قضايا وآراء

منتدى أفريقيا: آلام ملحوظة وآمال موهومة

أشرف دوابه
1300x600
1300x600
نظمت مصر فعاليات منتدى التجارة والاستثمارات الأفريقي (أفريقيا 2016) الذي تم افتتاحه السبت الماضي بالتعاون مع منظمة الكوميسا بمدينة شرم الشيخ، تحت مظلة مفوضية الاتحاد الأفريقي، وقد أشار رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي في كلمته إلى ارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الأفريقية أكثر من خمسة أضعاف خلال الأعوام العشرة الأخيرة، وأن الاستثمارات المصرية في الأسواق الأفريقية بلغت أكثر من ثمانية مليارات دولار، كما وصل حجم تجارة مصر مع أفريقيا إلى خمسة مليارات دولار، مستهدفا  مضاعفته خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

ورغم هذه الأرقام المتواضعة فما زال الإعلام يضخم من حجم هذا المنتدى الذي اقتصر الحضور فيه على رؤساء ست دول هى السودان، ونيجيريا، وتوجو، والجابون، وغينياالاستوائية، ورئيس وزراء إثيوبيا، ومشاركة 1200 شخص جلهم من أفريقيا. ولو كان ينتظر من وراء هذا المنتدى خيرا لكان الأولى بذلك مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذي عقد أيضا بمدينة شرم الشيخ في مارس 2015 وشارك فيه 89 دولة وبلغ عدد الحاضرين فيه 1500 شخص وتصدرت فيه الولايات المتحدة والصين وإيطاليا وبريطانيا قائمة الدول من خارج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعلن فيه عن تعاقدات وتفاهمات على لسان وزير الاستثمار المصري بلغت 175.2 مليار دولار لم يأت منها بعد التضخيم الإعلامي وتخدير الشعب باسم الرخاء سوى ودائع خليجية بمبلغ 6 مليار دولار.

ولا أحد ينكر قيمة الاستثمار والاستفادة القصوى من الأسواق في القارة السمراء العمق الجغرافي لمصر ولكن الواقع يكشف تدنى العلاقة الاقتصادية بينها وبين مصر، فوفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن العام 2014 انخفضت الصادرات المصرية لدول حوض النيل بنسبة 12.4% ولدول تجمع الساحل والصحراء بنسبة 11.8%، ولدول الكوميسا بنسبة 15.6%، وفي المقابل ارتفعت الواردات المصرية من دول حوض النيل بنسبة 35.5%، ومن دول تجمع الساحل والصحراء بنسبة 20%، ومن دول الكوميسا بنسبة 2% وهو ما يعكس أن الميزان التجاري مع تلك التجمعات ليس لصالح مصر.

وكشفت تصريحات طارق قابيل وزيرالتجارة والصناعة عن حجم الصادرات المصرية إلى أفريقيا خلال عام 2014 حيث بلغت نحو 3.9 مليار دولار بنسبة 14.7% من إجمالي الصادرات المصري، وتراجعت الصادرات المصرية إلى أفريقيا بنسبة 10.4% خلال 2014، مقارنة بـ2013 والذي بلغت خلاله قيمة الصادرات 4.3 مليار دولار. وتراجعت قيمة الواردات من أفريقيا لتسجل 1.2 مليار دولار خلال 2014، مقابل 1.4 مليار دولار في 2013 بنسبة انخفاض 13.1%. وقد انعكس تراجع الصادارت والواردات على انخفاض حجم التبادل التجاري بين مصر ودول إفريقيا ليسجل 5.1 مليار دولار في 2014 مقابل 5.8 مليار دولار في 2013 وبنسبة تراجع 11.1%.

وذكر علاء عمر الرئيس التنفيذى لهيئة الاستثمار، أن حجم الاستثمارات الأفريقية في مصر لم يتجاوز 2.8 مليار دولار، فيما بلغت الاستثمارات المصرية في أفريقيا 7.8 مليارات دولار في عدد من القطاعات على رأسها مواد البناء والأدوية والأجهزة الكهربائية، مؤكدا أن الاستثمارات المتبادلة لا ترقى للعلاقات المشتركة. وهذا يعني أن نسبة الاستثمارات الأفريقية في مصر لا تتعدى نسبة 2% من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا والتي تبلغ نحو 128 مليار دولار.

إن هذا الملتقى ما هو إلا حلقة في سلسلة إلهاء وتخدير الشعب المصري التي احترفها السيسي بمشاريعه السرابية، وما هو إلا تغطية على مآسي التفريط في حق مصر التاريخي في النيل، من خلال الاتفاقية التي وقع عليها السيسي وأشاد بها رئيس وزراء إثيوبيا في هذا المنتدى، كما أنه من عجائب هذا المنتدي أن يشيد السيسي بجهود التنمية في غينيا الاستوائية والعجب الأكبر أن يعلن استعداد مصر لتقديم الدعم اللازم لهذه الجهود ، وهو في الأصل لا يملك مشروع تنمية وأدخل مصر في ظلال الدول الفاشلة.

بل إن السيسي يعلن تحقيق التنمية الشاملة عام 2063، حتى يعيش الشعب في مزيد من الوهم والهم الذي يبيعه لمن لا عقل له، ويقضي على الأجيال جيل بعد جيل باسم سراب الرخاء كما هو منهج العسكر منذ الخمسينيات من القرن الماضي، بل إنه في خضم الأزمة الدولارية الخانقة التي تضع مصر على أبواب الإفلاس يقدم  100 مليون دولار لبنك التنمية الأفريقي لتنمية برنامج القطاع الخاص في أفريقيا وهو في مصر يقضي على هذا القطاع لصالح العسكر، علما بأن السيسياقترض من ذات البنك 500 مليوندولار منذ أيام، وهو بذلك يتصرف في هذا المال دون أن يرجع أو يشتشير أحد وكأنه ماله الخاص يتصرف فيه كيفما يشاء، دون مراعاة لحال المصريين التي اكتوت ظهورهم بالغلاء وأصبح نصيب كل فرد فيهم من الدين العام 29 ألف جنيه، وهذا ليس إلا من باب السفه المالي الذي يسهم بصورة جلية في ضياع الاقتصاد والبلاد.
التعليقات (0)