أدان تقرير لجنة تشيلكوت رئيس الوزراء البريطاني الأسبق
توني بلير واتهمه باختيار حرب غير ضرورية ضد العراق. واستنتجت اللجنة بعد سبع سنوات وتحليل مئات الألوف من الوثائق أن بلير لم يقدم المعلومات الأمنية المتوفرة حول تهديد نظام الرئيس العراقي السابق
صدام حسين للبرلمان وللرأي العام، بل قدم المعلومات كما فهمها، مشيرا إلى نقطتين مهمتين في تبرير بلير لمشاركة بريطانيا في الحرب، "الملف المزور" الذي قدم للبرلمان حول تهديد العراق في أيلول/ سبتمبر 2002.
وقالت صحيفة "الغارديان" إن التقرير الذي جاء في 12 مجلدا و 2.6 مليون كلمة وملخص تنفيذي من 134 صفحة، كشف كيف بالغ بلير متعمدا في تقدير التهديد الذي مثله العراق حيث حاول بناء حالة لتبرير دخول بريطانيا في الحرب عام 2002 و2003. وفي تشريح للأدلة قدم تقرير تشيلكوت أدلة عن أن رئيس الوزراء العمالي الذي وعد الرئيس الأمريكي جورج بوش قائلا: "سأكون معك مهما كلف الأمر"، لم يلتفت للتحذيرات من المخاطر المحتملة للعمل العسكري، واعتمد بشكل مطلق على ما يعتقده بدلا من الحكم الدقيق للخدمات الأمنية.
وحدد تقرير تشيلكو نقطتين بارزتين في عملية التحضير للحرب على العراق والتي جاءت على خلفية التظاهرات الحاشدة التي نظمها تحالف "أوقفوا الحرب" في لندن. إلا أن بلير قلل من مخاطر الغزو.
وتشير النقطة الأولى إلى أن بلير قدم "في مجلس العموم في 24 أيلول/سبتمبر 2002 تقييما لقدرات العراق في الماضي والحاضر والمستقبل من أسلحة الدمار الشامل وقال إن الخطر سيكون في المستقبل حقيقة". لكن تشيلكوت يقول إن الحكم حول قدرات العراق في ذلك البيان والتقرير الذي صدر في اليوم نفسه قدما بضيغية تأكيدية بدون تبرير.
ووجدت اللجنة أن الملف سيء السمعة الذي صار يعرف بـ "الملف المفبرك" هدف لتقديم الخطر النابع من العراق بدرجة عالية.
وعلق التقرير على ما جاء في مقدمة رئيس الوزراء للملف من أن "الأجهزة الأمنية توصلت وبدرجة لا تدع مجالا للشك" إلى أن صدام حسين يواصل إنتاج السلاح الكيماوي والبيولوجي ويطمح لإنتاج أسلحة نووية كانت تعبر "عن اعتقاد بلير لا عن حكم اللجنة الأمنية المشتركة الذي توصلت إليه من خلال تقييم المعلومات الأمنية".
وفي نقطة ثانية أشار تشيلكوت إلى اللغة القوية التي استخدمها توني بلير في مجلس العموم يوم 18 آذار/ مارس 2003 عندما قدم للنواب المترددين مبررات المشاركة في الحرب مقارنة مع التقييم الحذر لدى الأجهزة الأمنية. ففي تلك الجلسة حذر بلير من خطر وقوع أسلحة الدمار الشامل في يد "الجماعات الإرهابية" التي قال إنها "تمثل تهديدا حقيقيا على بريطانيا وأمنها القومي".
لكن تقرير تشيلكوت يشير إلى أن تقييم الأجهزة الأمنية كان أن "كوريا الشمالية وإيران وليبيا كانوا أخطر بالنسبة للسلاح النووي والكيماوي والبيولوجي. واعتقدت اللجنة الأمنية المشتركة أن العراق يحتاج لخمسة أعوام أخرى بعد رفع العقوبات عليه من أجل أن تكون لديه المواد الكافية لإنتاج الأسلحة. ولم تكن هناك أدلة عن محاولة العراق للحصول على مواد ولم يكن لديه القدرات التقنية لتحويل هذه إلى سلاح".
وأوضح التقرير أنه لم تكن هناك أية فرصة ليزود صدام الجماعات "الإرهابية" بأسلحته لو أنتجها. وتابع تشيلكوت في تقريره أن "بلير حذر من مخاطر العمل العسكري وأنه سيؤدي لزيادة تهديد القاعدة على بريطانيا ومصالحها، وحذر من أن من يؤدي الغزو لنقل الأسلحة إلى أيدي الجماعات الإرهابية".
وجاء في التقرير: "المفهوم الشائع هو أن ملف أيلول/ سبتمبر 2002 ومبالغته في تأكيد الأدلة حول قدرات العراق ونواياه من أجل التأثير على الرأي العام "وبناء حالة" للعمل ونزع أسلحة العراق أدى لإرث مدمر بما في ذلك إضعاف الثقة وتصديق بيانات الحكومة، خاصة تلك التي تعتمد على المعلومات الأمنية التي لا يمكن التحقق منها بطريقة مستقلة".
وانتقد التقرير بلير في 11 نقطة تتعلق باتخاذ القرار والتي كان يمكنه الحصول على نقاش جماعي من وزراء الحكومة. وأشار التقرير إلى الملاحظة التي كتبها بلير لبوش: "سأكون معك، مهما كلف الأمر" والتي شاهدها مسؤولو الحكومة في 10 داونينغ ستريت وأرسلت لوزير الخارجية جاك سترو ولم ترسل لجيف هون، وزير الدفاع في حينها. ويعلق التقرير بأن الرسالة وإن كانت شخصية إلا أنها تمثل بيانا مهما عن وضع الحكومة البريطانية من رئيس الوزراء إلى رئيس الولايات المتحدة. وكان يجب أن يطلع عليها وزراء الدفاع وقبل إرسالها".
ويرى جوشوا روزنبرغ، الصحافي المتخصص في الشؤون القانونية، أن تقرير تشيلكوت يضع الأسس لمحاكمة بلير. فتشيلكوت قال: "لم أعبر عن رأيي فيما إن كانت الحرب قانونية ويجب ترك الأمر للمحاكم"، كما أن تقريره لا يتناول قضية تقديم بلير ومعاونيه للمحاكمة. ومع ذلك فقد وجد التقرير أن القضية التي قدمتها حكومة بلير لتبرير الحرب "لم تكن مقنعة".