لم يمر الخبر الذي نشرته وكالة الأنباء
السودانية الرسمية حول العلاقة مع إسرائيل مرور الكرام في السودان الذي طالما رفض الحديث عن علاقة ثنائية بين البلدين.
اللافت في الأمر أن الحديث جاء على الوكالة الرسمية السودانية (سونا) في حوار للحزب الحاكم (الحوار الوطني) بداخل لجنة العلاقات الخارجية.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية إبراهيم سليمان في تصريحات صحفية إن الاجتماع شهد مداخلات من 41 شخصا داخل اللجنة، مبينا أن الاجتماع استمع إلى أربعة آراء تمثلت في الدعوة إلى تطبيع العلاقة مع إسرائيل ورأي آخر بإقامة علاقات طبيعية معها باعتبارها إحدى دول العالم أو علاقة مشروطة معها، فضلا عن رأي يدعو إلى عدم إقامة أي علاقة معها، وأضاف إبراهيم أن غالبية أعضاء اللجنة يدعمون الرأي القائل بضرورة إقامة علاقات طبيعية مشروطة مع الدولة العبرية باعتبار أن جامعة الدول العربية تدعم هذا الاتجاه. وقال عضو اللجنة إن القضية لم تحسم بعد مبينا أن النقاش لا زال مستمرا بين الأعضاء.
ونوه عضو لجنة العلاقات الخارجية، إبراهيم سليمان، إلى تفاوت آراء المؤتمرين بين الدعوة إلى تطبيع تام مع إسرائيل، وبين رافض له جملة وتفصيلا، مع وجود أصوات لا تمانع من التطبيع وفق اشتراطات محددة، واصفاً الأصوات الرافضة للتطبيع داخل اللجنة بالضعيفة.
وقال: "لا نستبعد أن يكون التطبيع مع إسرائيل من ضمن التوصيات النهائية، وحال أقر الأمر فسيتم تضمينه في الدستور".
وتساءل: "الولايات المتحدة وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، وإذا كانت الحكومة تشدد على إقامة علاقة مع أمريكا فلماذا لا تقيم علاقات مع إسرائيل؟".
وثار الأمر مرة أخرى عندما قال وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إن بلاده لا تمانع في دارسة إمكانية التطبيع مع إسرائيل، وقطع بأن السودان لا يرهن علاقاته بدولة على حساب أخرى، وأن الصلات مع الولايات المتحدة الأمريكية ظلت متأرجحة على مر الحكومات بما يؤكد عدم وجود إستراتيجية محددة تحكم الوشائج بين الخرطوم وواشنطن، وقال إن العلاقات الثنائية بين البلدين أقرب إلى "العدائية".
كلام غندور جاء في حوار، حول العلاقات السودانية الأمريكية، بعد مداخلة من أحد الحاضرين الذي قال إن أمريكا ترى أن السودان يحرجها بسبب علاقته السيئة بتل أبيب، ليرد غندور بأنه "يمكن إخضاع هذا الرأي للدراسة"، لكنه أكد أن السودان لا يرهن علاقاته مع دولة على حساب دولة أخرى.
أما المتحدث باسم الخارجية السودانية، علي الصادق، فرفض الربط بين دعم القضية الفلسطينية وبين تصريحات الوزير، مشيرا إلى أن "حديث وزير الخارجية بشأن التطبيع مع إسرائيل خلال محاضرة انعقدت الأسبوع الماضي، أخرج من سياقه".
وأضاف: "دعم السودان حكومة وشعباً للقضية الفلسطينية يعلمه القاصي والداني ولم يحدث فيه تغير وسيظل".
واعتبر الكاتب السوداني خالد الكسلا أن الحديث عن التطبيع مع إسرائيل يأتي في سياق مصالح بعض الأفراد في الحكم الحاكم، وأن حديث الغندور كان ردا على مداعبة.. لكنها سرعان ما فتحت شهية أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالحزب للحديث "بلذة" عن التطبيع مع إسرائيل.
وفي مقال له، قال الكسلا إن "أكثر من 40 عضواً تركوا في ذلك الوقت الحديث المهم عن علاقات السودان الدبلوماسية في مناخ عقد مؤتمر الدبلوماسية السودانية، ليبحثوا كيف يمكن أن تستفيد البلاد من علاقاتها بالخارج أمنياً واقتصادياً".
وتابع بأن "استضافة بعثة دبلوماسية إسرائيلية حتى ولو بشروط، كما يقول بعض أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بالحوار الوطني، يمكن أن نندم عليها كما ندمنا على استضافة السفارة الإيرانية".
وتساءل: "هل يكون التطبيع بالشروط أفضل من تطبيع مصر مع إسرائيل؟ نحن نعلم أن اتفاقية كامب ديفيد تتبع لها ملحقات سرية.. وهي منفذة الآن.. إسرائيل لن تقبل عرضاً دبلوماسياً انهزامياً يمثل واحداً من مخرجات الحوار الوطني بشروط.. فهل اخترقت إسرائيل من بعض المشاركين في الحوار الوطني؟!".