مقالات مختارة

حماس واتهامات الداخلية المصرية

1300x600
1300x600
 عام مر على إصدار القضاء المصري قرارا بتصنيف حماس منظمة إرهابية تم نقضه في وقت قياسي فيما بعد، برر القرار بتدخل حركة حماس بالشأن المصري، وتورطها في العديد من الأحداث التي رافقت سقوط الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إلا أن القرار عُدّ قرارا سياسيا عاكسا صراعا للأجنحة داخل النظام المصري.

المشهد ذاته يتكرر في اتهامات الداخلية المصرية؛ ولكن هذه المرة بشكل أكثر خطورة، فالاتهامات تشمل التورط بمقتل النائب العام المصري، والاتهام موجه من الداخلية المصرية وليس شكوى قضائية هذه المرة، وفي حين يرى مراقبون أن الاتهام يحمل طابعا سياسيا، يراه آخرون انعكاسا لصراع الأجنحة في النظام المصري، وآخرون اعتبروه محاولة للبحث عن عدو خارجي يسهل التعامل معه بدل الانشغال في الأزمات المتفاقمة داخليا وخارجيا.

توتير العلاقة مع حركة حماس والفلسطينيين بات نمطا يحكم العلاقة مع الحركة منذ تموز 2013، ويترافق مع محاولات مصرية لترتيب الأوراق الداخلية والخارجية؛ ورقة يتم الاستعانة بها كلما تأزمت الأمور في الساحة المصرية أو الإقليمية المحيطة في القاهرة، فمصر تعاني من أزمة اقتصادية ارتفعت فيها المديونية بشكل قارب 200 مليار دولار، مع انخفاض حاد في سعر الجنيه المصري إلى 10 جنيهات مقابل الدولار، وتعطل واضح في عجلة الإنتاج، يترافق ذلك مع انفجار صراع الأجنحة داخل النظام المصري بدا واضحا في الكثير من المفاصل السياسية انخرطت فيها المؤسسات المختلفة في الدولة في تحد بدا واضحا في كثير من الأحيان لسلطة الرئيس الممثل للسلطة الجديدة عبد الفتاح السيسي.

الأسوأ من ذلك كله تراجع الدور الإقليمي لمصر وعدم فاعليتها في التعامل مع أزمة سد النهضة؛ المشروع الذي تسير فيه أثيوبيا بخطى ثابتة دون أي اعتبار للمصالح المصرية، في المقابل فإن مصر تفقد دورها في الساحة الليبية لصالح دور قيادي واضح للجزائر التي تعمل على رسم معالم معادلة تتيح المجال لوقف الجهود الساعية للتدخل الخارجي في الساحة الليبية، الأمر الذي اضعف الدور المصري وقيده بشكل كبير.

مع تراجع الدور المصري في كل من سوريا والعراق واليمن، لم يبق الملف الفلسطيني المدخل الفعال للتعاطي مع الضغوط الداخلية والخارجية التي تعاني منها البلاد، مدخل بات نمطا ثابتا على مدى السنوات الثلاث الماضية، غير انه لا يعكس قوة وفاعلية دورها الإقليمي؛ بل يعكس التراجع الواضح في الدور الإقليمي لصالح تكتيكات ليس لها ترجمة استراتيجية على الأرض.

الملف الفلسطيني الورقة الرابحة المتبقية والملف الوحيد الذي تستطيع القاهرة أن تتكئ عليه لصياغة دور إقليمي ترتكز عليه في ظل أزمتها الداخلية وتراجع فاعليتها الإقليمية، غير أن المدخل السياسي للتعاطي مع الملف الفلسطيني يعكس الارتباك في السياسة الإقليمية الداخلية والخارجية؛ ومهد الطريق لأدوار إقليمية أكثر فاعلية، ما يفسر امتعاض القاهرة من أي دور تركي يضعف قدرتها على الاستفادة من الورقة الفلسطينية؛ أمر فاقمته المبادرة الفرنسية لإحياء حل الدولتين التي انخرطت فيها الرياض، في حين غابت القاهرة عن لعب أي دور فاعل في التعاطي مع هذه المبادرات والتوجهات، وزاد من مستوى الإحباط الدور الجزائري المتصاعد في ليبيا الذي قيد الدور المصري وحد من فاعليته.

مصر تعمق أزمتها الداخلية والخارجية بإنكار دائم لحقيقة الأزمة وعناصرها الأساسية، ويفاقم الأزمة عدم التوافق بين أجنحة النظام المصري وتصارعها؛ وهو ما بات واضحا في كل شأن من شؤون حياة المصريين؛ ولعل الإعلام هو ابرز الواجهات التي تكشف عن عمق هذا الصراع، فضلا عن انعدام التناسق والانسجام بين أجهزة الدولة المختلفة؛ فكل طرف يدفع باتجاه مختلف أو يسعى لتوظيف ذات الأوراق بطرق متعددة لتعزيز مكانته سواء في رسم السياسة العامة أو في الحصول على دعم أو شرعية خارجية أو داخلية؛ استعدادا لمرحلة بدأت استحقاقاتها تقترب مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واقتراب إثيوبيا من إنجاز مشروعها على نهر النيل.

عن صحيفة السبيل الأردنية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل