استطاعت "أحلام" المطربة الإماراتية المثيرة للجدل والغثيان ربما، أن تمنح اللبنانيين أسبوعا من الشيزوفرينيا الوطنية شاركت في إحيائه مؤسسات إعلامية وعشرات آلاف الحسابات الإلكترونية. القصة بدأت بسجال تويتري بين أحلام وبعض إعلاميي الصحافة الفنية اللبنانية، بلغ ذروته بتغريدة "حلّومية" نصت على التالي (أنا بقول للشحادين بدل ما تتكلموا على الملكة، خليهن يلمّوا الزبالة يلي ملت الشوارع كنوع من الوطنية... وين نقابة الفنانين المحترفين لما الزبالة اللي في لبنان تسيء لبنت الإمارات نايمين والا أنتوا على راسكم ريشة)...
لم يصدق متصيدو أحلام وهم كُثر بأن حوّلت سهامها من الخاص إلى العام وتحديداً إلى قضية تمس بسمعة لبنان، فتحولت "الملكة" إلى مَلطَمة شعبية تفنن المغردون بالإساءة إليها بالكلام والصور، وتناولها برنامج على محطة "أم تي في" بعبارات خادشة للحياء على الطريقة اللبنانية.
ما يدعو للسخرية هو أن حملة رجم أحلام تحولت إلى موقف وطني حار تناسى معه اللبنانيون أين يعيشون وكيف، ولا بد من التذكير ببعض محطات واقعنا الراهن "المُضيء":
أولاً: لم تلقَ النفايات التي ملأت شوارع بيروت لشهور خلت هذا الاستهجان الذي لقيته تغريدة أحلام، وقد تَرك اللبنانيون مجموعة من الشابات والشبان يواجهون بأصواتهم الغضة الحكومة وقواها الأمنية في حملة اعتصامات وتظاهرات كان شعارها "طلعت ريحتكم"، واستطاعت بعض مكونات الحكومة من الأحزاب التي لديها فائض من "الشبيحة" إفشال التحرك والحملة. كذلك لم يهز اللبنانيين البعدُ الفضائحي لملف النفايات وما رافقه من عقود تصدير تبيَّن أنها مزوَّرة لشركات وهمية.
ثانياً: يعيش لبنان تعطيلاً شبه كامل في مؤسساته الدستورية، فمجلس النواب يمدد لنفسه بدون حجج مقنعة، والممدّدون لنيابتهم هم الأحزاب التي تختلف على كل شيء وتتفق على تقاسم كعكة الحكم المعفّنة، والتي شارك محازبوها بالملحمة الوطنية ضد أحلام، كذلك يواصل البرلمان فشله المزمن في انتخاب رئيس للجمهورية.
ثالثاً: خرج وزير الاتصالات بطرس حرب قبل أيام ليعلن عن وجود شبكات توزيع خدمات إنترنت غير شرعية تغزو الأسواق اللبنانية وتعمل بكل حرية، على حساب الوزارة المختصة والدولة التي تعتبر المالك الوحيد لهذا الحق على أراضيها، ولم تستفز الفضيحة كرامة اللبنانيين كما يجب.
رابعاً: تُدار الدبلوماسية اللبنانية الراهنة بالعقلية المراهقة لوزير الخارجية جبران باسيل الذي قاطع الأسبوع الماضي زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بيروت بادعاء من حزبه بأن بان كي مون يروّج لتوطين النازحين السوريين، وهي خطوة تأتي ضمن مسلسل تجاوزات باسيل توجه الحكومة الرسمي ما يسيء إلى هيبتها.
خامساً: صنفت المجموعة العربية حزبَ الله، أحد أبرز مكونات الحكومة، بأنه تنظيم إرهابي جرّاء تدخله الحربي في دول عربية عدة لصالح المشروع التوسعي الإيراني، وسط كلام عن إمكان اتخاذ المجموعة الأوروبية الموقف نفسه. ولم يُرعب هذا الإجراء بعض الإعلاميين كما أرعبتهم تغريدة أحلام.
سادساً: تصل لبنان يوميا نعوش قتلى حزب الله في المعارك الدائرة بسوريا دون أي موجة هلع شعبية.
سابعاً: أخلى القضاء العسكري قبل شهرين ونصف سبيل الوزير السابق ميشال سماحة رغم ثبوت تورطه، بأدلة الصوت والصورة، بإحضار متفجرات بكميات هائلة من سوريا وتشكيله عصابة بهدف تفجير تجمعات شعبية في مدينة طرابلس وريفها وقتل نواب ورجال دين. ولم يتّحد اللبنانيون في حينه على إدانة هذه الفضيحة التاريخية كما اتحدوا على إدانة أحلام.
ليس هذا فحسب، فتاريخ الدولة اللبنانية منذ الحرب الأهلية عام 1975 وحتى اليوم فائض بكل ما هو مشين، لكن كرامتنا الوطنية "العذراء" لا تهزها أحقادنا الطائفية ولا تهددها فضائح الفساد ولا يبددها انخراطنا في لعبة القتل والموت ولا يسيء إليها عجزنا عن بناء دولة. كرامتنا الوطنية "العذراء" يفضّ بكارتها كائنٌ غلط حكى صَح إسمه أحلام.
1
شارك
التعليقات (1)
الرصافي الانباري
السبت، 02-04-201608:32 م
وساسة لبنان هم المتضرر الاكبر من تغريدة احلام لانها وحدت اللبنانيين وهذا ارعبهم=وانا على يقين ان معظم اللبنانيين من مختلف الطوائف يشكرون الان احلام في داخلهم لانها اسمعت ساسة لبنان مرغمين مالم يريدون سماعه من الشعب اللبناني مياشرة