أعلنت أذربيجان الأحد، وقفا لإطلاق النار من جانب واحد، إثر معارك مع القوات الأرمينية في منطقة ناغورني قره باغ، المتنازع عليها، وأسفرت عن مقتل 30 جنديا وهي الأعنف بين الطرفين منذ انتهاء الحرب عام 1994، في حين أعلن الرئيس التركي رجب طيب
أردوغان دعمه لحليفته باكو بكل الوسائل.
لكن يريفان نفت توقف القتال، قائلة إن المعارك مستمرة بين القوات الأذرية والأرمينية على حدود ناغورني قره باغ، رغم دعوات روسيا والغرب إلى التهدئة.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية في بيان أن باكو "قررت وإظهارا منها للنوايا الحسنة، وقف الأعمال القتالية من جانب واحد".
لكنها حذرت من أنها "ستحرر كافة الأراضي المحتلة" إذا لم "تتوقف" القوات الأرمينية عن ممارسة "الاستفزاز".
وتعهدت باكو "بتعزيز" عدة مواقع استراتيجية قالت إنها "حررتها" داخل المنطقة الخاضعة لسيطرة
أرمينيا، والتي يعترف بها دوليا على أنها جزء من أذربيجان.
لكن المتحدث باسم "الرئاسة" الانفصالية المدعومة من أرمينيا في قره باغ، ديفيد بابايان، قال إن القتال لم يتوقف على خط الجبهة.
وأوضح أن الاشتباكات العنيفة مستمرة في مناطق جنوب غرب وشمال شرق خط الجبهة في الإقليم.
وفي وقت سابق، تحدث الطرفان عن اشتباكات متقطعة ليلا وكذلك الأحد، كما أنهما تبادلا الاتهامات باستخدام الأسلحة الثقيلة والمدفعية والدبابات والمبادرة إلى بدء القصف.
وأعلنت وزارة الدفاع الأذرية، في بيان، أن "قوات أرمينية خرقت وقف إطلاق النار 130 مرة خلال الليل، وأطلقت قذائف مدفعية وقنابل وأطلقت النار من رشاشات ثقيلة".
وأضافت أن "القصف مصدره الأراضي الأرمينية ومن إقليم ناغورني قره باغ الذي يحتله الأرمن"، مشيرة إلى أن "الجيش الأذري رد" على مصادر النيران.
ومن ناحيته، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية آرتسرون هوفهانيسيان، إن "المعارك تواصلت صباح الأحد في جنوب الإقليم".
وأضاف أن "الأذريين يحاولون شن هجوم ولكنه يجري صدهم"، مشيرا إلى أن الوضع "متوتر لكن تحت السيطرة".
اتهامات متبادلة
وأوقعت المعارك العنيفة التي بدأت ليل الجمعة السبت، وتواصلت السبت، 18 قتيلا من الجنود الأرمينيين و12 جنديا أذريا، وسقط من كل جانب من خط الجبهة، مدني واحد.
ورأى رئيس أرمينيا سيرج سركيسيان، أن الاشتباكات هي "الأعمال الحربية الكبرى" منذ أن أنهت هدنة العام 1994 الحرب بين البلدين لكن بدون حل مسألة انتماء هذه المنطقة الواقعة في أذربيجان المأهولة بغالبية أرمينية.
وأقرت أذربيجان بسقوط إحدى مروحياتها، قائلة إن قواتها سيطرت على عدة مرتفعات استراتيجية وعلى قرية، وهو ما نفته يريفان.
وطالب الغرب وروسيا كل الأطراف بإبداء ضبط النفس والتحلي بالهدوء، فيما دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
ودان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري "بأشد العبارات" المعارك بين القوات الأرمينية والأذرية، داعيا الطرفين إلى "الاحترام الصارم لوقف إطلاق النار" وإلى "البدء فورا بمفاوضات برعاية" منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مشددا على عدم وجود حل عسكري للنزاع.
في هذا الوقت، وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعم أذربيجان حليفة أنقرة "حتى النهاية" في نزاعها مع أرمينيا.
ونقلت الرئاسة التركية الأحد عن أردوغان، قوله أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة: "نصلي من أجل انتصار أشقائنا الأذريين في هذه المعارك بأقل خسائر ممكنة"، وأضاف: "سندعم أذربيجان حتى النهاية".
من جانب آخر، انتقد أردوغان مجموعة "مينسك" التي تقود الجهود التي تبذلها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لإيجاد حل للنزاع، قائلا: "لو اتخذت مجموعة مينسك إجراءات عادلة وحاسمة، لما كانت حصلت مثل هذه الأمور".
وتركيا التي تقيم علاقات ثقافية ولغوية قوية مع أذربيجان تعتبر حليفة أساسية لباكو، ولا تقيم في المقابل علاقات مع أرمينيا بسبب الخلاف حول المجازر بحق الأرمن في ظل الدولة العثمانية عام 1915 التي تعتبرها يريفان "إبادة"، وهو ما ترفضه أنقرة.
ويشكل الأرمن غالبية سكان الإقليم الذي ألحق بأذربيجان خلال الحقبة السوفياتية، إلا أن حربا ضارية نشبت بين عامي 1988 و1994 بين الطرفين، وأوقعت 30 ألف قتيل وأدت إلى نزوح مئات آلاف الأشخاص غالبيتهم من الأذريين، وإلى سيطرة الأرمن على هذا الإقليم.
ورغم التوقيع عام 1994 على وقف لإطلاق النار، فإنه لم يوقع أي اتفاق سلام بين الطرفين.
وأعلنت السلطات الأذرية مرارا عزمها على استعادة المنطقة الانفصالية بالقوة إذا لم تسفر المفاوضات عن نتيجة، في حين تؤكد أرمينيا المدعومة من روسيا من جهتها أنها مستعدة لمواجهة أي هجوم.