يوصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "أقوى رجل في العالم" بحسب تصنيف مجلة "فوربس" التي منحته هذه الصفة للعام الثالث على التوالي باعتباره من الرجال القلائل في العالم الذين يستطيعون فعل ما يريدون دون خشية أحد، هذه الشخصية المحورية التي تثير جدلا حول توجهاتها وسياستها جعلت مجلة "فورين أفيرز" تفرد عددها الأخير للحديث حول روسيا في عهد بوتين، باعتبار أن هناك مقولة شائعة يروجها أنصار بوتين في روسيا تقول بأن (روسيا باقية طالما بوتين موجود وهي ذاهبة إن رحل) ورغم ما في هذه المقولة من مبالغة في (البوتينية) إلا أنها تشير إلى حقيقية يدركها كل متابع بأن روسيا في عهد بوتين مختلفة، فهي تعيد اكتشاف نفسها وقيمتها الجيوسياسية وتحاول أن تفرض نفسها كلاعب سياسي دولي مستغلة ما تملكه من أوراق قوة، وتجالد بقوة عوامل ضعفها خصوصا في الجانب الاقتصادي، ولأن روسيا ورئيسها أصبحا منخرطين في أزمات بلادنا فمن الضرورة بمكان فهم ما يدور في عقل بوتين وفريقه.
المكانة الجيوسياسية لروسيا
يسجل التاريخ ثلاثة انتصارات رئيسية جعلت من روسيا قوة عظمى: الأول هو انتصار بطرس الأكبر على تشارلز الثاني عشر ملك السويد وهو ما أدى إلى توسع روسيا في بحر البلطيق وفي أوروبا وبروزها كقوة جديدة في القرن الثامن عشر، الثاني هو هزيمة نابليون الذي أراد غزو روسيا فهزم على يد ألكسندر الأول وانساحت القوات الروسية حتى بلغت باريس في العقد الثاني من القرن التاسع عشر، والثالث هو الانتصار الكبير في الحرب العالمية الثانية والتي يسميها الروس (الحرب الوطنية العظمى) والتي انتهت باكتساح القوات الروسية لبرلين وما تبع ذلك من دور محوري في تشكيل النظام الدولي بعد الحرب.
ورغم ما مثلته هذه الانتصارات من فرض للهيمنة الروسية إلا أن هناك حقيقة يجب عدم إغفالها وهي أن روسيا كانت دائما ضعيفة نسبيا كقوة عظمى، ففي المقابل خسرت روسيا حرب القرم (1853-1856) في مواجهة الدولة العثمانية وهي الحرب التي أنهت نشوة انتصارات الروس في حقبة ما بعد نابليون، وخسرت الحرب الروسية – اليابانية في 1904 وهي الهزيمة الأولى لدولة أوروبية أمام دولة آسيوية في العصر الحديث، كما خسرت الحرب العالمية الأولى وكان من تداعيات ذلك سقوط حكم القياصرة، وخسرت الحرب الباردة وهي الهزيمة التي تسببت في انهيار الاتحاد السوفياتي.
بنيت عقلية الأمن القومي الروسي في التاريخ على التوسع فروسيا لا يمكن أن تكون إلا إمبراطورية، ولعل عاملين مهمين شكلا هذه المقاربة، فروسيا ليس لديها حدود طبيعية مع جيرانها باستثناء المحيط الهادي والمحيط المتجمد الشمالي (وهذا الأخير أصبح منطقة نزاع مؤخرا) لذلك رأت النخبة الروسية في تاريخها بأن التوسع يمثل ضمانة لأمن الداخل الروسي، هذا أولا أما ثانيا فهو الشعور بالاختناق الجغرافي والحرص على الوصول للمياه الدافئة.
تراوحت رؤية روسيا لنفسها عبر التاريخ لكنها كانت دائما تنظر لنفسها من موقع (الدولة ذات المهمة الخاصة) فهي المملكة السلافية وريثة الإمبراطورية البيزنطية حامية الكنيسة الأرثوذكسية، أو صاحبة الرسالة العالمية للأممية الشيوعية، والآن هي تطرح نفسها ممثلة (للأوراسية) وهي حركة نشأت في عام 1921 تعرف روسيا بأنها بلاد لا تنتمي لأوروبا ولا آسيا لكنها تشكل حالة فريدة بذاتها قائمة على الامتزاج بين الشرق والغرب وقام المفكر الروسي الكسندر دوغين مؤخرا بإعادة إحياء هذا المبدأ باعتباره يشكل هوية روسيا الجديدة في خليط مبدع بين الأيديولوجيا والجغرافيا السياسية، وهو الفكر الذي يتبناه بوتين.
ما بعد الحرب الباردة
نظر الروس لتسوية ما بعد الحرب الباردة بأنها غير عادلة وهي تشكل طعنة في الظهر تعامل فيه الغرب بغطرسة شديدة مع روسيا على خلاف الاتفاق الذي كان بين غورباتشوف وبوش، في التوافق على قواعد جديدة للسلام العالمي ونهاية سباق التسلح، وإعادة توحيد ألمانيا، واعتماد ميثاق باريس لأوروبا الجديدة التي تهدف إلى الحد من المواجهة وإقامة شراكة بين الكتل المتنافسة في الشرق والغرب. وتعمد الغرب إضعاف روسيا في عهد بوريس يلتسين مستغلا حالة الضعف والفوضى التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي ولكن هذه نتيجة حتمية لانتصار الغرب الحاسم في المنافسة مع الاتحاد السوفياتي الذي خسر في جميع مجالات التنافس السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية والعسكرية، ورغم أن الكبرياء الروسي لم يقبل أن يرى بلاده مجرد (عضو) في أوروبا أو أنها في غير موقع الشريك مع الولايات المتحدة إلا أن روسيا يجب أن تتماشى في تطلعاتها مع قدراتها الفعلية فلا يمكن أن تكون دولة عظمى بأوضاع مترهلة.
لا تزال روسيا أكبر دولة في العالم مساحة إلا أنها أصغر بكثير عما كانت عليه زمن الاتحاد السوفياتي، ولم يعد اتساع المساحة يحظى بذات القيمة في معايير قوة الدولة في هذه الأيام إذا ما قارناه بالديناميكية الاقتصادية والبشرية التي تعاني روسيا قصورا منها، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ ذروته في عام 2013 حيث بلغ 2 تريليون دولار إلى 1.2 تريليون في هذا العام بسبب انخفاض أسعار النفط، وانخفضت تبعا لذلك القوة الشرائية للروبل، والاقتصاد الروسي لا يزيد عن 1.5% من الناتج الإجمالي العالمي وهو ما يمثل 1-15 من حجم الاقتصاد الأمريكي، كما تعاني الدولة الروسية من مشكلة الفساد الإداري الذي يشع بآثاره سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
البيئة الجيوسياسية أيضا أصبحت أكثر صعوبة بمرور الوقت، مع استمرار التفوق العالمي للولايات المتحدة، والصعود الكبير للصين، وانتشار الإسلام السياسي المتطرف، فنحو 15 % من 142 مليون مواطن هم مسلمون وهناك خشية من انتشار لنزعات انفصالية في مناطق ذات أغلبية مسلمة.
نحو عالم متعدد الأقطاب
في خطابه السنوي في المجلس التشريعي الروسي (الدوما) في عام 2005 قال الرئيس بوتين بأن انهيار الاتحاد السوفياتي كان (كارثة جيوسياسية كبيرة) هذه الجملة تشرح إلى أي حد كان الشعور بالغصة في قلوب الروس في حقبة ما بعد الاتحاد السوفياتي، ولكنه في نفس الخطاب ذكر بأن الغرب لم يحسن التصرف بعد نهاية الحرب الباردة وتخيل بأن روسيا ستستمر في الانحدار وأنهم مخطئون في ذلك.
من وجهة النظر الروسية جاءت نقطة تحول حاسمة عندما تدخل حلف شمال الأطلسي في حرب كوسوفو في عام 1999 الأمر الذي أفزع الروس بما فيهم المدافعين عن الليبرالية والإصلاح فصربيا دولة ذات علاقات وثيقة مع موسكو ويشترك الصرب مع الروس في الانتماء للعرق السلافي وزاد من خشيتهم أن الناتو بدأ شيئا فشيئا باتخاذ دور المقاتل الذي يقوم بعمليات عسكرية في أفغانستان والعراق، وليبيا وجميع الحملات الثلاثة أدت إلى أشكال مختلفة من تغيير النظام وتدهور الدولة.
لقد انتهى عصر المواجهة بين القطبين منذ زمن لكن في نفس الوقت، لحظة الأحادية القطبية التي هيمنت فيها الولايات المتحدة على العالم في طريقها للانتهاء، وروسيا الآن ليست هي ذاتها في عام 1991، لقد بدأ عالم جديد متعدد الأقطاب بالتشكل وهو ما جلب مزيدا من عدم اليقين في الشؤون الدولية بحيث يصعب التكهن في طبيعة وشكل العلاقات الدولية في السنوات المقبلة، وكلا من أمريكا وروسيا يسعون جاهدين لتحديد أدوارهم المناسبة في العالم لكن الشيء الوحيد الذي يشعر به كل جانب منهما هو أن الطرف الآخر قد تجاوز، وجوهر التوتر بينهما لا ينبع فقط من أحداث سوريا أو أوكرانيا ولكن هو خلاف مستمر حول ما يعنيه انهيار الاتحاد السوفياتي للعالم.
استاءت روسيا من الثورات الملونة التي حدثت في بلدان نفوذها ورأت فيها امتدادا للاستهداف الغربي لها وجاءت عملية الإطاحة بالرئيس الأوكراني في فبراير 2014 بمثابة القشة التي قصمت ظهر الربيع وجاء الرد على ذلك حاسما بعملية ضم شبه جزيرة القرم التي من أسبابها الرد على التوسع المستمر شرقا لحلف الناتو، ومن هذا المنطلق يجب فهم التدخل الروسي في سوريا فهو ليس فقط لتعزيز موقف الأسد ولكن أيضا لإجبار الولايات المتحدة على التعامل مع روسيا على قدم المساواة، وجاء قرار الانسحاب الروسي من سوريا علامة على نجاح هذه الإستراتيجية، فأثبتت روسيا براعتها العسكرية وقوتها في حسم القرار وغيرت من ديناميات الصراع وفي نفس الوقت تجنبت الغرق في المستنقع السوري.
وبذلك يسعى بوتين لتأكيد مكانة روسيا كقوة عظمى في جزء من سياسته من خلال العمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة باعتبارهما الجهتين المشاركتين في رعاية العملية الدبلوماسية لإنهاء الحرب وكضامن للتسوية التي تلي ذلك.
وفي حديقتها الخلفية آسيا الوسطى شهدت روسيا تراجعا في نفوذها التاريخي هناك حين ارتبطت دول آسيا الوسطى بعلاقات تجارية قوية مع الصين وضخت الصين كميات هائلة من الأموال في مشاريع البنية التحتية لإحياء طريق الحرير، وهذه مسألة تشكل تحديا وفرصة لروسيا في آن واحد، فالتحدي هو من دخول الصين كمنافس كبير لها في مناطق نفوذها التاريخية والفرصة في تطبيق ما تنادي به النخبة الحاكمة بأن مكانة روسيا الحقيقية هي من خلال (المشروع الأوراسي).
إعادة بناء القوة العسكرية
بعد الثورة الملونة التي حدثت في جورجيا جاءت لحكم البلاد في الجمهورية السوفياتية السابقة حكومة ميخائيل ساكاشفيلي الموالية للغرب وجرى حديث عن احتمالية انضمامها لحلف الناتو، وتدخلت القوات الروسية على خلفية النزاع في أبخازياوأوسيتيا الجنوبية لتلحق هزيمة ساحقة في القوات الجورجية فيما عرف بحرب الأيام الخمسة عام 2008، استطاعت القوات الروسية إثبات تفوقها الاستراتيجي في الحي الجنوبي والغربي لها وتعزيز سيطرتها على منطقتين إستراتيجيتين في القوقاز هما أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وتأمين مدينة سوتشي مكان الإقامة الجنوبية للرئيس الروسي والعاصمة الثالثة غير الرسمية للبلاد ومنعت حلف الناتو من التوسع في المنطقة، لكن هذه الحرب كشفت عن قصور كبير في جهوزية القوات الروسية، فالنصر وإن كان حاسما إلا أنه كان على جيش صغير لا وجه للمقارنة بينه وبين الجيش الروسي.
لذلك شرعت روسيا بعد شهرين من حربها مع جورجيا في تنفيذ برنامج طموح لتحديث الدفاع وإعادة هيكلة القوات المسلحة، هذه الجهود، التي يتوقع المسؤولون الروس أنها ستكلف 700 مليار دولار بحلول عام 2020، تهدف إلى تحويل الجيش الروسي من قوة دائمة ضخمة مجهزة للحرب بين القوى العظمى العالمية إلى قوة أخف وزنا وأكثر قدرة على الحركة ومناسبة للصراعات المحلية والإقليمية، وكان التطبيق العملي على ذلك هو في التدخل في سوريا الأمر الذي قال عنه بوتين صراحة بأننا جربنا أسلحتنا في سوريا.
ويظهر تساؤل جديد: أين سيذهب الجيش الروسي في المرة القادمة؟
تتطلع موسكو إلى القطب الشمالي، وهي منطقة غنية بالثروات ومصادر الطاقة والرواسب المعدنية، ويتراجع الجليد بفعل التغير المناخي مما يجعل الملاحة التجارية أكثر قابلية للاستمرار، والمعضلة أن الدول المطلة على القطب الشمالي كلها أعضاء في حلف الناتو باستثناء روسيا، وهي تتنافس فيما بينها للحصول على الموارد هناك، روسيا من جانبها، تأمل في توسيع منطقتها الاقتصادية في المحيط المتجمد الشمالي وهي تبني ست منشآت عسكرية جديدة في المنطقة ورغم أن التوترات في المنطقة القطبية الشمالية لا تزال هادئة إلا أن هذا قد يتغير إذا وقعت أزمة كبيرة بين الناتو وروسيا في مكان آخر أو إذا غيرت فنلندا أو السويد من موقفهما المحايد وتقدمتا بطلب للحصول على عضوية حلف الناتو.
ومن المرجح أيضا أن روسيا سوف تتخذ إجراءات عسكرية قرب حدودها الجنوبية في آسيا الوسطى خصوصا إذا نجح تنظيم الدولة الإسلامية في إنشاء موطن قدم له في أفغانستان، فبلدان آسيا الوسطى ذات أهمية إستراتيجية كبرى لروسيا وهي دول هشة نسبيا، وهي موطن لارتفاع معدلات البطالة والفساد الرسمي، والتوتر العرقي والديني وهي نفس النوع من المشاكل التي أدت إلى ثورات الربيع العربي.
لا زالت العقيدة العسكرية الروسية تركز باستمرار على الولايات المتحدة وحلف الناتو باعتبارهما التحدي الرئيسي الذي يواجه روسيا، فقد وصفت إستراتيجية الأمن القومي الروسي في عام 2016 سياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا بأنها سياسة الاحتواء، بل هناك من يرى بأن الولايات المتحدة تسعى لتفتيت روسيا، لذلك استأنفت الطائرات الحربية الروسية دوريات حقبة الحرب الباردة في بحر البلطيق حتى حدود بريطانيا، واقتربت لدرجة الاستفزاز من الطائرات والبوارج الغربية في بحر البلطيق، وقد اعترف بوتين بأنه فكر في وضع السلاح النووي الروسي في حالة تأهب قصوى للدفاع عن المصالح الروسية في أوكرانيا. وروسيا بهذه السلوكيات ترسل رسالة واضحة للناتو: ابقوا خارج الصراع أو أنه سيؤثر عليكم.
معاناة اقتصادية
يعاني الاقتصاد الروسي من ثلاث عقبات رئيسية منها ما هو بنيوي ومنها ما هو ضريبة لسعي روسيا للعب دور عالمي أكبر وهي:
الأولى: هي المشاكل البنيوية عميقة الجذور المتمثلة في استشراء الفساد وضعف سيادة القانون وهيمنة الشركات المملوكة للدولة وتدخل النفوذ السياسي. الثانية: انخفاض أسعار الغاز والنفط الذي تعتمد عليه روسيا بشكل كبير. الثالثة: الحصار الاقتصادي الغربي الذي نتج عن الأزمة الأوكرانية.
ورغم ما يعانيه الاقتصاد الروسي من جراء هذه العقبات إلا أن سجل بوتين في الإصلاح الاقتصادي ليس سلبيا تماما وقد نجح في تحقيق أحد أهدافه المعلنة في الانتقال بروسيا من المرتبة 120 عالميا في عام 2012 إلى المرتبة 51 في عام 2015 في مؤشر توفير بيئة مناسبة للتجارة مما يشير إلى إمكانية تحقيق شيء إذا توفرت الرغبة في ذلك. وإذا كان انخفاض أسعار النفط هو نتيجة للسوق العالمي، والعقوبات الاقتصادية الغربية نتيجة للصعود الروسي فإن الإصلاح الداخلي ومحاربة الفساد هو العامل المتاح باليد، والشعب الروسي في تاريخه شعب مكافح لم ينعم بالحياة المرفهة قط لذلك هو شعب قادر على تحمل الأزمات الاقتصادية لكن ما فائدة الحرص على تمتع روسيا بمكانة دولية دون أن ينعكس ذلك إيجابا على حياة المواطنين العادية ومن الغريب التأخر في اتخاذ خطوات جدية في هذا الصدد رغم أن بوتين هو الرجل القوي صاحب القبضة الحديدية في روسيا، وبدون قاعدة اقتصادية أقوى بكثير فإن الفجوة بين الطموحات والقدرات الروسية سوف تزداد.
لقد استطاع بوتين منذ أن وصل إلى الحكم أن يقضي على الدولة العميقة السابقة ويقيم نظاما إداريا جديدا عبر إنشاء هيئات حكومية وشركات كبرى تسيطر على مقدرات الدولة بدءا من السكك الحديدية مرورا بالطاقة وانتهاء بالصناعات العسكرية، كما أنه وضع (وكلاءه) في كل مفاصل الدولة الحساسة، وهو يطبق من خلالهم سياسته، ولا يجري تعيين لمحافظ مقاطعة ولا رئيس لجمهورية من جمهوريات الاتحاد الفيدرالي إلا باعتماده، وهذا يجعل مسؤولية فرض دولة القانون ومحاربة الفساد في رقبته بشكل أساسي وهي أمور ضرورية لبناء اقتصاد قوي.
في الخلاصة فإن روسيا اليوم ليست قوة ثورية تهدد النظام الدولي، روسيا لديها القدرة على إحباط مصالح الولايات المتحدة، ولكن لا نقترب ولو من بعيد إلى حجم التهديد الذي يشكله الاتحاد السوفياتي، التحدي الحقيقي يتلخص في رغبة موسكو في اعتراف الغرب بنفوذها في الفضاء السوفيتي السابق (باستثناء دول البلطيق). روسيا دولة فخورة بتاريخها وتقاليدها وما تريده هو الاحترام الدولي وهي بذلك تشبه الدب الذي أصابته الجراح لكنه لا يزال قويا وقادرا على الإيذاء، وأي محاولة لاستفزازه ستزيد الوضع سوءا لذلك يجب التعامل مع هذا التحدي بمزيج من الحكمة والحزم والصبر.