بن علي يلدرم.. رجل الرئيس أردوغان (بورتريه)

كان ضمن دائرة المقربين الضيقة من الرئيس التركي طوال فترة تسلمه السلطة.

هو رجل الرئيس رجب طيب أردوغان المخلص بلا منازع وبلا ادعاءات، التصق به منذ أن كان رئيسا لبلدية اسطنبول، وتأسيسه لحزب "العدالة والتنمية" عام 2001، وكان مستشارا له وموضع ثقته طوال مدة حكمه.

 سمي المرشح الوحيد لرئاسة حزب "العدالة والتنمية" التركي الحاكم خلفا لرئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو الذي دعا إلى عقد جلسة "المؤتمر العام" للحزب لانتخاب رئيس جديد له.

أوغلو أعلن تنحيه بسبب خلافات مع أردوغان، لكنه رفض في الوقت ذاته التطرق للخلافات، وقال إنه يفضل الإبقاء على "رفاقه أكثر من أي منصب"، محذرا في مؤتمر صحفي في حينه من الإساءة لشخص أردوغان، وقال إن "شرف الرئيس من شرفي ولن أسمح لأي شخص بأن يتحدث عنه".

وما يدل على متانة العلاقة بين الرجلين، اختيار أردوغان لداود أوغلو كي يكون أحد الشاهدين على زواج ابنته سمية أردوغان قبل أيام، ضمن حفل شارك فيه عدد من الزعماء والسياسيين العرب والأجانب.

وتعهد مرشح أردوغان لرئاسة حزب "العدالة والتنمية"، بن علي يلدريم، في خطاب ألقاه عقب تعيينه، بالعمل بانسجام مع كافة قطاعات الحزب. وقال: "سنعمل بانسجام تام مع كل الرفاق في الحزب على كل المستويات، بدءا برئيسنا المؤسس والقائد رجب طيب أردوغان".

ولد يلدرم عام 1955، بمحافظة أرزنجان شمال شرق تركيا لعائلة كردية، وتخصص في الهندسة والملاحة البحرية بعد أن تخرج في كلية العلوم البحرية التابعة لجامعة اسطنبول التقنية بدرجة الماجستير.

 بدأ حياته العملية في مديرية صناعة السفن التابعة لوزارة الصناعة، ليواصل بعدها رحلة التحصيل الأكاديمي فحصل ما بين عامي 1990 و1991 على درجة الدكتوراه التخصصية من منظمة الملاحة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة.

عندما عاد إلى تركيا عمل مديرا لوسائل النقل البحري في بلدية اسطنبول، وافتتح، خلال فترة عمله، خط النقل البحري اسطنبول ـ يالوفا، اسطنبول ـ باليك أسير، وقام بتوفير 22 حافلة نقل بحري، و29 ميناء، و4 سفن نقل بين شقي اسطنبول الآسيوي والأوروبي.

نجاحته الملموسة أثارت إعجاب أردوغان به، ودفعته إلى ضمه لصفوف حزب "العدالة والتنمية"، وأصبح يلدرم نائبا عن اسطنبول من الحزب في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر عام 2002.

وأشرف على العديد من مشاريع البنى التحتية والنقل البحري، التي أكسبت حكومة أردوغان شعبية، ومكنتها من الفوز بالانتخابات منذ 2002.

وتولى وزارة المواصلات في جميع حكومات حزب "العدالة والتنمية" منذ 2010، باستثناء الفترة من 2013 إلى 2015.

واختار "العدالة والتنمية" يلدرم للترشح نائبا عن مدينة إزمير، التي كانت متأخرة في مجال البنى التحتية والمواصلات، وتغير وجه المدينة بمشاريع اقترحها يلدرم، مثل القطار السريع، وتقوية البنية التحتية، والإنترنت، وخدمات الخطوط الجوية التركية، والطرق السريعة.

واستطاعت هذه المشاريع الصناعية والصحية والتعليمية التي أنجزتها أن تفتح مدينة إزمير للحزب التي كانت عصية عليه في الفترات السابقة، ولم يكن يتوقع أحد أن يفوز فيها بالانتخابات.

وترشح يلدرم لرئاسة بلدية إزمير، ولكنه أخفق في ذلك، واختاره أردوغان بعدها ليكون مستشارا له في مجال الاستثمار.

وكان اسمه واردا لخلافة أردوغان في رئاسة "العدالة والتنمية"، وتولي رئاسة الوزراء أيضا، لكن مؤتمر الحزب اختار أحمد داوود أوغلو، وبقي يلدرم في منصبه وزيرا للمواصلات.

ويؤكد الكثير من المقربين لعملية اتخاذ القرار داخل الحزب أن بن علي أحد أهم الشخصيات التي يثق بها أردوغان ويشاركها في اتخاذ القرارات الخاصة بالحزب وخططه المستقبلية.

منذ تأسيس " العدالة والتنمية" وحتى الشهر الماضي، لم تظهر على السطح أي أزمة سياسية تتعلق بزعامة الحزب، إذ تم انتخاب أردوغان كزعيم للحزب أربع مرات متتالية دون ظهور أي خلاف بارز بينه وبين أي اسم آخر، وحتى عندما تم عقد المؤتمر الخامس، في آب/ أغسطس عام 2015، لانتخاب بديل له بعد توليه رئاسة الجمهورية لم يبرز أي خلاف علني، على الرغم من تأكيد بعض المقربين من أروقة الحزب أن البعض اقترح بولنت أرينج والبعض الآخر اقترح عبد الله غُل.

 ولكن أردوغان كان مصرا على بن علي يلدرم، واستمر إصراره إلى أن تم اقتراح اسم داود أوغلو ذي الخلفية السياسية الأكاديمية العريقة، فوافق عليه أردوغان ولكنه أبقى على يلدرم كبديل، حسب ما تُشير مراسلة موقع "الجزيرة ترك" في أنقرة في تقرير لها.

وكان وفاؤه لأردوغان وصداقته القديمة معه، ونجاحاته في أكثر من مجال، من العوامل التي جعلته يوصف بأنه اليد اليُمنى لأردوغان.

وأصبح نائبا في البرلمان لحزب "العدالة والتنمية" عن اسطنبول للدورة البرلمانية 22، ثم نائبا عن مسقط رأسه أرزنجان في الدورة 23، ثم نائبا عن إزمير المعروفة بتأييدها لحزب "الشعب الجمهوري" المعروف بتوجهه العلماني في دورتين 24 و26. وهو ما يعد نجاحا غير مسبوق للحزب في هذه المنطقة التي تعد من معاقل حزب "الشعب الجمهور".

ووجهت المعارضة التركية انتقادات ليلدرم بعدما ظهرت زوجة يلدرم المحجبة في صورة وهي تجلس بعيدة عنه أثناء غذاء عمل عام 2005، حيث وجهت له المعارضة الكثير من تهم "التمييز الجنسي".

كما وجّهت المعارضة اتهامات مشابهة نتيجة عدم التحاقه بجامعة بوغازيچي في شبابه، والسبب يعود إلى أنه "رأى الفتيان والفتيات يجلسون ويتحدثون معا في ساحة الجامعة"، ووجد أن "الاختلاط بين الجنسين غير مقبول".

وكوزير للاتصالات كان يلدرم مصدرا لخلافات عديدة، ومنها ما جاء في معرض رده على الانتقادات حول الرقابة الحكومية على خطوط الهاتف، حيث قال: "إذا كنت لا تفعل أي شيء غير قانوني، فلا تقلق من التنصّت".

يلدرم يقود الحكومة التركية الجديدة بعد استقالة أحمد داود أوغلو من رئاسة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا. وينص النظام الداخلي للحزب الحاكم في تركيا على أن يتولى رئيس الحزب رئاسة الحكومة.

وفي تشكيلة حكومته الجديدة، حافظ يلدرم على أهم الوزراء السابقين والمقربين من أردوغان، في وقت قال فيه إنه يدعم الإصلاحات الدستورية للرئيس لتحويل تركيا من النظام البرلماني إلى الرئاسي بصلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، كما شملت التشكيلة الجديدة تعيين وزير جديد للدفاع، والإعلان عن مواصلة تركيا حربها ضد حزب العمال الكردستاني والدولة الموازية.

إذا، رجل الرئيس رسميا إلى جوار الرئيس من موقع أكثر قوة وبصلاحيات تنفيذية واسعة، فهو رئيس الحزب ورئيس الوزراء والصديق المقرب من أردوغان الذي يبدو أنه لا يزال يمسك بخيوط اللعبة السياسية في تركيا دون إزعاج حقيقي سوى مناكفات تظهر من بعض أحزاب المعارضة ومؤيديهم في بعض وسائل الإعلام التركية، ومن بعض زعماء دول المنطقة.