أكدت 18 منظمة حقوقية مصرية أنهم يعملون في مناخ قمعي والدولة تسعى للتنكيل بهم بشتى الطرق، مضيفين أن الحركة الحقوقية المصرية تتعرض لتهديدات وحرب غير مسبوقة دفعت بعض المنظمات والجمعيات الأهلية إلى وقف نشاطها أو تغيير مسار عملها، أو نقل معظم أنشطتها إلى خارج مصر، الأمر الذي أضحى معه مجرد إصدار تقرير من تلك المنظمات قد يشكل تهديدا حقيقيا لوجودها.
واعتبروا -في بيان لهم الاثنين- أن
مركز النديم لتأهيل
ضحايا العنف والتعذيب يتعرض لهجمة شرسة وتهديدات تستهدف عرقلة عمله، بسبب نشره تقارير دورية عن حالات التعذيب وأوضاع السجون في مصر، ودوره الدؤوب في حصر أعداد ضحايا العنف والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والحاطة من الكرامة في أماكن الاحتجاز، سواء من قِبل وزارة الداخلية أو غيرها من الأجهزة الأمنية بشكل منهجي غير مسبوق.
وعقد مركز النديم الأحد 21 شباط/ فبراير مؤتمرا صحفيا بمقر نقابة الصحفيين، حضره العديد من أهالي ضحايا التعذيب، وعدد من الداعمين لدور المركز وموقفه، فضلا عن مجموعة من الشخصيات العامة والحقوقية والدبلوماسية.
وخلال المؤتمر، استعرض المركز تفاصيل ما تعرض له الخميس الماضي، حيث توجه عدد من رجال الأمن بصحبة موظف من حي الأزبكية لمقر المركز بشارع رمسيس، لتنفيذ قرار بغلق عيادة النديم، بناء على قرار من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، فيما طالب محامي المركز بتأجيل قرار الغلق حتى اليوم الاثنين الموافق لحين استيضاح الأسباب.
وكان مركز النديم قد أصدر في كانون الثاني/ يناير الماضي تقريرا بعنوان "حصاد القهر" حول انتهاكات وزارة الداخلية وقوات الأمن على مدى عام 2015، وتضمن التقرير الإشارة لـ 328 حالة قتل خارج مقار الاحتجاز و137 حالة قتل داخل مقار الاحتجاز. وقد لاقى التقرير اهتماما إعلاميا بالغا، بسبب ما تضمنه من بيانات ومعلومات حول انتهاك وزارة الداخلية وقوات الأمن للحق في الحياة والحق في سلامة الجسد والأمان الشخصي. وهو الأمر الذي كان المحرك الرئيسي لاستصدار قرار الغلق، بحسب البيان.
وقالت المنظمات إن ما يتعرض له مركز النديم يأتي في إطار هجوم أوسع وضار تشنه الحكومة والأجهزة الأمنية المختلفة ضد المنظمات الحقوقية المستقلة، بدأته وزارة التضامن الاجتماعي في تشرين الثاني / نوفمبر 2014 بمحاولة إجبار تلك المنظمات على التسجيل تحت قانون الجمعيات الأهلية الذي وصفوه بالقمعي رقم 84 لسنة 2002.
وتابع البيان: "فيما نجحت الضغوط المحلية والدولية في تمرير موعد انتهاء المهلة المحددة من قبل الوزارة لإنهاء عمليات التسجيل (10 تشرين الثاني/نوفمبر 2014)، دون أي عمل عدائي يُذكر من الحكومة، جددت الدولة، خلال أقل من شهر من ذلك التاريخ، هجمتها على المنظمات الحقوقية عن طريق إعادة إحياء قضية التمويل الأجنبي 2011، والتي على خلفيتها قرر قاضي التحقيق في 2014 منع أربعة من العاملين بالمعهد المصري الديمقراطي من السفر، وتبع ذلك –على مدى عام 2015– أكثر من استدعاء للتحقيق لموظفين آخرين في منظمات حقوقية أخرى من بينها مركز القاهرة لدراسات
حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون.
ولا تزال تلك الحملة مستمرة، فقبل أسبوعين فقط تم منع الناشط الحقوقي البارز جمال عيد، المحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، من السفر بأمر من النائب العام، ودون إخطار مسبق أو إبداء أسباب".
وجددت المنظمات تضامنها الكامل مع مركز النديم الذي أكدت أنه يحتل مكانة محورية وأساسية في الحركة الحقوقية، معلنة استمرار دعمها وتوفير مواردها له في حالة غلقه، ليتمكن من الاستمرار في دعم المظلومات والمظلومين والناجيات والناجين من جرائم التعذيب وجرائم العنف الجنسي.
واستطردت قائلة: "إن اتباع الدولة لسياسة القتل البطيء لمنظمات حقوق الإنسان يهدف في المقام الأول إلى إخراس كافة الأصوات النقدية لسجلها المشين في حقوق الإنسان، ومحاولة لإسكات أحد آخر المنافذ التي تعمل على إنصاف الضحايا، دون النظر لتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية".
وأردفت: "محاولة غلق مركز النديم بسبب فضحه لجرائم وزارة الداخلية لن يوقف الفضيحة التي فشلت الدولة بأجهزتها الإعلامية والأمنية في إخفائها، لتصبح المحاسبة وحدها عن تلك الجرائم هي الملاذ الأخير لوقف التدهور المستمر والمتسارع لأداء الجهاز الأمني في مصر والذي يقود البلاد إلى الهاوية".
ووقع على البيان كل من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومجموعة المساعدة القانونية لحقوق الإنسان، والمركز المصري لدراسات السياسة العامة، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز قضايا المرأة المصرية، ومركز وسائل الاتصال من أجل التنمية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والمنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومؤسسة الحقانية للحقوق والحريات، ومؤسسة المرأة الجديدة، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ونظرة للدراسات النسوية.