كتاب عربي 21

هكذا هو أبو الغيط.. هكذا هي الجامعة

نزيه الأحدب
1300x600
1300x600
أما وقد أجمع وزراء خارجة الدول العربية على تعيين أحمد أبو الغيط أمينا عاما لجامعة الدول العربية، فما هي سمات المرحلة المقبلة للجامعة التي تطلبت وجود أبو الغيط على رأس هيكلها الإداري، وما هو الدور الذي سيضطلع به انطلاقا من مواقفه وخبراته التي راكمها على مدى ثمانية وأربعين عاما في السلك الدبلوماسي المصري، التي توّجها بحقيبة وزارة الخارجية في آخر عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

الأمين العام السلف نبيل العربي تم تعيينه في 15 أيار مايو 2011، أي في أوج الربيع العربي، فكان من الحكمة للنظام العربي المتوجس من تسونامي ثورات التغيير، أن يأتي بأمين عام للجامعة من الفريق المقبول لدى الجمهور الثائر، وهو كان عضوا في لجنة حكماء الثورة ثم عُين وزيرا للخارجية في حكومة عصام شرف، أي حكومة الثورة. ولعل الصفة الأبرز لنبيل العربي في الأروقة الدولية هي ما روجته الصحافة الإسرائيلية بأنه رجلٌ معادٍ لإسرائيل. فما هي "السُمعة" السياسية للأمين العام الموعود؟

أولا: لقد كان أحمد أبو الغيط صقرا، هادئا على طريقته، من صقور حسني مبارك منذ تعيينه وزيرا للخارجية عام 2004، وصوتَه المتعالي على جيرانه من العرب.

ثانيا: حرص في كتابه "شهادتي" الذي استعرض فيه الدور المصري في الكثير من القضايا من عام 2004 حتى 2011 على إظهار نفسه كشخصية مستقلة في الحكومة، وليس كأحد أذرع مبارك الذي كان يدرس بعناية مع أفراد أسرته الملفات الشخصية للمرشحين للوزارة قبل تعيينهم. وألبس نفسه في كتابه موقف المعارض لتوريث جمال مبارك رئاسة الجمهورية.

ثالثا: لم يحمل أبو الغيط بطاقة انتساب حزبي ولا فكر سياسي محدد، بل ظل وفياًلشخصية الموظف الحكومي الكلاسيكي الغارق في البيروقراطية التي طبعته بتقادم السنوات.

رابعا: في العلاقات مع إسرائيل، ورغم وصفه لها بالعدو عام 2010 إلا أن مواقفه المتطرفة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، جعلته مقبولا لدى الجانب الإسرائيلي، وما تزال صورته مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ماثلة في أذهان الكثيرين، حين خرجت في شهر كانون الأول ديسمبر 2008  من خلوتها الشهيرة مع الرئيس المخلوع حسني مبارك في قصره، ممسكة بيد أبو الغيط لتعلن التحرك العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة. كذلك يستذكر الجميع ويستنكر تصريحاته التي هدد فيها بقطع رِجل كل فلسطيني تسوّل له نفسه تجاوز معبر رفح، وذلك بعدما أقبلت بعض العائلات الغزّية إلى مدينة العريش لشراء الغذاء والدواء.

خامسا: في العلاقات مع دول الخليج العربي، عُرف عنه سعيه الدائم لتطوير العلاقات مع المملكة العربية السعودية التي كانت تنظر إليه بعين الرضا، لكن مواقفه اتسمت في مرحلة سابقة بالعدائية ضد دولة قطر، انطلاقا من تمسكه الأصولي بموروث النظام العربي القديم منذ أيام جمال عبد الناصر، وحتى نهاية حقبة حسني مبارك.

سادسا: لا يُعتبر أحمد أبو الغيط شخصية صديقة للإيرانيين، بل هو ينتمي إلى الفريق الذي يؤمن بوجود نزعة توسعية إيرانية في المنطقة العربية، يجب وضع حد لها. حتى إنه ردّ بعد ثورة 25 يناير على المرشد الأعلى للجمهورية في إيران السيد علي خامنئي، عندما قال إن أسباب اندلاع الثورة هي سياسة الرئيس مبارك الموالية للولايات المتحدة وإسرائيل، فوصف كلامه بأنه يكشف عن مكنون ما يعتمِل في صدر النظام الإيراني من أحقاد تجاه مصر ومواقفها السياسية، وقال إنه لم يفاجأ بما تضمنته خطبة خامنئي من تطاول على مصر.

في الخلاصة، هذه هي معالم شخصية الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية، الذي لا بد أن يكون اختياره مرتبطا بالبرنامج الجديد للجامعة، أقله خلال السنوات القليلة المقبلة، إذا أقبلت على الجامعة وإذا كان لديها برنامج عمل ما. لكن المؤكد هو أن أبو الغيط نفسه مندهش من قرار تعيينه، فهو عندما كتب مذكراته تحت عنوان "شهادتي"، كتبها على نية التخرج من الشأن العام. 
1
التعليقات (1)
أيمن عصمان ليبيا
الجمعة، 11-03-2016 12:43 م
أحسنت سيدي الكاتب ففي ظل الإنقلاب على الربيع العربي لن يجدوا أوسخ من هذا الشخص ليكمل المهمة