مقابلات

التفكجي: هذه إجراءات الاحتلال لتهويد القدس و"أسرلة" أهلها

التفكجي: 13 بالمئة مساحة ما تبقى للفلسطينيين في الشطر الشرقي من القدس المحتلة- عربي21
التفكجي: 13 بالمئة مساحة ما تبقى للفلسطينيين في الشطر الشرقي من القدس المحتلة- عربي21
قال الخبير في الاستيطان والخرائط، خليل التفكجي، إن أذرع الاحتلال المختلفة شرعت منذ احتلال مدينة القدس في 1967، في خلق واقع سياسي وديمغرافي وجغرافي جديد في المدينة المقدسة، من خلال سلسلة إجراءات وقوانين سُخرت لتهويدها بالكامل.

وأكد التفكجي في حوار خاص مع "عربي21" أن "قانون المصادرة للمصلحة العامة؛ هو أهم القوانين التي استخدمها الاحتلال للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية -التي تُعد المجال الحيوي للتطور العمراني الفلسطيني- بهدف إقامة المستوطنات عليها".

وأوضح أن وزارة مالية الاحتلال صادرت 24 كم2 (ما يعادل 35 بالمئة من مساحة الشطر الشرقي من مدينة القدس المحتلة) بموجب قانون الأراضي لعام 1943، وتحت غطاء الاستملاك للمصلحة العامة، مشيرا إلى أن "أذرع الاحتلال المختلفة أقامت على هذه الأرض المصادرة 15 مستوطنة إسرائيلية؛ تحتوي على 60 ألف وحدة سكنية قائمة، و58 ألف وحدة أخرى قيد الإنشاء ضمن مخطط 2020".

وبيّن أن "عدد المستوطنين في القدس الشرقية فقط؛ ارتفع من صفر عام 1967، إلى 220 ألف مستوطن يهودي حاليا".

قوانين التنظيم والبناء

وقال التفكجي إن الاحتلال قام بـ"السيطرة والحد من النمو العمراني الفلسطيني؛ عن طريق التنظيم والتخطيط "، موضحا أن الاحتلال سن العديد من "قوانين التنظيم والبناء لتحقيق تلك السيطرة الاستيطانية".

وأضاف أنه "منذ الأيام الأولى لاحتلال الشطر الشرقي من القدس؛ قام الاحتلال بإغلاق بعض المناطق الواقعة حول البلدة القديمة، وإعلانها مناطق خضراء يمنع البناء عليها"، لافتا إلى أن "نحو 35 بالمئة من مساحة الشطر الشرقي أصبحت مناطق خضراء، إضافة لمناطق غير منظمة بنسبة 52 بالمئة؛ وبقي للفلسطينيين 13 بالمئة فقط".

وتابع: "لقد جعل الاحتلال من تلك المناطق الخضراء؛ مناطق احتياط استراتيجي لبناء المستوطنات عليها كما حدث في جبل أبو غنيم، ومنطقة الرأس في شعفاط، حيث تم تحويلهما من مناطق خضراء إلى مناطق بناء استيطاني بنى عليها مجمع (هارحوماه) الاستيطاني، و(رامات شلومو)".

وزاد التفكجي: "أما بالنسبة للفلسطيني الذي يريد البناء؛ فقد رهن الاحتلال السماح له بالبناء في الأرض التي يمتلكها ويحق له فيها البناء؛ بما لا يزيد على 75 بالمئة منها (ثلاثة طوابق)، في الوقت الذي سمح فيه لليهود بنسبة بناء تصل إلى 300 بالمئة (ثمانية طوابق) من مساحة الأرض التي يسيطر عليها".

وقال إن "التكاليف الباهظة لرخصة البناء التي تصل إلى 30 ألف دولار للرخصة الواحدة، بالإضافة إلى طول فترة استصدار رخصة البناء؛ دفعا المقدسيين إلى البناء بدون ترخيص، أو الهجرة باتجاه المناطق المحاذية لحدود بلدية القدس، حيث يسهل استخراج رخصة البناء بتكلفة أقل منها في حدود بلدية القدس المحتلة".

قانون الغائبين

وأشار التفكجي إلى أن "مصادرة الأراضي تتم أيضا بموجب قانون أملاك الغائبين لعام 1950، والذي سخره الاحتلال لتهويد القدس"، موضحا أن القانون ينص على أن "كل شخص كان خارج دولة إسرائيل أثناء عملية الإحصاء التي أجريت عام 1967؛ فإن أملاكه تنقل إلى القيم على أملاك الغائبين، والذي يحق له البيع والتأجير".

وأضاف: "لقد استولت الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس على العديد من العقارات التي تعود ملكيتها للفلسطينيين؛ بواسطة هذا القانون".

خطة "الأسرلة"

وأوضح التفكجي أن سلطات الاحتلال عمدت على "أسرلة الأقلية الفلسطينية التي بقيت في المدينة، والتي لا تزيد نسبتها على 22 بالمئة من إجمالي عدد سكان القدس المحتلة عام 1973، أما اليوم فتقلصت إلى 12 بالمئة فقط".

وقال: "يسعى الاحتلال إلى أسرلة القطاعات الصحية والتعليمية والتجارية والصناعية والخدماتية، وتقوم بلدية الاحتلال بما يلزم من إجراءات، جنبا إلى جنب مع باقي أذرع الاحتلال لأسرلة من تبقى من المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية، من خلال تطوير الخدمات المقدمة للأقلية التي تريد أسرلتها"، كاشفا لـ"عربي21"، أن "عدد من يحملون الجنسية الإسرائيلية اليوم من المقدسيين الفلسطينيين وصل إلى 24 ألف مقدسي".

وأضاف: "لذا؛ فإن الاحتلال يعمل على رفع مستوى استيعاب المدارس الإسرائيلية الحكومية لتعوض المدارس العربية الحكومية والخاصة، حيث بلغ عدد الطلبة المقدسيين في المدارس الإسرائيلية نحو 40 ألفا، وهو ما يشكل 53 بالمئة من إجمالي عدد الطلبة الفلسطينيين بالقدس المحتلة".

ولفت إلى أن الاحتلال يعمل على "محاصرة المؤسسات الصحية الفلسطينية في القدس، وذلك بتقديم خدمات صحية في الأحياء المقدسية المختلفة، والتي كادت أن تصل لكل حي من خلال صناديق المرضى الإسرائيلية التي يصرف عليها طبقا لنظام التأمين الصحي التابع للاحتلال"، مؤكدا أن الاحتلال "يطمح إلى تحقيق الدمج الكامل بين الشطر الغربي للقدس المحتل عام 1948، والشرقي المحتل عام 1967".

مصادرة الهويات

وأبدى الخبير التفكجي، تخوفا شديدا جراء تصاعد حملة مصادرة هويات المقدسيين من قبل الاحتلال، والتي وصل عددها منذ احتلال القدس عام 1967 إلى 15 ألف هوية، مبينا أن الاحتلال ينظر إلى المواطنين الفلسطينيين بالقدس على "أنهم مواطنون أردنيون يعيشون في دولة إسرائيل، وذلك طبقا للقوانين التي فرضت على مدينة القدس منذ احتلاها".

وأشار إلى أن الاحتلال قام عام 1967، بـ"فرض منع التجول وإجراء إحصاء للفلسطينيين، حيث اعتبر أن هذا الإحصاء هو الحكم الأساس لمنح بطاقة الإقامة للفلسطينيين في القدس المحتلة".

وقال: "لهذا الإجراء دلالة خطيرة؛ فقد جعل جميع الفلسطينيين في القدس مقيمين داخل إسرائيل بطريقة غير شرعية، ثم سمح لهم بالإقامة في القدس كلفتة إنسانية مزعومة، وهو ما يعزز من تهويد المدينة المقدسة".

وأضاف: "بذلك يعتبرهم الاحتلال غير مواطنين، وإنما أجانب يقيمون بشكل دائم داخل إسرائيل"، وهو ما  جعل "كل مواطن مقدسي يقيم في مكان آخر، سواء خارج البلاد أم في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، لمدة طويلة نسبيا؛ يفقد حقه بالإقامة الدائمة في القدس".

وأشار التفكجي إلى أن "قانون الدخول إلى إسرائيل لعام 1974؛ يخول وزير داخلية الاحتلال بإلغاء الإقامة، سواء كانت مؤقتة أم دائمة، علما بأن المقدسيين يفقدون الإقامة الدائمة في حال الإقامة في دولة أجنبية لمدة سبع سنوات".
التعليقات (0)

خبر عاجل