التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما نظيره التركي في واشنطن على هامش القمة النووية. والسؤال المطروح هو: ما موضوع هذا اللقاء وما المتوقع منه؟ من المعلوم أن واشنطن تدعم حزب الاتحاد الديمقراطي وذراعه المسلحة وحدات حماية الشعب وهو الأمر الذي ترفضه تركيا علنا وتطالب الولايات المتحدة بإيقافه على اعتبار أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ليس إلا فرعا لحزب العمال الكردستاني البي كي كي (PKK) في سوريا وأنه يستخدم ساحة الحرب ضدها لا ضد داعش ويشكل خطرا على أمنها لكن واشنطن لم تلق بالا لاعتراضات تركيا وواصلت دعمها للقوات الكردية زاعمة أنها القوات الأقدر على محاربة داعش وبالمقابل شنت القوات التركية حربا على التنظيمات الكردية في سوريا معتبرة هذه التنظيمات امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يباشر حركة تمرد ضد تركيا منذ 1984.
الولايات المتحدة لا تخفي دعمها للأكراد لكنها تزعم أنها لا توافق على مطالبهم المتمثلة بإقامة حكم ذاتي في سوريا وترى أن دعمها لا يؤدي إلى تلك النتيجة بينما ترى تركيا أن هذا الدعم سيؤدي إلى هذه النتيجة ولذلك كان هذا الموضوع من أهم الموضوعات التي ناقشها أردوغان مع أوباما إذ قدمت تركيا للولايات المتحدة بحسب مصادر تركية قائمة من نحو ألفين وخمسمائة رجل من العرب والتركمان الذين صنفوا كمعارضة سورية معتدلة ليكونوا بديلا عن وحدات حماية الشعب الكردية في الحرب على تنظيم الدولة لكن ورغم اعتراف أوباما بأن الولايات المتحدة وتركيا شركاء في مواجهة داعش إلا أن الموقف الأمريكي ظل على حاله وانتقدت الصحف الأمريكية التي وصفها الأتراك بالسوداء ملف حقوق الإنسان وحرية التعبير في تركيا واتهمت الأخيرة برعاية داعش متجاهلة أربعة تفجيرات داعشية أزهقت أرواح العشرات من الأتراك وفي ملف الهجرة ناقش الزعيمان كيفية التعاون لحل أزمة اللاجئين وبينما ترى تركيا أن إقامة منطقة آمنة تعد جزءا من الحل ترفض الولايات المتحدة إقامتها وقد اقترب السيناتور الأمريكي جراهام ليندسي -وهو من صقور الحزب الجمهوري- من الموقف التركي حين أثنى على مخيمات اللاجئين التي أقامتها تركيا للسوريين وقال إنه لم ير أفضل منها ولكنها ليست الحل الدائم لهؤلاء اللاجئين. واعتبر استعادة مناطق من داعش وفرض مزيد من الضغوط على بشار الأسد ليس كافيا لحل هذه الأزمة وطالب بضرورة وجود منطقة آمنة للاجئين السوريين داخل سوريا وهو موقف يقترب من الموقف التركي الذي يرى الحل في رحيل الأسد وخلاص سوريا من القوات الأجنبية التي دخلتها.
انتهى اللقاء بين أردوغان وأوباما دون نتائج ملموسة على الأرض فلم تغير الولايات المتحدة سياستها إزاء الأكراد واستمرت في دعمهم رغم اعترافها بأن الحزب الديمقراطي الكردي ليس إلا فرعا لحزب العمال الكردستاني المصنف كإرهابي مما دعا جراهام ليندسي لأن يقول للصحفيين من مقر الكونجرس (7/4/2016) بعد زيارته لمخيمات اللاجئين السوريين أوائل أبريل الجاري في غازي عنتاب "لا أستطيع أن أصف لكم مدى انزعاج الأتراك بخصوص سياستنا تجاه سوريا"، واستطرد وقال "الفراغ الذي تركه أوباما في سوريا شغلته عناصر داعش وقوات نظام الأسد، وروسيا وإيران" وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي "ليست لديه سياسة أصلًا تجاه سوريا".
إصرار الولايات المتحدة على موقفها من الأزمة السورية التي تعد بما يلاقيه السوريون من معاناة مأساة القرن الواحد والعشرين يعزز القول بأن الولايات المتحدة وروسيا تستغلان اليوم التحديات التي تواجه تركيا في الداخل والخارج وحالة الضعف العربي من أجل إعادة صياغة الإقليم على أسس جديدة دون الالتفات للمصالح التركية والعربية وبينما تسمحان لإيران ووكلائها بالعمل في العراق وسوريا لا ترحبان بقوات سعودية تركية برية للعمل ضد داعش ولا تسمحان لتركيا بالعمل على حدودها ضد القوات الكردية بل وتساعد الولايات المتحدة وروسيا حزب الشعوب الديمقراطي والمعارضة التركية وحزب العمل الكردستاني ووحدات الشعب الكردي وجماعة جولن من أجل زعزعة استقرار تركيا وما لم يتوحد العرب والأتراك في مواجهة ما يجري من مخططات باتت واضحة للعيان فلن تغير الولايات المتحدة ولا غيرها سياساتها إزاء تركيا أو العرب.