إذا نفذت السعودية قرارها بإرسال الآلاف من جنودها إلى سوريا، في مارس المقبل، في إطار قوات برية مشتركة تضم دول "التحالف الإسلامي" الذي أعلنت عنه منذ أسابيع، فستكون المنطقة مقبلة على حرب قد تدوم سنوات وتنتهي بأضرار كبيرة لدولها جميعا.
هذا التدخّل، الذي تنخرط فيه قواتُ 11 دولة من بلدان التحالف الـ35، سيستهدف "داعش" في المرحلة الأولى، لكنه سيتوجّه لاحقا إلى دعم المعارضة السورية ومساعدتها على الصمود في حلب ومنع سقوطها، ولاستعادة العديد من البلدات التي خسرتها منذ التدخل الروسي في 30 سبتمبر 2015 إلى الآن. وقد عبّر مسؤول سعودي عن ذلك بقوله: "إذا أنزلت القوات المشتركة الهزيمة بداعش، فيمكنها إعادة التوازن إلى ساحة القتال بسوريا ونشر السلام". وهذا الهدف يتحقق بمواجهة الجيش السوري وحلفائه في معارك تقليدية ضارية، تكون القواتُ التركية والسعودية رأس الحربة فيها، ويكون دورُ باقي قوات التحالف ثانويا .
وبالمقابل، يُنتظر أن تدخل إيران بعشرات الآلاف من جنودها لتخوض بدورها حربا مباشرة مع قوات التحالف وتمنع حليفها السوري من السقوط. وقد يدفع حزبُ الله بقوات أكبر، وتستفيد هذه الأطراف من دعم جوّي روسي مكثف يعيق "القوات المشتركة" عن التقدّم وقد يرجّح كفة الجيش السوري وحلفائه، إذا لم تتدخل الولايات المتحدة بفعالية ضد روسيا.
إذا تدخلت أمريكا إلى جانب حلفائها، فقد تقع مواجهات بينها وبين سلاح الجو الروسي، لكن يُستبعد أن يتطوّر ذلك إلى حرب طاحنة بين الطرفين تتوسّع لاحقا إلى حلف الناتو والصين لتنزلق مختلفُ الأطراف إلى حرب عالمية ثالثة كما يتوقع بعضُ المتتبعين؛ إذ يُستبعد أن تخوض أمريكا وروسيا حربا مدمِّرة بينهما لأجل تحديد من يحكم سوريا. والأرجح أن تكتفيا بمناوشات محدودة، وأن تقتصر الحرب على دول المنطقة ويمتدّ اللهيبُ إليها كلها، وتكون الصواريخ بعيدة المدى أحد أسلحتها الرئيسة وخاصة من جانب إيران وحلفائها، وأن تدفع دولُ المنطقة وحدها فاتورتها الثقيلة من دم أبنائها وثرواتها وقوت شعوبها، وستكون شركات السلاح الغربية الرابحَ الأكبر منها.
وإذا استمرّت الحرب سنوات، وهي مرشحة لذلك بحكم التلاعبات الدولية، فستُنهِك دولَ المنطقة كلها دون استثناء، ولا تجني سوى الخراب والدمار والمزيد من الوهن والضعف، وربما مئاتِ الآلاف من القتلى الذين ستضيع دماؤُهم هدرا في حرب خاسرة عوض أن يستشهدوا دفاعا عن الأقصى وفلسطين.
وقد يكون من مفارقاتها أن "تبقى" داعش و"تتمدّد" عوض أن يُقضى عليها، لانشغال أطراف الحرب عنها ببعضها بعض، وقد تصبح الفرصة مواتية للغرب لتنفيذ مخطط "سايكس بيكو 2" ووضع خارطة جديدة للمنطقة وإقامة الكثير من الدويلات الجديدة على أسُس طائفية وعرقية، على أنقاض الدول التي قد تفكِّكها الحرب، لاسيما أن هناك أطروحات غربية تتردّد منذ أشهر وتروّج لنهاية صلاحية مخطط "سايكس بيكو 1" الذي وُضع منذ قرن كامل، وتدعو إلى إعادة تقسيم الدول الإسلامية إلى دويلات كثيرة لدرء أي خطر محتمل على الكيان الصهيوني.
نأمل صادقين أن تكون توقعاتنا خاطئة، أو أن تحدث معجزة تمنع اندلاع هذه الحرب.
1
شارك
التعليقات (1)
eid
الأربعاء، 10-02-201612:51 م
وما هو الحل من وجهة نظرك أيها الأقرع؟ . هل نترك المجوس والكلاب يتجولون في بلادنا؟.