التضارب في بيانات شركة مصر للطيران، كان هو الظاهرة الأبرز في حادث اختفاء طائرة مصر للطيران القادمة من باريس فجر أمس الخميس 19/5/2016، الشركة قالت إن الجيش تلقى رسائل استغاثة من الطائرة، وقالت بالنص: "قد تم الإبلاغ عن طريق البحث والإنقاذ التابع للقوات المسلحة المصرية باستقبال رسالة استغاثة من أجهزة الطوارئ بالطائرة الساعة 4:26 فجرا بتوقيت القاهرة"، وذلك بعد حوالي ساعتين من انقطاع الاتصال بها.
بعدها أصدر المتحدث العسكري بيانا على صفحته بـ"فيس بوك"، نفى فيه ما قالته الشركة، وأعلن عدم رصد رسائل استغاثة من الطائرة المختفية! بعدها بسويعات أدلى رئيس شركة مصر للطيران بتصريحات أحمد عادل لـ"سي إن إن"، قال فيها: "إنه تم رصد إشارة استغاثة في المنطقة التي اختفت فيها الطائرة".
ولتجنب "التضارب" مع بيان الجيش، أضاف عادل قائلا: "إن إشارة الاستغاثة قد لا تكون صادرة منها، وربما تكون من أي مركب آخر في البحر المتوسط"!
هذا التضارب كان بين جهتين رسميتين: التأكيد "مصر للطيران".. والنفي "الجيش"، ولم يكن لوسائل الإعلام دخل بها.. ومع ذلك ناشد المتحدث العسكري، وسائل الإعلام المختلفة، توخي الدقة وتلقي المعلومات بشأن الطائرة، من مصادرها ومن الجهات المعنية.
هذا التضارب.. قد يعتبره البعض "بسيطا"، وعلى هامش متن الحادث.. والحال أنه يتضمن رسائل غير مريحة بشأن تفاصيل "فنية" مهمة تتعلق بالحادث وتفسيره. وهذه النقطة تحديدا، أشارت إليها ضمنيا -وبخبث- تقارير صحفية غربية، نقلا عن وكالات أنباء غربية شهيرة.. حين نقلت ممن وصفتهم بالخبراء قولهم: "إن عدم تمكن الطيارين من توجيه نداء استغاثة يوحي بأن أمرا طارئا ومفاجئا قد باغتهم". وهي إشارة تجعل من بيان شركة مصر للطيران، مقدمة لتوجيه التكهنات نحو ترجيح حدوث "عطل فني".. بينما نفي تلقي رسائل استغاثة، يوجه صوب ترجيح اعتراض الطائرة لمفاجأة لم تسعف الطيارين لإبراق الاستغاثة.. ومن بين تلك "المفاجآت" بالطبع وأقواها، تعرضها لحادث إرهابي.
هذا التضارب بالتأكيد، وعلى نحو ما بينت فيما تقدم، خطير جدا، فهو من ناحية تضارب بين جهتين رسميتين.. ومن ناحية أخرى، قد يضيف متاعب جديدة إلى أخرى، ما انفكت القاهرة تكابد مشقة كبيرة في إقناع المجتمع الدولي، بصدقية روايتها الرسمية، وعلى رأسها الطائرة الروسية المنكوبة فوق سيناء، وقضية باحث الدكتوراه الإيطالي "جوليو ريجيني".
هذا التضارب قد "يعدي" هنا في مصر.. ولكنه لن "يبيع" في العالم الغربي؛ لأنه قد يفتح الباب أمام احتمال اتهام مصر، بوجود نية لديها لتوظيف الحادث سياسيا، واستثماره للخروج منه منتصرة في معركة الطائرة الروسية، أو على الأقل بالتعادل الإيجابي مع الغرب.
هذا التضارب يحتاج إلى معالجة رصينة وحكيمة وعاجلة.. تضع الأمن القومي المصري في مقدمة أي أولويات أخرى.. فالوضع لا ينقصه المزيد من الكوارث والانهيارات.
عن صحيفة المصريون المصرية