صحافة دولية

خبير أوروبي في "الغارديان": لا تضحوا بتركيا من أجل سوريا

غوينو: في العاصفة الجيوسياسية تركيا والغرب في قارب واحد - أ ف ب
غوينو: في العاصفة الجيوسياسية تركيا والغرب في قارب واحد - أ ف ب
دعا مدير مجموعة الأزمات الدولية جين ماري غوينو الغرب إلى عدم التضحية بتركيا من أجل إنقاذ سوريا

ويقول غوينو في تقرير نشرته صحيفة "الغارديان"، إن آثار الحرب في سوريا انتشرت إلى تركيا، من خلال التفجيرات الانتحارية، وزيادة العنف الإثني- الطائفي، وتأتي في وقت تتسم فيها علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالهشاشة، وتقف على حافة مواجهة مع عدوها التاريخي روسيا.

ويضيف الكاتب أنه "مع مقتل 28 شخصا في هجوم 17 شباط/ فبراير، على الجنود الأتراك في أنقرة، فإنه يبدو أنه لا نهاية لسوء طالع تركيا، وهناك سيناريوهات تنتشر في العاصمة التركية تضم مواجهة جديدة، الـ14 بين روسيا وتركيا، فيما تعيش البلاد انقساما واستقطابا، ويترافق هذا كله مع استمرار موجات المهاجرين". 

ويتابع غوينو قائلا: "حان الوقت كي يتم فيه التركيز على تركيا، فرغم مشكلاتها كلها، فإنها تظل عماد الاستقرار للكثير من الخطوط الجيوسياسية المتداخلة اليوم، بين الغرب وروسيا، وبين الشرق الأوسط وأوروبا، وبين النظام العالمي القائم والبديل عنه، وهو العنف المتطرف".

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بعض أجزاء أزمة تركيا هي من صنع قادتها، مستدركا بأن هناك حاجة لكي يتدخل أصدقاء تركيا لوقف الحلقة المفرغة التي تجرها نحو الهاوية، إما من خلال الزيارات على مستوى عال، أو الدعم المالي من أجل مواجهة أزمة اللاجئين، أو العمل على أرض الواقع.

ويقول غوينو إنه من جانب الغرب، فإن المصالح الحقيقية لتركيا والولايات المتحدة وأوروبا، تكمن دائما بعلاقة مستمرة ومتداخلة ومستقرة.

وتلفت الصحيفة إلى أن الصلات التي تجمع المصالح الأمريكية والأوروبية والتركية لم تتغير؛ فهناك 80 مليون شخص يعيشون في الجزء الجنوبي الشرقي لأوروبا، التي تعد تاريخيا واحدة من الديمقراطيات وذات الرؤية العلمانية والمتقدمة اقتصاديا على 57 دولة في العالم الإسلامي. 

ويقول الكاتب: "يجب أن ينظر لمشكلات تركيا عبر هذا المنظور، فلا يزال الاقتصاد التركي يضم نمورا في التصنيع، ويتميز مطار اسطنبول بحركة الطائرات التركية، التي تعد من أكبر شركات الطيران نجاحا، وهي أفضل خطوط الطيران الأوروبية، وللسنة الخامسة على التوالي،
ويعلمنا التاريخ الحديث أن تركيا لن تنهار أو تتخلى عن أي من أراضيها بالقوة".

وينوه التقرير إلى أن تركيا تعد عضوا كامل العضوية في حلف الناتو منذ عام 1952، حتى لو لم تتفق أنقرة وحلفاؤها دائما، فقرار الدول الغربية غزو العراق عام 2003، أو ضرب ليبيا عام 2011، جاءا على غير رغبة تركيا، التي كان موقفها، كما يتضح الآن، حكيما، وبالنسبة لسوريا، فقد استعجلت تركيا بمعاداة نظام الأسد بطريقة لا رجعة فيها، مستدركا بأن التاريخ سيحكم على قرار الغرب بتجاهله نصيحة أنقرة وعدم اتخاذ فعل قوي وباكر في سوريا.

وتجد الصحيفة أن نقطة التحول الخطيرة واضحة الآن في شمال سوريا، حيث تواجه تركيا تحديات نابعة من المقاتلين الأكراد وروسيا وإيران، مشيرة إلى أن التحركات غير الصائبة التي قامت بها كل من تركيا والولايات المتحدة أثرت على علاقة تركيا بالغرب.

ويتهم غوينو أوروبا والولايات المتحدة بالتعجل في سياسة تقوم على اعتبار تنظيم الدولة عدوا رئيسيا تجب مواجهته، مهما كان الثمن.

ويعتقد الكاتب أن "هذا التشخيص ليس صحيحا، فوحشية التنظيم ليست إلا نتاجا للتشخيص الرهيب السابق، والسياسات السيئىة، وفراغ السلطة في قلب الشرق الأوسط، فقد قتل النظام نساء، وقصف في سوريا أكثر مما قتل تنظيم الدولة".

ويجد التقرير أن "النظر للأمور عبر منظار تنظيم الدولة يوقع الدول في مصيدة دعاية الجهاديين، ومن هنا فإن الخيار الذي يعطي أولوية لتنظيم الدولة يهدد بخسارة تركيا المستقرة والمزدهرة، ومن هنا فأي سياسة ناجحة متعلقة بسوريا يجب أن توسع مداها، وتدمج المنظور التركي. ومن هنا يجب على تركيا والغرب تجاوز خلافاتهم المتعلقة بالأكراد السوريين، فباسم مكافحة تنظيم الدولة تتعاون أمريكا، وبشكل قريب، مع قوات حماية الشعب التركي التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، رغم أنه تابع لحزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، الذي يقود تمردا عمره 31 عاما ضد تركيا، وتصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنه جماعة إرهابية".

وترى الصحيفة أنه "يجب على الحكومات الغربية تقريب سياستها ومحاسبة تركيا بناء على القانون الدولي فيما يتعلق بالمعايير الدولية، خاصة فيما يتعلق بالحكم وحقوق الأكراد، والذهاب أبعد لإقناع تركيا باستئناف العلاقات مع حزب العمال التي انهارت العام الماضي، لكن عليهم الاعتراف، الغرب، بأن (بي كا كا) أدى دورا في تخريب اتفاق وقف إطلاق النار، فقد كانت لديه طموحات واسعة من الحصول على دعم من الغرب، كما حصل أكراد سوريا على الدعم منهم".

ويورد غوينو أن تركيا تعتقد أن روسيا وإيران تدعمان حزب العمال؛ لأنهما تريان فيه وسيلة لتخريب البلاد، وتقومان بطريقة انتهازية باستخدام الأزمة السورية لإضعاف علاقة تركيا مع الغرب، أي خلق أزمة داخل الناتو، وتقوم الطائرات الروسية بشكل مستمر بالتحليق قرب الحدود التركية السورية؛ من أجل استفزاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "عصبي المزاج".

ويذهب التقرير إلى أن "أردوغان يحتاج إلى التعاون بشكل بناء مع حلفائه الغربيين، الذين تعتمد تركيا في أمنها على حسن نواياهم، ويجب عليه احترام السلام مع (بي كا كا)، ويتوصل إلى اتفاق مع حزب الاتحاد الديمقراطي بشكل يحقق أمن الحدود التركية".

وتفيد الصحيفة بأنه ينبغي على الدول الغربية أن تعود إلى رؤيتها الاستراتيجية الطويلة الأمد، وتحذر "بي كا كا" من أن زعزعة استقرار تركيا ليست مقبولة، ودفعة للعودة إلى طاولة المفاوضات، ومساعدة تركيا على تخفيف التصعيد مع روسيا، وبناء جبهة واسعة أوروبية- تركية. 

ويقول الكاتب: "لا أحد يعرف مستقبل انتماء تركيا للاتحاد الأوروبي، فالنتائج غامضة منذ موافقة أنقرة على عملية الاندماج منذ عام 1963، ونظرا للمشكلات المتعددة داخل الاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعني ألا شهية لتوسيع عضوية الاتحاد في الوقت الحالي، لكن التقدم في التفاوض يعطي تركيا أجندة قوية للإصلاح يمكن العمل عليها".

ويذكر التقرير أن أوروبا منحت تركيا 3 مليارات يورو للمساعدة في مواجهة تدفق اللاجئين، مستدركا بأن الثمن سيكون أعلى ومكلفا لو وصلت معضلة الشرق الأوسط إلى تركيا، ليس فقط من ناحية الثمن، لكن كما في التسعينيات من القرن الماضي، بدفعات من اللاجئين الأكراد الأتراك.

ويخلص غوينو إلى دعوة الدول الغنية والمستقرة أكثر من تركيا، إلى أخذ زمام المبادرة وتولي الدور القيادي، "فالحرب السورية مأساة دولية متراكمة، وفي العاصفة الجيوسياسية فإن تركيا والغرب في قارب واحد".
التعليقات (1)
abouyahia
الإثنين، 29-02-2016 10:01 م
AMERICAN hidden agenda is the destruction of the Sunni word in favour of Iran and its allies as well as the kurdish population