة أن المبلغ الذي بيعت به زهيد، ويبلغ نحو مليون ونصف المليون دولار أمريكي"، في حين تؤكد الجمعية أن قيمة هذه الأماكن الحقيقية تفوق الـ52 مليون دولار.
وأكدت الجمعية، أنها حصلت على عقد بيع هذه الوقفية، وتبين أن المشتري هو شركة وهمية أجنبية باسم "بونا تريدنغ ليمتد"، و"لا يوجد لها أي سجل عند مسجل الشركات بحسب القوانين والأنظمة".
وأضافت: "بهذه الصفقة أنهت البطريركية كامل حقوقها في هذه الأرض الوقفية والمباني المقامة عليها"، مشيرة إلى أن البطريركية "لم تكتف بذلك، بل باعت شققا سكنية بمحاذاة كنيسة الخضر لذات الشركة وبأسعار بخسة وفي صفقات غير نزيهة"، بحسب البيان.
واعتبرت الجمعية أن البطريرك ثيوفيولوس الثالث "يشكل خطرا على وجود البطريركية"، في ظل استمرار عمليات "تصفية وبيع الأملاك المسيحية في يافا"، مطالبة كافة المؤسسات الأرثوذكسية والمسيحية في يافا بـ"التصدي لهذه الصفقات".
طرق غش وخداع
من جانبه، أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني سابقا، الشيخ كمال الخطيب، أن "تسريب هذا العقار التاريخي الكبير؛ يعني أن المؤسسة الإسرائيلية تحاول بشكل دائم أن تصل إلى عمق مقدسات الفلسطينيين؛ سواء كانت إسلامية أم مسيحية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن "الأمر لا يتوقف عند مدينة القدس المحتلة، بل يمتد إلى يافا وغيرها من المدن الساحلية؛ التي تتميز بالنسيج الاجتماعي المختلط والمتداخل بين المسلمين والمسيحيين"، مؤكدا أن سياسية الاحتلال تجاه تلك المدن الساحلية المحتلة؛ تهدف إلى "طمس ما تبقى من الآثار والمقدسات الإسلامية والمسيحية".
وأوضح الخطيب، أن الاحتلال يسعى "لضرب الشعب الفلسطيني في صميم مقدساته، في الوقت الذي يزعم فيه أنه يبحث عن توافق في الداخل المحتل وحرية أبناء شعبنا في الحفاظ على هويتهم، بينما الحقيقة عكس ذلك تماما"، لافتا إلى أن "هناك اتفاقية ما بين الاحتلال والفاتيكان أبرمت عام 1949، تنص على عدم المساس بأي عقار يتبع للكنيسة؛ وهو ما كان بالفعل".
واستدرك بقوله: "لكن من الواضح أن هناك طرق غش وخداع غير قانونية؛ عبر استخدام بعض أصحاب النفوس الضعيفة، من أجل تمرير هذه الصفقات المشبوهة وتسهيل الاستيلاء على تلك العقارات؛ وهو ما يحدث في الطرف المسيحي والإسلامي".
قلب دولة الاحتلال
وحول كيفية مواجهة جريمة تسريب العقارات المتكررة، قال نائب رئيس الحركة الإسلامية السابق: "الأمر يحتاج إلى حالة من الوعي ووقفة جماعية لاسترداد ما تم تسريبه وسلبه، إضافة للعمل على فضح كل من يساهم في تمرير تلك الصفقات".
من جانبه، أكد رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في يافا، عبد القادر سطل، أن تسريب أرض "وقفية سوق الدير"؛ يأتي "ضمن مخطط إسرائيلي طويل الأمد لتصفية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية التابعة لأشخاص أو جهات غير إسرائيلية، وذلك تمهيدا للسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية في أي بقعة من أرض فلسطين".
ولفت في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الاحتلال يعمل على شراء أراض وعقارات في مختلف الدول العربية؛ من أجل السعي لتثبيت وجوده في المنطقة، والذي يأتي من السيطرة على الوضع الأمني من أجل حماية دولته".
وأشار سطل إلى أن الاحتلال "يدفع أموالا طائلة، سواء لأشخاص أم لمؤسسات، بما فيها كنائس وأوقاف إسلامية، لتصفية وإحكام سيطرته على ما تبقى من الأوقاف والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين المحتلة".
وحول السبب في تركيز الاحتلال على مدينة يافا، فقد أوضح رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن، أن يافا هي "قلب دولة الاحتلال، وتصفية كل متر منها هو إنجاز بالنسبة لهم"، مؤكدا أن يافا المدينة الساحلية "هي أكثر المناطق طلبا من الناحية الاستثمارية".