ملفات وتقارير

ما هي نشاطات حزب الله "الإجرامية" العابرة للحدود؟

اتهامات لحزب الله بالتورط في شبكة مخدرات - أرشيفية
اتهامات لحزب الله بالتورط في شبكة مخدرات - أرشيفية
نشر معهد واشنطن للدراسات ورقة بحثية أشار فيها إلى ما أسماها "نشاطات حزب الله الإجرامية" العابرة للحدود.

ووفقا للورقة البحثية التي كتبها "ماثيو ليفت"، فقد أسفرت تحقيقات سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة وأوروبا في شباط/ فبراير الماضي، عن الكشف بأن "منظمة الأمن الخارجي" لحزب الله (التي تُعرف أيضا بمنظمة الجهاد الإسلامي)، يشغّل كيانا مخصصا يكرس عملياته لتهريب المخدرات وغسل الأموال في جميع أنحاء العالم.

ويوضح ليفت أنه قد تم التوصل إلى هذا الاستنتاج من خلال عملية مشتركة شملت وكالات أمريكية كـ"إدارة مكافحة المخدرات" و"إدارة الجمارك وحماية الحدود" ووزارة الخزانة، و"وكالة تطبيق القانون الأوربية" ("يوروبول")، ووكالة "يوروجست" (وكالة تابعة للاتحاد الأوروبي تتعاون قضائيا في المسائل الجنائية)، والسلطات الفرنسية والألمانية والإيطالية والبلجيكية.

وقد امتد التحقيق ليشمل سبع دول، وأدى إلى اعتقال عدد من أعضاء ما يسمى "مُركب صفقات الأعمال" في "حزب الله" بتهمة الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال وشراء الأسلحة لاستخدامها في سوريا.

ويشير المعهد إلى أن "مُركب صفقات الأعمال" في حزب الله ليس عملية منفردة، فقد توصل المحققون الأمريكيون إلى نتيجة أنه تأسس على يد عماد مغنية، قبل وفاته في عام 2008، ويتم تشغيله حاليا من قبل مسؤول كبير في حزب الله يُدعى عبد الله صفي الدين وغيره من العناصر مثل أدهم طباجة.

ويلفت إلى أن صفي الدين، وهو ابن عم الأمين العالم للحزب حسن نصر الله، كان ممثلا للحزب في طهران، وساعد المسؤولين الإيرانيين على الوصول إلى "البنك اللبناني الكندي" المنحل الآن، الذي وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على القائمة السوداء في عام 2011؛ بسبب علاقاته بتهريب المخدرات على نطاق عالمي وبشبكة غسل الأموال وبحزب الله مباشرة.

وعلى نحو مماثل، أدرجت وزارة الخزانة طباجة على لائحتها في حزيران/ يونيو 2015؛ لتوفيره الدعم المالي للحزب عن طريق شركاته في لبنان والعراق، واصفة إياه بأنه "عضو في حزب الله يحافظ على علاقات مباشرة مع كبار العناصر التنظيمية... من بينها العنصر التنفيذي للحزب الإرهابي، (منظمة الأمن الخارجي)".

وتوضح الورقة أنه نتيجة لهذا التحقيق العابر للحدود، ألقت السلطات القبض على كبار قادة "مُركب صفقات الأعمال" في حزب الله في "الخلية الأوروبية". ومن بينهم محمد نور الدين، "مبيّض أموال لبناني عمل مباشرة مع الجهاز المالي لحزب الله لنقل أموال الحزب" من خلال شركاته، مع الحفاظ على "علاقات مباشرة مع عناصر حزب الله التجارية والإرهابية في كل من لبنان والعراق".

وفي كانون الثاني/ يناير، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية نور الدين وشريكه، حمدي زهر الدين، كناشطيْن في حزب الله، مشيرة إلى أن الحزب يحتاج إلى أفراد مثلهما "لغسل العائدات الإجرامية؛ لاستخدامها في الإرهاب وزعزعة الاستقرار السياسي".

الشركاء

يقول المعهد إن كشف "مُركب صفقات الأعمال" في حزب الله جاء نتيجة سلسلة من قضايا "إدارة مكافحة المخدرات" الأمريكية، التي جرت تحت عنوان "مشروع كاساندرا" الذي استهدف "شبكة عالمية لحزب الله مسؤولة عن توزيع كميات كبيرة من الكوكايين في الولايات المتحدة وأوروبا".

ولكن برزت العديد من الحالات الأخرى في المدة الأخيرة، التي تم في إطارها ارتكاب الأنشطة الإجرامية المنظمة العابرة للحدود من قبل أشخاص يتمتعون بعلاقات رسمية، وحتى وثيقة جدا مع الحزب.

ويتابع: "لننظر إلى العنصرين اللذين تم اعتقالهما في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 بتهمة التآمر لغسل أموال المخدرات والاتجار بالأسلحة على الصعيد الدولي نيابة عن حزب الله. فقد عرضت إيمان قبيسي، التي اعتقلت في أتلانتا (بولاية جورجيا)، غسل أموال المخدرات لعميل سري وأبلغته بأن زملاءها في حزب الله يسعون إلى شراء الكوكايين والأسلحة والذخيرة.

 إلى جانب ذلك، ناقش جوزيف الأسمر، الذي اعتقل في باريس في اليوم نفسه في عملية منسقة، إجراء معاملات محتملة خاصة بالمخدرات مع عميل سري، وعرض استخدام علاقاته مع حزب الله لتوفير الأمن لشحنات المخدرات. وبشكل إجمالي، أشار المشتبه بهما إلى وجود اتصالات إجرامية في عشر دول على الأقل في جميع أنحاء العالم، وسلّطا الضوء على الطابع العابر للحدود لهذه العملية التي يديرها حزب الله.

ويشير إلى أنه "على مدى الأشهر القليلة الماضية تم القبض على ميسّري العمليات الإجرامية للحزب في جميع أنحاء العالم، من ليتوانيا إلى كولومبيا وإلى العديد من الدول بينهما. وقد تم إدراج آخرين على لائحة وزارة الخزانة الأمريكية، بمن فيهم رجل الأعمال قاسم حجيج الذي له صلات مباشرة بحزب الله، وعضو منظمة الأمن الخارجي حسين علي فاعور، وعبد النور شعلان، وهو شخص بارز يعمل على شراء الأسلحة لحزب الله"، وتربطه علاقات وثيقة مع قادة الحزب.

وعلى حد تعبير مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية، "يستخدم «حزب الله» ما يسمى الأعمال التجارية المشروعة لتمويل وتجهيز وتنظيم أنشطته التخريبية".

ويشير المعهد إلى أن هناك العديد من الحالات السابقة من شبكات "الجرائم العابرة للحدود" التي يديرها حزب الله مباشرة.

ويضرب مثلا، ترأس "شبكة بركات" في منطقة الحدود الثلاثية في أمريكا الجنوبية ممثل نصر الله الشخصي في المنطقة، أسعد أحمد بركات. وعندما أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية بركات على لائحتها في عام 2004، لم تترك أي مجال للشك حول مكانته في الحزب، واصفة إياه بأنه "ممول رئيسي للإرهاب في أمريكا الجنوبية استخدم كل جريمة من الجرائم المالية المعروفة، بما فيها شركاته، لتوليد التمويل لحزب الله... فمن التزوير وإلى الابتزاز، ارتكب هذا الشخص المتعاطف مع حزب الله جرائم مالية واستخدم شركات وهمية لضمان المال للإرهاب".

واعتبر المعهد أن الارتفاع الأخير في التحقيقات الجنائية إلى تخويف الحزب. ففي خطاب ألقاه في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، نفى الأمين العام للحزب حسن نصر الله نفيا قاطعا الاتهامات القائلة بأن حزب الله متورط في الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال وجرائم أخرى، متحديا متهمي الحزب بقوله: "أحضروا لي أدلة على ذلك!" وهذا ما تم إنجازه، قضية بعد الأخرى، مع الأدلة الوافرة التي قدمتها وكالات إنفاذ القانون الأمريكية والأوروبية.
التعليقات (0)